قراءة في نظام الضمان الصحي الجديد د, عبدالإله ساعاتي |
يمثل صدور نظام الضمان الصحي التعاوني الذي اقره مجلس الوزراء في 27 ربيع الآخر 1420ه الموافق 11 أغسطس 1999م,, يمثل انطلاقة نوعية مميزة نحو اعادة هيكلة القطاع الصحي Health Sector Reform بما يتفق والمتغيرات العالمية المستجدة,, وبما تتطلبه الظروف الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية آنيا ومستقبليا,, وصولا إلى صياغة تنظيم صحي جديد قادر على مواجهة التحديات المستقبلية المتعددة تقنيا وتنظيميا واقتصاديا,, ليتواصل تحقيق هدف توفير خدمة صحية علاجية ووقائية تعتمد الاساس العلمي وتطبق معايير الجودة النوعية وتستشرف المستقبل بادراك واع لمعطياته ومتطلباته.
ويظل الهدف الاسمى ان تدخل الصحة القرن الجديد بآليات جديدة تكفل امنا صحيا متكاملا يترجم توجيهات القيادة ويجسد تطلعات الانسان على امتداد هذا الوطن الطيب.
ولا ريب ان صدور نظام الضمان الصحي التعاوني يعد انجازاً يحسب لوزارة الصحة والمسؤولين فيها وفي مقدمتهم معالي وزير الصحة الدكتور أسامة شبكشي الذي يعد هذا النظام مشروعه الحلم الذي تحقق بارادة الله سبحانه وتعالى ثم بدعم الدولة.
ويمكنني القول ان صدور نظام الضمان الصحي هو توجه فعال في مواجهة المشكلة الصحية ومعالجتها بدلا من الدوران حولها دونما طائل,, ذلك ان تناقص الموارد وزيادة الطلب والضغط على مرافق الخدمات الصحية قد أثر عليها سلبيا.
ولقد حددت المادة الاولى من النظام الهدف من اصداره على النحو التالي: يهدف هذا النظام الى توفير الرعاية الصحية وتنظيمها لجميع المقيمين غير السعوديين في المملكة، ويجوز تطبيقه على المواطنين بقرار من مجلس الوزراء .
إذن الهدف من النظام هو توفير تنظيم يكفل تأمين الرعاية الصحية للمقيم وافراد اسرته,, وذلك في ظل وجود اكثر من ستة ملايين من العمالة الوافدة في سوق العمل السعودي.
ولقد بلغ عدد مراجعي المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة في العام الماضي (53) مليون مراجع يمثل المقيمون منهم 13%، وبلغ عدد مراجعي مستشفيات الوزارة (11) مليون مراجع بلغت نسبة المقيمين منهم 19% وبلغ عدد المقيمين الذين راجعوا مستشفيات الوزارة في العام الماضي (3,58) ملايين مراجع منهم (2,54) مليون من العاملين في القطاع الخاص وحوالي (1,03) من العمالة المنزلية.
ويمثل المقيمون 28% من اجمالي المنومين في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة.
ومن المتوقع ان يستفيد من هذا النظام نحو 95% من المقيمين في المملكة البالغ عددهم نحو 6 ملايين نسمة.
والضمان الصحي التعاوني هو نظام يجسد مفهوم التكافل والتعاون من المجموعة مع الفرد في تحمل تكاليف العناية الصحية التي يحتاجها، اي ان الضمان الصحي يستهدف توزيع عبء التكلفة على اكبر عدد ممكن من الافراد بدلا من تحميلها شخصا واحدا,, وهو يحقق المشاركة من صاحب العمل مع الفرد ومن الاصحاء مع المرضى ومن الاثرياء مع الفقراء ومن المجتمع ككل مع الفرد الذي يحتاج إلى الرعاية الصحية عند احتياجه لها,.
ومن هذا المنطلق اجازت هيئة كبار العلماء تطبيق نظام التأمين التعاوني بموجب قرارها رقم (51) الصادر في 4/4/1397ه باعتباره نظاما تكافليا وليس تجاريا.
ولقد قصرت المادة الاولى تطبيق النظام على المقيمين مع امكانية تطبيقه على المواطنين بقرار من مجلس الوزراء, حيث تضمن قرار مجلس الوزراء تكليف وزارة الصحة لدراسة امكانية تطبيقه على السعوديين ايضا,, وكذلك تشكيل لجنة في هيئة الخبراء لدراسة امكانية تطبيق هذا النظام على المواطنين العاملين لدى الشركات والمؤسسات الخاصة والافراد.
وذلك لا يمنع في الوقت الحالي من يريد من المواطنين من الاخذ طوعيا بالضمان الصحي.
وحيث ان تطبيق هذا النظام يعد تغيرا كبيرا على المستوى الصحي والاجتماعي والاقتصادي,, الامر الذي يتطلب لتوفير مقومات النجاح له تضافر جهود الجهات المعنية فلقد نصت المادة الرابعة من النظام على تشكيل مجلس للضمان الصحي برئاسة وزير الصحة ويضم في عضويته ممثلين عن القطاعين العام والخاص بحيث تمثل فيه وزارات الداخلية والصحة والعمل والمالية والتجارة,, إلى جانب مجلس الغرف التجارية وشركات التأمين التعاوني والقطاع الصحي الخاص.
ولقد جاء النظام دقيقا حين حدد في مادته السابعة الخدمات الصحية الاساسية التي تغطيها وثيقة الضمان الصحي التعاوني وذلك على النحو التالي:
- الكشف الطبي والعلاج في العيادات، والادوية.
- الاجراءات الوقائية مثل التطعيمات ورعاية الامومة والطفولة.
- الفحوصات المخبرية والاشعاعية التي تتطلبها الحالة.
- الاقامة والعلاج في المستشفيات بما في ذلك الولادة والعمليات.
- معالجة امراض الاسنان واللثة، ما عدا التقويم والاطقم الصناعية.
ولقد اجازت المادة الثامنة توسيع هذه الخدمات بتكلفة اضافية, وهذا امر مطبق في جميع دول العالم المطبقة للتأمين الصحي.
وأجازت المادة الحادية عشرة من النظام قيام المرافق الصحية الحكومية بتقديم الخدمات الصحية المشمولة في وثيقة الضمان الصحي التعاوني لحاملها بمقابل مالي تتحمله جهة الضمان الصحي,.
ولقد اناط النظام بوزارة الصحة مسؤولية مراقبة جودة الخدمات الصحية المقدمة للمستفيدين من الضمان الصحي كما نصت على ذلك المادة السادسة عشرة من النظام.
وأخيراً فإن ما أود الاشارة له هو ان التأمين الصحي نظام مطبق في جميع الدول المتقدمة تقريبا وفي غالبية الدول النامية,, ونظام الضمان الصحي التعاوني يماثل نظام التأمين الصحي ولكنه ينطلق من البيئة السعودية ويحافظ على خصوصيتها الدينية والاجتماعية.
|
|
|