عزيزتي الجزيرة.
تحية طيبة وبعد:
في ملحق الأحد الثقافي المنشور بتاريخ 23/6/1420ه بهذه الصحيفة الرائدة طالعتنا لافتة صغيرة هي عبارة عن اعتذار لأحد الكتاب المرموقين في الملحق وفي الوسط الأدبي عموما عما اسموه بالتصحيف الوارد في بعض مقالاته السابقة، وفي الصفحة نفسها خصص كاتب آخر مرموق ايضا زاويته الصغيرة للحديث عن هراوة المصحح - كما يقول- التي هوت على رؤوس كلماته حتى أحالت الضجر فجرا .
ما أريد قوله هنا ليس دفاعا عن جهاز التصحيح في الجريدة، ولكنها شهادة حق ان شاء الله، وأنا حين أدلي بهذه الشهادة فإني لست متزيدا ولا متجنيا، بل أنا متابع وقارىء لجميع الصحف اليومية السعودية ومعظم المجلات الخليجية ايضا، ويسوؤني جدا ان اقرأ بعض الكتابات التي تعج بالأخطاء الطباعية المقيتة التي تسيء الى العبارة وتلقي بظلالها على القارىء,, وللجزيرة أقول: لا داعي للاعتذار من قبل الاخوة في التحرير، بل ان الحاجة ماسة الى توجيه أولئك الكتاب الكرام أن يحاولوا قدر الامكان الاهتمام بمقالاتهم وتوضيح خطوطهم ليسهل على المصحح قراءتها وتدوينها بدلا من ان يوكلوا جميع المهمة عليه في اخراج مقالاتهم بصورة تليق بمكانتهم الأدبية الكتابية، وبما أنه من المعروف ان المبدعين أحيانا قد يكونون ممن سلبت منهم نعمة الخط الحسن فلماذا لا يكلفون انفسهم كتابة مقالاتهم على جهاز الحاسب الآلي؟! ونحن نعرف بعض الكتاب والأدباء الذين كلفوا أنفسهم شراء جهاز الحاسب لغرض كتابة المقالات فقط كما يصنع أستاذنا جارالله الحميد حسب ما ذكر في زاويته بدون ضجيج ولعل علاقته مع الحاسب قد تطورت فيما بعد!! عندها يريح الكاتب ويستريح، يريح المصححين من عناء التحديق في بعض الكلمات والاحتمال للبعض الآخر أو استبدالها بما يوافق المعنى,.
ويرتاح هو من المرارة التي يتجرعها عندما يشاهد مقالاته تولد مشوهة أو معاقة أو خديجة!!.
وأما عن جهاز التصحيح فهو من الأجهزة المهضومة دائما في الصحف، تجده يقوم كالمشجب تعلق عليه الأخطاء وتكال اليه التهم! والعاملون في التصحيح هم بشر بالدرجة الأولى، واحتمال الخطأ وارد من جانبهم وأظنهم لا يمارون في هذا، ولكن جهازكم في الجزيرة أيها السادة ممن يصدق عليهم قول بشار:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ؟! ومع ذلك فهم ينفردون بالشطر الثاني من البيت كفى المرء نبلا أن تعد معايبه ، وكلنا يعلم صعوبة عملهم ومشقة جهدهم الذي يبذلونه في اصدار أكثر من ثلاثين صفحة يوميا، كتابة ومراجعة وتصحيحا!! ومع ذلك لا نجدهم يرتكبون أخطاء فادحة جدا بل إن أغلب الأخطاء الواردة - على ندرتها- هي مما يمكن للقارىء ان يتجاوزه بفطنته، وبخاصة في المقالات التي هي أكثر مواد الصحيفة بعدا عن الأخطاء، وأنا أتوجه لهؤلاء الكتاب الكرام بسؤال واحد فقط: ماذا أنتم صانعون لو كنتم تكتبون في صحيفة غير الجزيرة ، ممن يعانون من المستوى الرديء لأجهزة التصحيح الذين يكررون الكلمات ويقلبونها بل يقدمون ويؤخرون، واذا كان المقال من حلقتين قدمت الثانية على الأولى,, وغير ذلك مما يعاني منه كثير من الكتاب في غير صحيفة ويعلمه القارىء المتابع؟!.
ولعلي أورد مقطعا من احدى افتتاحيات مجلتنا الرائعة المجلة العربية في عدد ربيع الآخر لهذا العام أجده مناسبا لما نحن بصدده: خطأ معماري صغير قد يهدم قصرا منيفا, وكذلك الحال مع خطأ مطبعي صغير,.
كل الصحف والمجلات والمطبوعات عموما آفتها الأخطاء المطبعية ومهما اجتهدنا واجتهد غيرنا فلابد من أخطاء هنا وهناك ولعلها في الصحف اليومية هي ايضا يومية، فالسرعة في كل مراحل العمل لها ثمنها, وبالنسبة لنا، فاصدارنا الشهري يجعل المسؤولية أكبر، صحيح ان الركض هنا أقل مما هو في صحيفة يومية، ومع ذلك فاحتمال الخطأ وارد .
والمجلة العربية هنا تتعامل بعقلانية مع الأخطاء التي لا مناص من وجودها مع أنها مجلة شهرية فكيف سيكون الأمر في صحيفة تصدر يوميا؟.
وأخيرا أقول للمكثرين على جهاز التصحيح في الجزيرة كما قال الشاعر العربي:
أقِلّوا عليهم لا أبا لأبيكمُ من اللوم أو سُدّوا المكان الذي سَدّوا!! |
علي بن حافظ كريري
مدرس لغة عربية - جازان