Sunday 10th October, 1999 G No. 9873جريدة الجزيرة الأحد 1 ,رجب 1420 العدد 9873


عادة لا بأس

لأن الوحدة قدري، منذ الطفولة، فقد اعتدت عليها,, صارت الوحدة ألفتي، بينما المصاحبة والتجمعات - حتى الصدوقة منها - هي الغربة بالنسبة لي,, أصبحت، بصراحة، غريب الأطوار,, هل أجد خجلاً في الاعتراف؟
نعم أجد كل الخجل، ولكن الخجل، أيضاً، قدري الذي اعتدت عليه حتى بات ملازماً لي وصرت اتميز به,, هل بإمكان العادة ان تجعلنا أحرارا؟
الإجابة هنا لا تأتي إلا من واقع التجربة، ومن خلال التجربة الواقعة أقول: نعم بإمكان العادة ان تجعلنا أحراراً، وهذه نفسي اقدمها دليلاً على قولي,, فلم أشعر يوما ان الوحدة مفروضة علي، إنما اخذها عادة اختيارية عن قناعة راسخة وبالتالي لم اشعر يوما ان عيون الناس، او ألسنتهم، قيد من اي نوع,, ذلك لأني نادرا ما اصطدم بالأعين واللسانات! فينتابني الشعور الغريب الذي يجعلني أعزف عن قياس الصدى في لحظات الاختلال,, هي عادة، والعادة لم تترك خيارا خارج المعتاد,, فكل الصدمات، إذا ما اعتدنا عليها، تصبح من الأمور الطبيعية، فحمدا لله على هذه العادات الجميلة التي جعلت من الحيرة خيرة، ومن الألم املاً,, غير ان العادة، احيانا، تحرمنا من المتعة التي قد يحسدنا الآخرون عليها,, فمثلاً حين يعجب الإنسان بنفسه، ويعتاد على إعجابه بها، يفقد القدرة على الاستمتاع بعبارات المديح أو الإعجاب او الانبهار حين تصله من الآخرين,, وحين يثق الإنسان بنفسه، ثقة حقيقية لايداخلها شك، يتعذر عليه الاعتزاز بثقة الآخرين فيه,, فتصبح الحياة باهتة تماما في عينيه,, لا فرحة ولا اعتزاز، وبالتالي لانشوة ولا ارتقاب.
هكذا الحياة في عيني، باهتة تماماً، ولكنها أجمل كثيراً من الإغراءات المفرحة التي غالباً ما تأتي في قوالب أخرى, لا سبيل إليها إلا بالانقياد الطوعي خلف عادات الآخرين وأطوارهم,, وهذا ما لم اعتد عليه، بل إني لا استطيع ان اسميه عادة بقدر ما يمكن أن أصفه بالانعدام التام للشخصية المستقلة.
فيا أيتها العادات العظيمة: إني اقبل بك واتوحد معك، فلو لم اعتد عليك لما استطعت ان اجعل ايامي كلها أعيادا,, حسب العادة والمعتاد!!
فهل هكذا تكون العادة، عادة، ام اني ذاهب من حيث يعود الآخرون؟ على اية حال لا بأس في التبرير ، مادمنا نفشل في التغيير!.
فيصل أكرم

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved