نحن نؤمن بأن الاوضاع مهما استقر بقاؤها على حال واحد مدة طويلة لا بد لها ان تتغير يوما ما قبلنا ام لم نقبل؟!، فالحياة مثلاً تتغير بالموت، والطفولة تنتهي بالشيخوخة، والزواج كذلك يتبدل بالطلاق لتتحول فجأة وبدون مقدمات جحافل الحب الجارف حد العشق ربما الى كره غريب ومتناقض! لا نجد له تفسيراً مقنعاً سوى اننا اخطأنا لحظة غضب بحق انفسنا ومن نحب وكلنا يخطىء ولكن البعض منا فقط تغتاله ساعة غادرة ليدفع ثمن فاتورة الخطأ المكلفة والمتهورة وغير المحسوبة احياناً!!، وبينما يتسامح كثيرون امام الخطأ ويعتقدون بامكانية التعايش معه مؤقتاً حتى تتهيأ لهم حلول معقولة تمنع وقوعه مرة ثانية هذا ما لم يتجاهلوه عمداً بدافع التضحية والتكامل وعوامل المد والجزر!، نجد هناك آخرين يكدسون الاخطاء فوق بعضها البعض بكل تفاصيلها الدقيقة مع لمسات فنية وحبكة درامية خطيرة جداً، مذيلة بكافة التحاليل الممكنة وبطريقة ماكرة تضمن إظهارهم في صورة الطرف المضطهد والمستغل تماماً دون رحمة او شفقة او مجرد مراعاة لجانب الالفة والمودة!، وتكون الاستعانة بهذه السيناريوهات المعدة والمراجعة سلفاً، كلما برزت ظروف خلاف حادة استدعت الحاجة معها الى بث سموم الانتقام والتشفي اللحظي نحو آذان تطرب لسماع المصائب والنكبات كي تجمل بها الموائد والجلسات!، وبالتأكيد اذا كنا لا نسمع الا صوتاً واحداً فلانملك بديلاً عن الانصات له والتصديق بما يقول؟!، والخطأ بعينه ان نؤكد صدق انطباع معين كان بناؤه مهزوزاً او غير مكتمل العناصر!، بالضبط كمن يبني اتهاماً قوياً ضد شخض لم يدل بأقواله ودون شهود او ادلة او حقائق ملموسة تسلبه حق البراءة؟، لكن ما العمل وطبيعة المجتمع هنا وهناك لاتشدها الا رائحة الاخبار الفضائحية وياليتها تكتفي بنقلها كما هي وانما تضيف عليها وتعدل في مقاديرها بما يناسب ذوق اذن السامع! الشبيهة بأطباق التقاط بث الاقمار الصناعية، تستقبل الغث والسمين والمتاح والمحظور كلما صادفت الموجة والتردد حيزاً مشغولاً ببرمجيات فضائية او مسموحاً للمشاهدة بشيفرة بطاقة!، وتلك الاشعاعات الكلامية - إن جاز التعبير- اشد فتكاً بالانسان فتأثيرها وأمراضها تبدأ بالظهور غالباً بعد اكتمال وصولها للاذن مباشرة مقارنة ب15عاماً للاشعاعات النووية وكذا سنة لنسيان بقايا الماضي الجميل!,, بل ولعل الاكثر فداحة وتجاوزاً وظلماً هو امر انسان يختار شقاءه بيده، يهتم بنفسه فقط ويتهم غيره بالانانية، يهمش الاحاسيس ويطالب بوجودها، يفضل قراره مستقلاً ويقف معارضاً استقلالية القرار ومؤيداً المشاركة في صنعه!!، والمشكلة الاكبر انه يقتل نفسه ويئد احلامه ويشتت افكاره ويدعي التماسك والثبات والقوة، ومثله كخيال المآتا ثابت بفعل عصاً خشبية غارقة وسط التراب وتكسو احشاءه كومة قش!! يسهل اقتلاعها والقذف به بعيداً عند اول زيارة لعاصفة محملة ببعض الالم!، وياليته يقدر التنازل اويحفظ بقايا الذكريات الطيبة؟، او حتى ينظر بهدوء عابر وبنصف عقل الى من سيدفع قيمة تصرفاته المتخبطة والمحكومة بردود الفعل الوقتية قبل اعلان الحرب التي لا رابح فيها ابداً!، فالخسائر تطال الجميع وتضعه اولاً وبرأس القائمة,, لأنها ببساطة مآس يخترعها ونخترعها ويخطط ونخطط لها بمحض ارادتنا الخالصة لنندم بعدها ندماً متأخراً ومراً مرارة العلقم والنتيجة نفقد كثيراً والمكاسب ضئيلة ومحدودة وعرضة للزوال السريع!، ونحمل غيرنا مايؤدي اليه سلوكنا المحموم بمواقف التحدي والندية والتناطح دون اتاحة الفرصة للمتضررين الحقيقيين بإبداء رأيهم ولو بالتصويت!، متناسين ان الحياة صيغة ترفض الثنائية فالولادة واحدة والروح واحدة والموت واحد، كذلك الاحلاف اياً كان شكلها تجمع تنظيمي يفوق الدولة الواحدة، والاسرة المتجانسة لايقارن بها شخص وحيد مقطوع ليس له انتماء اجتماعي صغير مثلما الرجل والمرأة يتناوبان كفتي ميزان ترجح فيها الكفة بحسب طبيعة الجنس وقدرته الفسيولوجية للقيام بوظائف البقاء فللرجل مرة وللمرأة مرة اخرى وكلما تكاثر الود اشتد البناء وازداد رسوخاً وتحملاً وصلابة!، اذن فلنتعاون ولنقاوم بأقصى ما نستطيع تيار الإنصات للجمل البغيضة التي افرزت اسراً متصدعة وآباء يهجرون منازلهم هرباً او تطلعاً لعاطفة مفقودة او نزه وأبناء لايجدون رقيباً يحول بينهم وبين الانحراف، ونساء يحملن لقب مطلقات لأتفه الاسباب وأبسط الكلمات وبمعدل يفوق اكثر البلدان تحرراً، وما نتمناه احساس ببعض المسؤولية تجاه الاجيال القادمة بما يحقق لهم حداً ادنى للتوازن العاطفي يؤهلهم للقيام بواجباتهم كآباء وأمهات للمستقبل؟!!
بدر بن سعود بن محمد آل سعود
baderalsaud * hotmail.com