Monday 11th October, 1999 G No. 9874جريدة الجزيرة الأثنين 2 ,رجب 1420 العدد 9874


أثر المخدرات على المصالح الخمس الضرورية للعباد
النقيب/ أيوب حجاب بن نحيت*

مدخل:
لم ولن اجد مدخلاً أحق بالكتابة من ذكر بعض ماقاله صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية في إحدى كلماته في مؤتمر يخص القضايا الامنية حيث قال سموه:
ايها الإخوة,.
أثق ان الجميع، والكلام لجميع مواطني المملكة وللمقيمين على ارضها وللمتعاملين معها، اثق ان الجميع يعرفون انه لايوجد على الارض جريمة اكبر واشد واشرس من جريمة المخدرات,, ولايوجد شر ووباء اكثر من هذا.
إن هنالك في الماضي والحاضر كوارث تأتي رغماً عن الانسان ولكنها مهما كانت آثارها ونتائجها فإنها تكون محدودة التأثير بحكم زمنها المحدود، هنالك زلازل، هنالك فيضانات، هنالك كوارث طبيعية، وهنالك اوبئة ولكنها تعالج وتنتهي، هنالك امراض تصيب عقل الانسان ولكن يظل جسمه سليماً فيهديه الله ويصبح انساناً سوياً، وهنالك امراض تصيب جسم الانسان ويظل عقله سليماً فيعالج فيشفيه الله، ولكن ما بالنا في امر يقضي على العقل والجسم معاً.
المخدرات تؤثر على عقل الإنسان وجسمه وتبدد ماله فيصبح عديم الفائدة لنفسه ولاسرته ولوطنه، كيف نقف امام هذا الامر موقفاً سلبياً؟ كيف نقبل هذا الامر؟
ايها الاخوة,.
ان شبابنا الرجال منهم والنساء هم امل المستقبل,, فكيف نعتمد عليهم وهم مصابون بهذا الوباء الخبيث القاتل.
ايها الاخوة.
انني هنا ادعو الجميع ان نقف وقفة واحدة وان نكون رجال مكافحة مخدرات واطلب من الرجل والشاب والمرأة والفتاة ان يكونوا جميعاً مجندين لمكافحة المخدرات كل حسب مقدرته، والا يكون موقفنا سلبياً بأي حال من الاحوال .
ايها الاخوة,.
انني ارجو ان نهب ونقف وقفة واحدة، افراداً وجماعات لمكافحة المخدرات لان الانسان يمكن ان يجد من هو عزيز عليه قد غرر به ليتعاطى هذه السموم التي تقضي على عقله وجسمه وتجعل منه شبحاً ضائعاً.
الواقع ان مانطلع عليه كمسئولين عن الامن هو ان كثيراً من جرائم القتل وجرائم الاعتداء على الاعراض والسرقات والحوادث سببها تعاطي المخدرات بمختلف انواعها، اذ ان المخدرات في حد ذاتها مرض وسبب في احداث جريمة او جناية اخرى، فكيف نقبل هذه الحقيقة، لقد كنت انتظر من وسائل الاعلام ورجال القلم ان يتحركوا لدرء هذا الشر وهذا الوباء الذي لايماثله اي شر او وباء في الدنيا، ولكن للاسف لم يكن ماقاموا به بالمستوى الذي نتوقعه.
لقد وظفت الاموال لمواجهة هذا الوباء، واقول اننا فتحنا المجال مع المؤسسات التي لها علاقة بدرء هذا الشر قبل وصوله الى بلادنا، وهذا لايغني عن جهود المواطنين وتكاتفهم لمنع هذا الوباء من الانتشار في بلادنا.
ايها الاخوة,.
نحن مصممون على ان نكون اقوياء وان نواصل جهودنا ونوسعها من اجل مكافحة المخدرات ومهربيها ومستقبليها.
نايف بن عبدالعزيز
هذا ما قاله سمو وزير الداخلية عن آفة العصر.
والمخدرات بوجه عام هي عبارة عن: مواد طبيعية (خام او مزروعة) او مواد مصنعة (كالعقاقير المستحضرة) تحتوي على عناصر منبهة او مسكنة بحيث تسبب لمتعاطيها فقدانا كليا او جزئيا للادراك وتؤثر على على العقل وتحدث فتوراً وانهاكاً للجسم، وتجعل الشخص المتعاطي يعيش في خيال وأوهام فترة وقوعه تحت تأثيرها، كما تؤدي مع التعاطي المستمر الى حالة من التعوّد او الادمان مما يترتب على ذلك ضرر بالفرد والمجتمع جسميا ونفسياً واقتصادياً.
اما الاعتماد او الادمان فإنه الحاله النفسية او العضوية التي تحدث اثر تفاعل العقار في جسم المتعاطي ومن اهم خصائصه:
-تشوق وحاجة مكرهة ليتعاطي المخدر والحصول عليه بجميع الوسائل.
-نزعة لزيادة الجرعات المتعاطاة (وهذا هو هدف المهرب والمروّج)
- خضوع وتبعية جسدية ونفسية لمفعول المخدر.
-ظهور عوارض النقص عند الانقطاع الفوري عن المخدر.
إثر المخدرات على المصالح الضرورية الخمس للعباد:
1-ضررها على الدين:
إن ضرر المخدرات والمسكرات على الدين واضح وأهمها البعد عن ذكر الله سبحانه وعن الصلاة قال تعالى :إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ومن استسلم لداء المخدرات والمسكرات التي هي رجس من عمل الشيطان وسقط في مستنقعاتها افسدت عليه دينه فيختفي لديه الوازع الديني ويختل تفكيره ويتحول الى شخص لا اخلاق له ولادين لان عقله اصبح اسير شهواته فلايردعه وازع من دين ولاضمير لان احساسه يتلاشى وغيرته الدينية تموت بمخالفة أمر الله تعالى وانحرافه عن الطريق السوي الذي كان يجب عليه ان يسلكه لأداء مهمته والامانة التي حمّله الله إياها في هذه الحياة وأمره ان يؤديها على الوجه الذي اراد, واذا ما اعتاد الانسان على مخالفة امر المولى عز وجل فقد ينتهي به المطاف الى استواء الطاعة والمعصية لديه ويوجه همه الى اشباع نزواته التي اصبحت تتحكم في سلوكه وتقوده الى الاستخفاف بالجريمة وارتكابها، بل قد يصبح معلماً لها وداعياً اليها, ليسهم في تعليم الآخرين انماطها وفنونها وبذلك لايقتصر حينئذ تأثير انحرافه علىنفسه, بل يتعداه الى مجتمعه فيبدؤون بهدم صفوف المجتمع لانهم تحولوا من عبادة الله الواحد الاحد الى عبادة الشهوات, ومن جنود اوفياء للاسلام والمسلمين الى عملاء يأتمرون بأمر اعدائه وينتهون بنهيهم ويسعون لتحقيق اغراضهم.
2- مضار المخدرات على النفس:
قال تعالى :ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة وقضى بالقصاص ممن يعتدي عليها ليحفظ بذلك حق الحياة على النفس لكي يستمر النسل وينمو ويقوى مع الرعاية الكاملة والمحافظة الشاملة.
ومتناول المخدرات بلا شك قاتل لنفسه قتلاً بطيئاً باختياره.
وذلك لان المخدرات تؤثر تأثيراً ضاراً بليغاً في اجهزة البدن من حيث القوة والحيوية والنشاط ومن حيث المستوى الوظيفي لاعضاء الجسم وحواسه المختلفة، فتذبل صحة المدمن وتنهار قواه مما ينتج عنه اعراض اهمها هبوط القلب والدورة الدموية، التهاب الكبد وتليّفها، الفشل الكلوي، التهاب وتليّف خلايا المخ، وبالرغم من الاعتقادات الخاطئة بين كثير من متعاطي المخدرات، بأن المخدرات لها علاقة بزيادة القوة الجنسية وإطالتها الا ان الدراسات الطبية المتخصصة تشير الى ان الادمان على المخدرات يؤدي الى ضعف عام في الجنس, كذلك فإن المخدرات هي السبب الرئيسي في الاصابة بأشد الامراض الوبائية واهمها الايدز (فقدان المناعة المكتسبة).
3-مضار المخدرات على العقل:
ان نعمة العقل هي ابرز واعظم شيء فضّل الله تعالى به الانسان على غيره, لان بالعقل يستطيع الانسان ان يميز بين الخير والشر وبين الحسن والقبيح وبه يذلل مافي الكون لخدمته وتحقيق مصالحه وبذلك يصبح العبث به جريمة واهم وسائل العبث تلك هي تعاطي المخدرات, فإن بجرعة مسكر او بشمة هيروين تزول ميزة العقل وتضعف وكثيراً ماينتهي المطاف بالمتعاطي الى الجنون, واهم الظواهر التي تعتلي المدمن هي الشعور الزائف بالاضطهاد والكآبة والعزلة والتوتر العصبي والنفسي والهلاوس السمعية والبصرية والحسية مثل سماع اصوات ورؤية اشياء لاوجود لها وتخيلات مما يؤدي الى الخوف وقد يصل الامر بمتعاطيها الى فقدان العقل كما يحدث اضطراب في تقدير المكان والزمان وحكم خاطىء على الاشياء وضعف في التركيز والذاكرة وكثرة النسيان, ويلازم الادمان سلوك عدواني وهلوسة وتشنجات وغيبوبة, اذاً فتعاطي المخدرات والادمان عليها يهدم العقل ويغتاله ويخرج الانسان السوي من طور الشرفاء والفضلاء الى احط الخلق المجانين .
4-مضار المخدرات على العرض:
لقد اولى الاسلام الاعراض عناية خاصه فأوجب صيانتها والمحافظة عليها وحرّم الاعتداء عليها كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا .
