الحمد لله المعبود في كل حال وفي كل زمان، احمده سبحانه واشكره على علمه الشامل ولطفه الكامل وشكره افضل ما ينطق به اللسان، ويعتقده الجنان، وتعمل به الجوارح والاركان، واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكريم المنان، واشهد ان محمداً عبده ورسوله افضل العارفين بربه، العابدين له، فهو المبلغ عنه، فلا يعبد الله إلا بما شرع، ولا ايمان إلا بطاعته فيما امر، وتصديقه فيما اخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك سيد البشر وعلى آله واصحابه، ومن اهتدى بهديه واقتفى له الاثر.
أما بعد:
فيا ايها الناس,,, اتقوا الله تعالى، واعبدوه كما امر فلا زيادة ولانقصان فيما شرع، فإن ذلك مردود على صاحبه مهما اجتهد فيه، فإن الايمان والثواب مرتب على المتابعة والطاعة وإن الكفر والفسوق والعصيان والعقوبة مرتبة على المخالفة والعصيان، قال تعالى:تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين{.
واعلموا ان الله فضل بعض الازمان على بعض، وبعض الامكنة على بعض، وهذا التفضيل لمضاعفة الاجر لما شرع من العبادات، وليس لايجاد بدعة من المحدثات، فمما فضله الله سبحانه وتعالى شهر رمضان الذي فرض صيام نهاره وسن قيام ليله، وضاعف الحسنات فيه، وفضل شهر الحج الذي فرض فيه زيارة بيته، والمشاعر المفضلة في تلك البقعة، ومما فضل الله شهر رجب فهو من الاشهر الحرم، ولكنه لم يرد بتخصيصه شيء بعبادة معينة، فالعبادات فيه كسائر الشهور، فمن ذبح صدقة فيه كان كمن ذبحها في غيره، فلا يخصص بالذبائح فإن ذلك من فعل الجاهلية الذي نسخه الاسلام، قال صلى الله عليه وسلم: لا فرع ولا عتيرة في الاسلام ولا صلاة معينة فيه من النوافل، وما اوجد فيه صلاة الرغائب وهي التنفل في اول ليلة جمعة من رجب فإنه لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، اما صيامه فقد نهى رسول الله عن افراده بالصوم لئلا يشابه رمضان وألا يشابه تعظيم الجاهلية بافراده بالصوم، لانه مكروه، الا من كان له عبادة كصيام الاثنين والخميس وثلاثة ايام من كل شهر فهو كغيره.
وفي الاثر انهم قالوا: يا رسول الله إنا كنا نَعتِرُ فيه، اي بشهر رجب، قال: اذبحوا لله في اي شهر كان، وبروا لله واطعموا، فلا ذبائح معينة على وجه القربة لله عز وجل الا العقيقة عن المولود التي يذبحها الوالد شكراً لله عز وجل او اضحية وهي التي تذبح في اليوم العاشر من ذي الحجة وثلاثة ايام من بعده، او هدي التمتع والقران في الحج او ذبيحة النذر وهي ما يوجبه الانسان على نفسه من ذبحها في اي وقت كان الا ان يعين لها وقتاً, واصل هذا انه لايشرع ان يتخذ المسلمون عيدا الا ما جاءت به الشريعة بايجاد عيد وهو يوم الافطار والاضحى وايام التشريق وهي اعياد العام ويوم الجمعة وهو عيد الاسبوع، وما عدا ذلك، فاتخاذه عيدا او موسما بدعة لا اصل لها في الشريعة كما ان رجب لا يخص بعمرة فيه كما يخصه البعض بالاعتمار فيه، وانما فضلت العمرة في شهر رمضان، وكذلك لم يرد نص ولا اثر ولا فعل من السلف يشير الى احتفال بحادث الاسراء في هذا الشهر.
ومما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رجب قال: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) ففي الحديث دليل على استحباب الدعاء بالبقاء الى الازمان الفاضلة، لادراك الاعمال الصالحة فيها، فإن المؤمن لا يزيد عمره الا خيراً وخير الناس من طال عمره وحسن عمله، وكان السلف يحبون ان يموتوا عقب عمل صالح من صوم رمضان او رجوع من حج.
فاتقوا الله ايها المسلمون، والتزموا بأوامر ربكم، واكثروا من العبادة والدعاء لله فهو يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء.
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم من عمل صالحاً من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم بأحسن ما كانوا يعملون{.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب.
فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.
* عضو هيئة كبار العلماء