Friday 8th October, 1999 G No. 9871جريدة الجزيرة الجمعة 28 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9871


المتزوج,, عصفور في اليد
خوفي أن تبكي عليك البواكي

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العنوسة ظاهرة عامة تعاني منها معظم المجتمعات العربية والاسلامية ومنها مجتمعنا العربي السعودي، الا ان المساعي والجهود التي تبذل للحد من هذه الظاهرة تتفاوت من مجتمع الى آخر، فهناك في تلك المجتمعات ادركوا خطورة هذه الظاهرة وما يترتب عليها من سلبيات متعددة لذا جعلوا من المساهمة في مهر الفتاة وتجهيزها من اولويات مسؤولياتهم الاسرية رغم ضيق ذات اليد لكثير منهم اضافة الى ذلك تفهم الاب ومرونته في عرض ابنته بطريقة او اخرى على من يراه اهلاً لها ولا شيء في ذلك في الدين والخلق، بل هو من سيرة السلف الصالح رضوان الله عليهم اجمعين، ولو تأملنا الواقع لدينا هنا لوجدنا كثيراً من الاسر تساهم فعلاً في تكريس هذه الظاهرة، فبالاضافة الى غلاء المهور وما ينتج عنها من احجام كثيرة من الشباب عن الزواج فهناك عوامل ومعوقات اخرى تلعب دوراً كبيراً في تفشي وانتشار هذه الظاهرة ولعلني اشير الى بعض منها وفق رؤية شخصية متواضعة:
1- الاختيار: ويتم احياناً باجتهادات اسرية محدودة تجد صعوبة ومشقة في الوصول الى هدفها المنشود تصل احياناً الى درجة الملل والتعب رغم المقولة الشائعة والتي تشير الى اكتظاظ البيوت بالفتيات وغالباً ما يلجأ البعض الى وسيط للقيام بمثل هذه المهمة كالخطّابة مثلاً والتي بدورها تقوم بعملها من واقع مهنة تقتات منها ولا تكترث او تحفل بالنتائج المتوخاة وان اجتهدت فهي لا تملك الادوات المعرفية اللازمة للتوفيق بين طرفين متكافئين من اجل هذا تتحفظ كثير من الفتيات في قبول طرف بهذا الاسلوب وبتلك الطريقة، فالثقة والمصداقية تكون احيانا ضعيفة ومحدودة فهي تفضل ان يكون المتقدم عن طريق مصدر تثق برأيه ونصحه كأخ او اخت او زميلة او صديقة او جارة وهذا لا يتيسر في كل الاحوال ولو كان لدينا جمعيات خيرية منظمة تعنى بهذا الامر وتتولى مثل هذه المهام وفق ضوابط معينة يتم التنسيق بينها وبين فروعها في مختلف مدن المملكة لوفرنا الوقت والجهد ويسرنا السبل امام الراغبين والراغبات فالذي يتعذر وجوده في منطقة معينة يجده المتقدم في منطقة او مدينة اخرى من مناطق بلادنا المتعددة، في الوقت نفسه نعزز مبدأ التلاحم والتقارب بين سكان هذه البلاد الغالية ونحد من ظاهرة الزواج من الخارج لمن يتعثر طلبه هنا ويضطر الى ذلك هناك.
2- الآباء: البعض منهم يتلكأ في تزويج ابنته اما طمعاً في راتبها او يشترط شروطاً لا تتوفر في معظم الشباب كالمركز المالي والوظيفي ومنهم من تحكمه الميول والاهواء في تحديد نمط الزوج المطلوب دون مراعاة لرغبة وامكانات الفتاة الذهنية والثقافية، فيعرض عليها زوجا اقل وعياً وادراكاً منها مما يعرض هذه الزيجة للفشل والطلاق، فكم من حالات رفضت رغم صلاحها وانسجامها وكم من حالات اقحمت رغم تنافرها وتباعدها.
3- الفتاة: المتعلمة والموظفة تحديداً تكون احياناً سبباً مباشرا في عنوستها فقد تجاوزت الثلاثين من عمرها وترفض المتقدم المتزوج مشترطة شابا صغيرا او رجلاً اعزب، فالعنوسة هنا عنوسة مقنعة بشروط ومواصفات اقل ما يقال عنها انها صعبة المنال نادرة التحقق,, فلو فرضنا انها تزوجت لسبب او لآخر فتى صغيراً اعزب فهل تضمن احجامه عن الزواج في المستقبل؟ اعتقد ان فارق السن لصالحه وهذا ادعى بأن يبحث في يوم من الايام عن زوجة اخرى, والسؤال هنا: لماذا لا ترضى بالامر الواقع وتقبل بالرجل المتزوج؟ فعصفور في اليد خير من الف فوق الشجرة.
ما شجعني حقيقة على الكتابة والتساؤل في هذا الموضوع معاناة صديق في الاربعين من عمره جامعي مثقف اثق في صلاحه واستقامته رغب في الزواج من اخرى لظرف ما تشتكي منه زوجته فتقدم في خلال عام واحد لاكثر من عشرين فتاة منهن ثماني عشرة مطلقة تتراوح اعمارهن من الثامنة والعشرين إلى الثانية والثلاثين، والاجابة كانت الرفض بحجة أنه متزوج وكأن هناك قناعة مشتركة واتفاقا مسبقا بين هؤلاء الفتيات, والذي اخشاه ويخشاه غيري على مثل هذه الفتاة وموقفها المتشدد ان يمضي بها العمر من حيث تدري ولا تدري لتصل الى سن ينفر منها الاعزب والمتزوج، عندها ستعض على اصابع الندم وستبكي وتبكي عليها البواكي.
والله الموفق
محمد عبدالله الداود
بريدة

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
أفاق اسلامية
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
شرفات
العالم اليوم
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved