في كتابه الديموقراطية والتعليم يقول جون ديوي: (ان منبع مشكلة الانصباط في المدارس يأتي من كوننا نميل إلى تشجيع ومكافأة الصمت، الفضاء الهادي، التطابق والتماثل الممل بين الطلاب، والتعامل مع اهتماماتهم وعقولهم بأساليب آلية صرفة, لقد اصبحت مسؤولية المعلم (للأسف) تتمثل في الوصول بالطلاب إلى هذه المتطلبات ومعاقبة كل انحراف عنها مهما كانت دوافعه وظروفه) وعموما تبقى قضية العقاب في المدارس من بين اهم القضايا التي انشغل بها وسطنا التربوي كثيراً (ولا يزال).
والسؤال الذي نود ان نبحث في اجابته هو: لماذا نميل كل الميل الى العقوبة في فصولنا رغم ما تحدثه من اساءة وارباك للعملية التعليمية؟ في النقاط التالية عرض موجز لاجابة هذا السؤال.
- لكونها (اي العقوبة) سهلة وسريعة, التعامل مع الطلاب وقضاياهم يتطلب الكثير من التفكير والمهارة لكي نصل معهم إلى افضل الحلول لمشكلاتهم، ليس هناك اي فن او تحدي في مجرد الانزال الفوري للعقوبة.
- من الواضع انها (اي العقوبة) تحقق انصياعاً مؤقتاً للنظام لكننا قد لا نتصور مردودها وآثارها على المدى البعيد.
- العقوبة اجراء متوقع من الجميع وحتى من الطلاب انفسهم, ماذا فعلتم بالولد الذي فعل بابني كذا وكذا؟، سؤال يطرحه دائما ولي الامر على المدرسة كما لو كان المطلوب منها ان تنتقم لابنه لا ان تحل المشكلة.
- العقوبة تشعرنا بالقوة والعظمة والانتصار على من يحاول ان يتحدى سلطتنا.
- العقوبة تحقق لنا رغبة بدائية (متجذرة) لاقامة نوع من العدالة, فالطالب الذي ارتكب عمل غير مقبول يجب في المقابل ان يناله فورا نوع من الاذى دون النظر إلى اي شيء آخر.
- نحن دائما نخشى في حال عدم معاقبة الطلاب ان يظنوا انهم قادرون على الافلات من العقوبة فيعودون لسوء عملهم مرة اخرى.
- سوف يستمر ميلنا الى العقوبة طالما اعتقدنا انه ليس امامنا اكثر من خيارين: اما ان نعاقب الطفل او ان نتسامح ونتجاوز الامر ومما يزيد الامر سوءاً اننا نعتقد ان عدم انزال العقوبة يعني او يكافئ عدم اتخاذ اي اجراء تجاه الموقف، بل اننا نفسر تجاوز العقوبة او تأخيرها على انه ليونة وتساهل منا ما كان يجب ان تحدث، إذا كان تصورنا محدوداً فقط اما بانزال العقوبة او عدمها فلا خيار امامنا في هذه الحالة غير العقوبة, ان اي محاولة منا للدخول مع الطالب إلى عمق المشكلة سوف تفسر على انها نوع من السلبية المترفة.