أكد فضيلة رئيس محكمة الرس الشيخ عبدالعزيز بن حمين الحمين أن مشكلة ضرب الزوجات لم تصل الى حد الظاهرة في مجتمعا، مشيرا الى ان الإسلام منح هذا الحق في حدود ضيقة، وبضوابط وشروط معينة.
واوضح فضيلته من خلال اجاباته على عدد من الأسئلة التي طرحتها (الجزيرة) وتناولت العديدمن قضايا ومشكلات المجتمع الهامة ان للعلماء والدعاة دورا كبيرا في التوعية بعدم التعجيل بإيقاع الطلاق.
كما تحدث الشيخ الحمين عن أهمية ملء فراغ الشباب، ودور المسجد في حل قضايا المسلمين والمساهمة في الإصلاح الاجتماعي، وكيفية الارتقاء بأساليب الدعوة وأدواتها، وصور الاستفادة من سنة الأوقاف الخيرية، بما يتمشى مع تقنيات وحاجات العصر الحديث.
وفيما يلي نص اللقاء:
* يبالغ بعض الأزواج في ضرب الزوجات لدرجة اصابتهن بأضرار جسدية ونفسية شديدة اضطرت بعضهن للجوء للمحاكم وطلب الطلاق,, من واقع ما تلمسونه من قضايا، هل ضرب الزوجات يعد ظاهرة في مجتمعنا؟ وما الحدود المشروعة للزوج في استخدام هذاالحق؟ وهل للزوجة طلب الطلاق بسبب الضرب المبرح؟
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، اما بعد: ففي الحقيقة لا يشكل ضرب الزوجات ظاهرة في مجتمعنا، وإن كانت توجد حالات معينة يحصل فيها هذا الأمر، وقد منح الإسلام الزوج حق ضرب الزوجة في حدود ضيقة وبضوابط وشروط معينة.
فمن هذه الشروط: ان تقع منها المخالفة، فلا يسوغ ان يضربها من دون سبب، والشرط الثاني: ان يسبق ذلك التوجيه والنصح بالحسنى فتستمر على المعاندة والخطأ، والشرط الثالث: إذا استنفد جميع الوسائل فله الحق في ضربها ضربا غير مبرح، يؤدب ولا يضر,وإذا ضرب الزوج زوجته ضربا مبرحا وتكرر منه ذلك ولم تنفع معه وسائل النصح للإقلاع عن هذا الأمر، ورأت الزوجة انها متضررة بهذا الوضع، فلا بأس ان تطلب الطلاق، والقاضي الذي ينظر القضية يقدر الظروف والملابسات والمصلحة المتعلقة بهذا الأمر.
*حدد الشارع شروط وضوابط معينة للطلاق بهدف المحافظة على الكيان الأسري وترابطه، إلا انه من الملاحظ جهل الكثير من الناس بهذه الشروط والضوابط مما يجعلهم يتورطون في الاندفاع بإيقاع الطلاق دون مراعاة لها,, ماذا نقول لهؤلاء؟ وما دور العلماء والمجتمع في توعية الأزواج بهذا الشأن للحد من ظاهرة الطلاق؟
الطلاق شرع في الإسلام ليكون علاجا لوضع غير صحيح، وحياة زوجية غير ناجحة، ومشكلات مستعصية ليس لها حل إلا بالانفصال والطلاق، فهو كالعلاج يستخدم عند الحاجة، ولو لم يكن الطلاق مشروعا ومباحا لكان الأمر أشكل، فلماذا يلزم الزوج بزوجة لا يرضاها مطلقا، او توجد مبررات مقنعة لعدم الاستمرار معها؟ وقد جاء في الحديث وإن كان في إسناده مقال (ابغض الحلال الى الله الطلاق).
وللعملاء والدعاة وطلاب العلم دور في توعية الناس بعدم التعجل بإيقاع الطلاق لأدنى سبب، ولأدنى خلاف، من خلال وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة، وصحافة، وتلفاز، ومن خلال المواعظ، وخطب الجمعة، وغير ذلك من المنافذ.
* يعاني الشباب خصوصا حديثي السن من مشكلة الفراغ خاصة في أيام الإجازات، فيلجؤون الى ملء فراغهم بلعب الورق والتفحيط نهارا، والسهر أمام القنوات الفضائية ليلا,, ما دور الأسرة والمجتمع في حماية هؤلاء الشباب من الانحراف؟ وكيف يمكن إيجاد الوسائل البديلة لملء فراغهم؟
في أوقات الإجازات الصيفية يتوفر وقت فراغ كبير للشباب والطلاب، وإذا لم يستثمر هذا الوقت فإنه سيعود بالضرر على هذه الشريحة، لا سيما مع توفر وسائل الإفساد والانحراف والمغريات المختلفة, يقول الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة |
وللأسرة والمجتمع دورهما المنشود في الحفاظ على هذه الفئة من المجتمع.
وهناك وسائل يملأ من خلالها وقت فراغ الشباب والطلاب في الإجازة الصيفية فهناك حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد، وهناك المراكز الصيفية التي تقيمها بعض الجامعات والمعاهد والمدارس، وهناك الدورات المفيدة لتنمية المهارات المختلفة كدورات الحاسب الآلي وتعليم اللغة الانجليزية ونحو ذلك، وهناك السفر الى أداء العمرة في مكة المكرمة، وزيارة المدينة المنورة، وقضاء وقت ممتع في مصايف المملكة الجميلة المحافظة.
* كيف يمكننا إعادة دور المسجد في حل قضايا المسلمين، والمساهمة في الإصلاح الاجتماعي، ومشاركة هموم المجتمع؟
المسجد في الإسلام له دور كبير، فهو محور لقاء المسلمين واجتماعاتهم المتكررة، حيث يلتقون فيه خمس مرات لأداء الصلاة، وهي الوظيفة المهمة والأولى للمسجد، لكن هناك وظائف ومهام أخرى يقوم بها المسجد، فالمسجد مركز للتعليم والارشاد والتوجيه، ومركز لتحفيظ القرآن الكريم، وإقامة الاحتفالات الإسلامية المشروعة، وموقع للتشاور فيما يحدث للمجتمع من مشكلات ولمرتاديه من قضايا عن طريق إمام المسجد او أهل العلم، او العقلاء.
* القرآن الكريم دستور الأمة ومنهاجها وقد ثبت عمليا انه لا سبيل لحماية الأبناء من الضياع إلا بالتمسك به حفظا وفهما وعملا بما جاء به,, ترى كيف تسعى جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة لتحقيق ذلك؟
لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية دور مشرف في تربية الناشئة على كتاب الله لا سيما بعد توسعها تحت اشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد.
وينبغي الا يقتصر دور الجمعيات على مجرد التحفيظ وهو عمل جليل ونبيل ومهم ولكن يتعدى ذلك الى التربية على القرآن وعلى آدابه، وأخلاقه، وتوجيهاته، وتعيين الأئمة من الشباب الدعاة الذين يهتمون بهذه الجوانب التربوية النافعة لأبنائنا وأجيالنا.
* في نظر فضيلتكم,, كيف يمكن الارتقاء بأساليب الدعوة وأدواتها في مواجهة أحداث العصر الحاضر وتحدياته ومستجداته المتسارعة خاصة فيما يتعلق بالحملات المسعورة التي يشنها الأعداء لتشويه صورة الإسلام السمحة؟
- في هذه الأوقات الأخيرة هناك حملات منظمة ومبرمجة لتشويه صورة الإسلام من خلال رمي الإسلامي بالارهاب والتطرف، واستغلال بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض المنتسبين الى الإسلام والدعوة, وينبغي ان تستغل وسائل الإعلام في تصحيح الصورة بنفي ارتباط تلك الأعمال بالإسلام، وتوضيح انه كما يقع من بعض المسلمين أخطاء فهناك أخطاء أكبر تقع من اتباع الديانات الأخرى، بل من دول كبيرة تتبنى في سياستها إرهاب الدول الصغيرة والمجتمعات الأخرى، وإن كان بإخراج يبدو للسطحيين عادلا ومعقولا.
* ساهمت الأوقاف الخيرية في العصور الأولى للإسلام في النهوض بالمجتمع الإسلامي حضاريا في كافة المجالات، ما السبيل للاستفادة من هذه السنة الحميدة واحيائها من جديد؟ وما هي صور هذه الاستفادة بما يتمشى مع تقنيات وحاجات وقضايا العصر الحالي؟
للأوقاف أهمية عظمى في أعمال البر والخير والإحسان، ومع الأسف إنه في العصر الحاضر نحتاج الى إحياء فقه جديد للأوقاف يعمق الفائدة منها، باستحداث وسائل لاستثمار أموالها وأوجه الصرف المناسبة لها، كاستغلالها عن طريق الشركات الإسلامية بدلا من تجميدها، ويمكن الاستعانة بخبراء الاقتصاد الإسلامي في الكشف عن الوسائل المناسبة المتفقة مع أحكام الشريعة المطهرة، في تنمية أموال الأوقاف وتثميرها، والتعاون مع البنوك الإسلامية بمالها من خبرة في هذا المجال الاقتصادي عوضا عن الاقتصار على الطرق التقليدية لاستثمار هذه الأموال.
وكذلك انفاقها فيما اعتاد الناس انفاقها فيه من الأضاحي او الصدقة في رمضان، وهي أعمال مشروعة ونافعة، ولكن لا بد من ارتياد مجالات جديدة، كالانفاق على التعليم الإسلامي، ودعم الدعوة الإسلامية، وتأسيس مراكز طبية للمحتاجين الذين لايستطيعون دفع العلاج، وطبع الكتب النافعة، وتعزيز المراكز الإسلامية في الخارج، وهكذا مما تدعو الحاجة اليه.