* موسكو: هنري بيير ا ف ب
يواجه صندوق النقد الدولي الذي تأمل روسيا في الحصول منه على قروض، خطر ان يجد نفسه في خضم جدال جديد، اذا لم يسرق المال الدولي، فهل يمكن ان يستخدم من قبل موسكو في تمويل تدخلها في الشيشان؟.
فقد ادى تدخل القوات الفدرالية في جمهورية الشيشان الى زعزعة التوازن الهش للميزانية الروسية اذ وعدت الحكومة بزيادة موازنة الدفاع مع ما يثيره ذلك من خوف ان يؤثر هذا السخاء الاجباري على قطاعات اخرى تعاني بالفعل ضائقة مالية.
فقد اوضحت لجنة المصالحة المكلفة تنقيح مشروع موازنة العام المقبل برفع المبلغ المخصص للدفاع والامن الوطنيين بمقدار 26 مليار روبلاكثر من مليار دولار عن التوقعات الاولية.
لكن كبار المسؤولين الروس يعترفون بأن الاوضاع المالية اضعف من ان تتمكن من تلبية كافة الاولويات.
وقد رسمت وزارة المالية الاربعاء صورة قاتمة للوضع الاقتصادي الذي ينتظر روسيا اذا ما اوقف صندوق النقد الدولي فعلا برنامج تقديم القروض, فالضوء الاخضر من الصندوق للافراج عن القسط المقبل البالغ 640 مليون دولار الذي كان منتظرا في الاصل اواخر ايلول/سبتمبر الماضي ارجئ الى اجل غير مسمى في انتظار تحقيقات اضافية تتعلق باختلاسات محتملة من قروض سابقة.
وبدأ هذا التأجيل يحدث قلقا في روسيا, وقال نائب وزير المالية اوليغ فيوغوين ان من شأنه ان يزيد معدل التضخم ويضعف الروبل ويحول الاتجاه الذي ارتسمت ملامحه منذ بداية السنة.
وذكر بانه يتعين على روسيا ان تسدد لصندوق النقدالدولي 369 مليون دولار في تشرين الاول/ اكتوبر الجاري و 800 مليون في كانون الاول/ ديسمبر المقبل.
ولمواجهة هذا الاستحقاق، في ظل عدم توافر الاموال من صندوق النقد، ستضطر الحكومة الروسية الى الاقتراض من البنك المركزي الروسي الذي سيتعين عليه اقتطاعه من احتياطيه من العملات الصعبة كما قال فيوغوين.
واعرب وزير المالية ميخائيل كاسيانوف عن مزيد من القلق .
وقال انالبلاد لا تستطيع ان تبقى طويلا في هذا الوضع الذي اذا ما استمر سيضطرنا الى اقتطاع شيء من الموازنة.
واضاف كاسيانوف ان روسيا كانت موعودة بتلقي اكثر من مليار دولار في الاسابيع الاخيرة من الهيئات الدائنة الدولية: فقد وعدت اليابان ودائنون دوليون آخرون ب 350 مليونا وكان يفترض ان يمنحها صندوق النقد الدولي القسم الثاني من قرضه البالغ 640 مليون دولار.
وفي الاجمال، مازال على صندوق النقد ان يقرض روسيا حوالي 4 مليارات دولار قبل نهاية العام 2000 مشترطا بعض النتائج الاقتصادية, وهناك ثلاثة مليارات أخرى من البنك الدولي واليابان مشروطة بمساعدة من صندوق النقد الدولي.
وقد وصفت النتائج الاقتصادية في روسيا بانها افضل من المتوقع في آب /اغسطس وايلول/ سبتمبر الماضيين ومطابقة للبرنامج الموضوع مع صندوق النقد الدولي من قبل لجنة من خبراء صندوق النقد الدولي.
وذكّر كاسيانوف باننا ننفذ جميع التزاماتنا حيال صندوق النقد الدولي لكننا لا نتلقى جميع المبالغ الموعودة.
واعترف بيتر ويستن من المركز الروسي الاوروبي للسياسة الاقتصادية في موسكو بان تعليق برنامج صندوق النقد الدولي يمكن ان تترتب عليه مضاعفات كبيرة على الاقتصاد الروسي,ويرى المحللون ان تعليق برنامج صندوق النقد نهائيا امر ضئيل الاحتمال الا ان الضغوط السياسية قد تتراكم على صندوق النقد الذي سبق ان تعرض منذ خمس سنوات لانتقادات حادة تتهمه بتمويل الحرب في الشيشان.
فقد اعتبرت بارفوليتا شيتريفا الخبيرة الاقتصادية في شركة ام, كاي رنيسانس للسمسرة ان حرب الشيشان التي اوقعت بين كانون الاول / ديسمبر 1994 وآب/ اغسطس 1996 حوالي 80 الف قتيل مولت بفضل صندوق النقد الدولي , وتراوحت تقديرات كلفة الحرب في تلك الفترة ما بين 6 و 8 مليارات دولار.
وقال فيكتور بوريسيوك المحلل في المعهد الاقتصادي العالمي والعلاقات الدولية لا اعتقد ان العمليات الحالية اقل كلفة من الحرب .