وقد امر الاسلام بالدفاع عن العرض وان ادى ذلك الى قتل المعتدي كما شرع عقوبة حد للقذف لمن ينال بلسانه من اعراض الآخرين ووصف المتساهل في عرض محارمه بانه ديوث يستحق غضب الله تعالى وعقابه، واعتبر القتل دفاعاً عن العرض ضرباً من اضرب الشهادة كما قال صلى الله عليه وسلم :من قتل دون عرضه فهو شهيد , ومضار المخدرات على العرض تتمثل في ان المتعاطي يصاب بالتبلد وعدم الغيرة وربما دفعت المتعاطي الى التضحية بعرضه لاجل الحصول على المخدرات او على ثمنها.
كما ان المسكرات تجرد المرء من الحياء وتدفع متعاطيها الى فعل كل منكر حتى انه قد يصل به الحد الى الزنى بمحارمه، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم : الخمر أم الفواحش واكبر الكبائر، من شربها وقع على امه وعمته وخالته ، وكما في الخمور من مهالك فإن في المخدرات ما هو اشد منها وأنكى, فالمخدرات تتنافى مع العفة والشرف والاخوة والنخوة والمروءة والكرامة.
5-مضار المخدرات على الأموال:
المال هو عصب الحياة وبه يكون قوامها ولذلك امرت الشريعة الاسلامية بحفظه والعمل على تنميته ونهت عن اضاعته او بذله فيما لا طائل منه قال تعالى: ولاتؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياماً وقد منع الاسلام الضرر بالمال والغرر وحذر من التقتير والتبذير واوجب فيه حقوقاً للنفس وذوي القربى واصحاب الحاجات وقرر حد السرقة اعلاناً عن حرمة الاموال ومضار المخدرات على المال تتمثل في الاثار والاضرار الاقتصادية التي يخلفها تعاطي او ترويج او تهريب المخدرات لانها تضعف الهمة وتوهن العزيمة وتقلل النشاط وتبعث على الخمول وبالتالي الى قلة الانتاج ثم الافلاس.
مما يجعله عالة على مجتمعه فيترك المدرسة ان كان طالباً ويترك تجارته ان كان تاجراً ويترك عمله ان كان عاملاً فيصبح عضواً مشلولاً في المجتمع ليس له هم الا انفاق مايملك في سبيل الحصول على اشياء مضرة لاتنفع.
وفي الطرف المقابل فإن مكافحة المخدرات تحمل الدولة اعباء اقتصادية وتبدد ثرواتها.
ومما سبق يتضح ضرر المخدرات على الضرورات الخمس التي هي قوام الحياة وفيها مصالح الدنيا والآخرة ونستنتج مما سبق ان ضرر المخدرات والادمان عليها لايقتصر على الفرد المتعاطي وحده، بل انه يتعدى الضرر الى المجتمع الذي يعيش فيه والى امن البلاد التي ينتمي اليها ويبرز ذلك الاثر في المجتمع بهتك اعراض افراده والتعدي على محارمهم ووقوع النزاع والخصام بين المدمنين ومن يعاشرهم مما يجعل المجتمع مجتمعاً متفككاً غير مترابط تسوده الفوضى والشقاق والانحلال كما اشار إلى ذلك القرآن الكريم في قوله عز من قائل:انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر .
ذلك مايفعله الخمر فما بالك بالمخدرات؟! انها بدون شك العن واعظم فهي مفتاح الشر والاثام والفساد والدمار فهي تغتال العقول وتضني الاجسام وتتلف الاعصاب وتبدد الاموال وتورث الفقر وتفسد الاخلاق وتثير في النفس كوامن الشهوات وتغري متعاطيها باقتراف المنكرات وتفتح عليه ابواب الشرور والمعاصي والفجور ومنافذ الجريمة والرذيلة وتباعد بين الفضيلة وتذهب العقل وماوعي وتبيد الشرف وما حوى وتبدد قوى الامة وتقطع روابط المجتمع وتثير العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله وعن اوامر الدين فليس هناك جريمة اشد واعظم من تعاطي المخدرات وذلك ان هذا المجرم المتعاطي قد يفعل جميع ماحرم الله لانه عند تعاطي هذه المواد الخبيثة قد يزني ويقتل ويسرق ويتلبس بانواع الرذائل.
خاتمة
شفت لي شوفه واباسوق الخبر
ياعسى بعض العرب يأخذ عبر
شفت لي ناس تلوى من الالم
قلت هل هذا مرض والاكبر؟
قال انامازلت في عمر الشباب
ميرهاذي حالة اصحاب الابر
شوفة عيونك رهينة هيروين
صرت جلد وعظم من عقب الهبر
قلت يالله يم مستشفى الامل
كل مدمن جاء يتعالج به عبر
يعالجونك باحدث انواع العلاج
لين ماتنشط مثل هاك الوبر
*مدير مكتب مدير سجون الرياض
*المرجع: المخدرات الخطر الاجتماعي الداهم

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الادارة والمجتمع
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
ندوة الجزيرة
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
الطبية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved