لم تعد الاسواق مقصورة على السلع المستوردة او المصنعة محليا او تلك البضائع المتعددة الانتماء بل تطورت لتلك الانواع من الخدمات الثقافية والعلمية واذا كانت اسواق السلع لها مواقعها المعروفة الا ان اسواق بيع الخدمات التعليمية والثقافية تتخذ من المدارس الاهلية مقرا لها حيث تتنافس في اسعار الخدمات وايها اقدر على جلب الرواد بنين وبنات.
الجامعات في المملكة اصبحت تفرض شروطا للملتحقين فيها بشتى كلياتها - فلم تعد النسبة المئوية المرتفعة حكرا على كلية الطب او الهندسة بل شملت جميع الكليات الادبية والعلمية على حد سواء.
كلمة (المعدل) هي اللغة السائدة بين طلبة وطالبات الثانوية العامة باقسامها الشرعية والطبيعية والعلمية والكل منهم يلهث من اجل ان ينال (المعدل) الذي يعطيه درجة القبول في الجامعة والا فمصيره الشارع او البيت والطالب يتحاشى ما امكن أن يزج به القدر في الشارع ليبحث عن ملاذ أو ملهاة او عمل مؤقت - والطالبة لا تريد ان تبقى في البيت لتكون جزءا من اثاثه ومكوناته الثابتة.
سوق المعدلات - المدارس الاهلية - فما على الطالب والطالبة سوى الالتحاق في الفصل الدراسي الاول لينال درجات علمية خارقة,, معدلات ملفتة للنظر ف90% مضمونة في الفصل الدراسي الاول وما على الطالب او الطالبة سوى الحضور فقط,, والآن يوجد مزاد علني للفصل الدراسي الثاني الذي يؤهل الطالب او الطالبة من اقتناص ال15 درجة اضافة الى المعدل المهيب في الفصل الدراسي الاول ويبقى الحظ شاهدا او مرجحا لدرجته النهائية,, المهم ان الطالب او الطالبة مهما بلغت درجة الغباء لأي منهما سوف تزيد النسبة المئوية عن 75 بالمائة.
امام هذه التطورات السلبية - ما هي الوسيلة الافضل لضمان اجيال سليمة قادرة على اداء الرسالة العلمية الصحيحة,.
الانسان سواء كان طالبا او موظفا او عاملا رجلا كان او امرأة مجموعة من الظروف المتناقضة والتي قد يخلق تناقضها اجواء غامضة تنشر الوانا ضبابية على الحالة الراهنة التي يفترض ان يقابلها الطالب او الطالبة باستعداد ذهني وجسدي يتسم بالقوة والمقدرة على العطاء,, وهذا الاستعداد قد يخفق الكثير من الطلبة او الطالبات في الحصول عليه ليس فقط وقت الامتحانات الفصلية - وانما في اوقات كثيرة من بينها اوقات الامتحانات.
والاموال ليست متاحة للجميع - فليس كل طالب يستطيع الالتحاق بمدرسة اهلية تعطيه الحافز على نيل (المعدل) الذي يمكنه من نيل مطلبه في النهاية وهو الدخول في المرحلة الجامعية.
التسجيل الجامعي بالاستمارة الاصلية للثانوية العامة واجتياز الامتحان التحريري الخاص بالجامعة, هو الحل الذي تضمن الجامعة فيه دخول الطالب المؤهل الى مقاعد كلياتها بغض النظر عن درجة الثانوية العامة والمعدل الذي حصل عليه الطالب فيها سواء كانت ثانوية اهلية او حكومية.
حالة غير عادية تشهدها المدارس الاهلية - بنين وبنات,, فالفصل الدراسي الاول مكتظ بالطلبة او الطالبات في الثانوية العامة بشتى اقسامها, والآن بدأ الفصل الثاني يشهد الاقبال نفسه والسبب معروف وهو ان الثانوية الاهلية تمتاز بالكرم العربي فليس هناك يائس او محروم بين الطلبة او الطالبات الذين يتلقون العلم بالمال.
امامنا الفرص الكثيرة لاصلاح كل خلل طارئ - وذلك وضع طبيعي - ولكن غير الطبيعي هو ان تقر الخطأ - وتوافق على استمراره الى ان يتحول الى قاعدة ثم يصبح منهجا علميا يؤدي الى الجهل.
لقد ابتلينا بجامعات عربية واقليمية تمنح درجات الدكتوراه للجهلة مقابل الاموال - وها نحن الان نتجه نحو منحنى خطير هو الداء الذي سيؤدي بالاجيال الى هاوية الجهل السحيقة,, طلبة الدراسات الدنيا الآن يتجهون الى نيل الدرجات العلمية بحفنة يسيرة من المال,, ولكن كيف يسير في دراسته الجامعية لو سلمنا بهذا لخطأ وتعامينا عن اضراره.
في هذه الحالة - لابد من ان نجعل الاعين عمياء على مدى سنوات العمر - فالجامعات هي الاخرى سوف تمنح البكالوريوس بالاسلوب نفسه الذي منحت به شهادة الثانوية العامة والدرجات العلمية العليا هي في الاصل عرضة للتلف,, وهكذا نتحول الى جهلة بثياب بيضاء.
ما اجمل ان نرى انفسنا نصلح اخطاءنا بسهولة وفي وقتها دون ان نتفق على بقائها واستمرارها.
|