مع اننا - كحال امتينا العربية والاسلامية - لسنا في مقدمة الركب الثقافي الدولي، ولا يمكن ان ندعي اننا احد نجوم المشهد العلمي العالمي، بل ولسنا ولا حتى اصحاب إبداعات دولية بالحجم المطلوب في مجال الفنون كما هي حال امثالنا في دول عالمنا الثالث,, اقول مع كل هذا فقد تغلبنا على ضعفنا وابدينا ثقة في النفس منقطعة النظير وتطلعنا بكل جدية لمنصب الادارة العليا في اليونسكو وثابرنا من اجل ذلك وتواصلت جهودنا الخلاقة لكسب المنصب في مارثون جميل رائع، ولا زلنا نركض بطموح عظيم وتصميم ومثابرة وشجاعة فائقة مما جعلنا ننجح وبتفوق كبير في جعل مرشحنا الكفء ذلك النجم الساطع الدكتور غازي القصيبي يحتل أعلى قائمة المرشحين.
في المقابل لا يستطيع احد ان ينكر اننا سادة الساحة البترولية الدولية واكثر نجوم المشهد النفطي العالمي قوة ولمعانا واثرا وتأثيرا واهمية على الإطلاق، وبالتالي الأكثر قدرة وأحقية لقيادة منظماته ومؤسساته، ومع كل هذا ظللنا (نقدم رجلا,,,) كلما لاحت فرصة الحصول على أحد المناصب المؤثرة فيها، وها نحن نبدي ذلك القدر المدهش من الزهد والعفة والمثالية والإيثار ونحن نتقدم الجميع باتجاه منصب أمانة منظمة الأوبك كأمر طبيعي لدورنا ومكانتنا وحجم تأثيرنا ونوشك ان نعطي الفرصة ونحن على الباب لغيرنا كي يدخل على طريقة,, لا ,,, لا,,, تفضل أولا,.
صحيح أن مرشحنا لليونسكو الدكتور غازي القصيبي علم من اعلام الادب والثقافة وشخصية مرموقة على مختلف الاصعدة مما اعطى جهدنا مزيدا من القوة والفاعلية ولكن مرشحنا لأمانة أوبك الاستاذ سليمان الحربش مؤهل هو الآخر للمنصب وصاحب خبرة طويلة جيدة وقد حظي على ثناء المحللين الذين استمعت اليهم والكتاب الذين قرأت لهم من السعوديين وغير السعوديين بما في ذلك شخصيات عراقية مرموقة، وبالتالي فإذا كانت مكانة الدكتور القصيبي قد ساعدتنا في مساعينا لمنصب اليونسكو فإنه بالنسبة لمنظمة اوبك التي تتعاظم فيها قوتنا يفترض ان تضيف هذه الى مواهب مرشحنا الاستاذ الحربش الى الكمال كمالاً آخر، فنكون اكثر شجاعة وحماسة واصرارا,,, ومن اجل ذلك فقد فوجئت بقرار التمديد للأمين السابق بتلك السرعة الفائقة التي جعلت الامر يبدو لي إذا قارنته بمارثوننا في اليونسكو اشبه بسباق المائة متر.
إني أقدر حرصنا على وشائج التقارب والاتفاق بيننا واخوتنا في إيران، وأدرك تلك الفوائد العظيمة التي نجنيها - تماما مثلهم - من هذا التقارب على مختلف الاصعدة، ولا يفوتني إدراك ان المملكة حين التزمت للإخوة في إيران بعدم الاعتراض على إعطائهم وعدا مكتوبا بتعيين مرشحهم في الدورة القادمة بعد ثلاث سنوات اذا وافق اعضاء المنظمة على ذلك - كما قرأت في الصحف - ربما كانت تقصد إرضاء اشقائنا الإيرانيين بالموافقة على امر لا يضر، على امل عدول الإخوة الإيرانيين عندما يتبين لهم استحالة تحقيق مطلبهم لعدم دستوريته، وبالتالي يتنازلون لصالح مرشح المملكة، فنكون بهذا قد كسبنا ودهم وتصويتهم,, لكن بعد ان حصل ما حصل وتشبثوا بموقفهم وقبلنا نحن بحسم الأمر بتلك السرعة على النحو المعلن فلابد من القول اننا نحن الذين اعطيناهم الارضية ليقفوا عليها امام الجميع ثم يتشبثوا بها.
إنني لازلت آمل ان يقدر اشقاؤنا في إيران موقفنا الودي واعتقد ان هذا سيحصل في الاجتماع القادم للمنظمة اذا ما تأكد لهم تعذر اخذ اعضاء المنظمة باقتراحهم غير الدستوري مع اني كنت ولازلت ارى ان طبيعة العلاقة الطيبة بين طرفين - اي طرفين - في موقف تنافسي يقتضي ان يتم الاتفاق بين الطرفين على ان يترك حسم الامر للاعضاء الآخرين في المنظمة ليقترعوا على المرشحين، ومن يحوز منهما على اعلى الاصوات فهو الاحق بالمنصب بحيث تسحب الدولة الاخرى مرشحها وتؤيد المرشح الحائز على الاصوات الاكثر وهذا هو الموقف السليم الذي تقتضيه العلاقات الحسنة والاخوة والوعي بالمصالح المشتركة وهو النهج الذي ارى ان يطرح في المستقبل، اما الاصرار على الحلول غير الدستورية التي يستحيل الاخذ بها فهذا ربما لا يؤدي إلا الى حلول هروبية تضيع الفرص على الاطراف الفاعلة المستحقة وتعطيها الاطراف الضعيفة غير الفاعلة كما حصل في الماضي وهذا لا يخدم مصلحة الطرفين ولا مصلحة المنظمة.