يؤكد الكثير من المنظرين والممارسين من علماء واساتذة الادارة ان الدول النامية تتميز بظاهرة البذخ والاسراف, هذا البذخ او الاسراف يتجلى في العديد من المظاهر التي نلمسها في تعاملنا اليومي او من خلال المشاهدات المتنوعة التي تبزر امامنا في الكثير من الجهات الحكومية وغير الحكومية التي نتعامل معها, حيث تقوم هذه الجهات بعملية الصرف غير المحدود بما يتوافر لديها من اموال على الكثير من الامور المظهرية او الشكلية كالمباني والمعدات او الادوات المكتبية, ولو بقي البذخ والاسراف على الامور العينية لكان ذلك اهون واسهل وقعا ولكن في ان يصل بنا البذخ والاسراف في امور جوهرية فهذا ما يجعلنا نقف عندها متسائلين لماذا هذا الاسراف؟ وكيف وبأي حجة نبرر ذلك البذخ؟
فعلى سبيل المثال وليس الحصر سأورد عددا من اوجه الاسراف التي بدأت تتجلى في كثير من سلوكياتنا والتي اصبحت مظهرا من مظاهر البذخ والاستهتار في حياتنا, فمثلا تبديد الوقت وعدم الاكتراث للزمن الطويل الذي تستغرقه المعاملات التي يمكن انجازها في ساعات قليلة.
ومن الاسراف ايضا استقدام الخبرات الاجنبية ذات التكلفة المالية العالية من جهات او دول عربية او غربية، على الرغم من امكانية الحصول على نفس الخبرات ان لم يكن افضل منها من السوق المحلي بتكلفة اقل وبجودة اعلى واكثر تلاؤما للاوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبلاد, ليس هذا وحسب وإنما يلاحظ على الكثير من مؤسساتنا ان هناك شبه ادمان على استخدام الخبرات الاجنبية والاسراف في استقدامها اكثر من مرة ولاكثر من موقع او مشروع لنفس الموضوع او لنفس الغرض في حين يمكن معالجة ذلك برمته محليا وبصورة افضل واجدى.
ومن مظاهر الاسراف والبذخ الاخرى هو ذلك الذي نشاهده يوميا في عملية الاسراف والهدر غير المعقول للطاقة الكهربائية التي تتجلى في الكثير من شوارعنا الرئيسية واسواقنا التجارية والحدائق العامة من خلال المبالغة في الانارة التي تتزين بها تلك الاماكن وهو ما يوحي بالبذخ والاسراف في اشياء مظهرية غير ضرورية, وفي الوقت الذي نسمع فيه تصريحات بعض مسئولي شركات الكهرباء عن وجود عجز كبير في توفير الطاقة الكهربائية وخاصة في فصل الصيف.
كما يتجلى لنا عدد من اوجه الاسراف والبذخ في عملية الصرف وهدر الاموال لامور ومشاريع شكلية بينما نجد تقصيرا وإهمالا لكثير من الانشطة والامور الضرورية والتي تشكل هاجسا مقلقا لكثير من المستفيدين من تلك الانشطة او الخدمات المطلوبة.
إنني انتهزها فرصة لدعوة كل مسئول ومواطن في هذه البلاد الغالية ان يتساءل مع نفسه بقلب مخلص ونية صادقة فيما قدمه لهذا البلد وأبنائه، وهل قام بواجبه الوطني المتمثل في المحافظة على ممتلكات هذا البلد ومنجزاته الحضارية، وهل ساهم بدوره الرائد في عملية تعليم وتدريب منسوبيه واولاده على نبذ كل مظاهر البذخ والاسراف والفساد.
عشمي كبير وثقتي غير محدودة بكل مسئول ومواطن في ان يكون قدوة صالحة للآخرين من اهل وزملاء واصدقاء,, وإننا ان شاء الله فاعلون.
د, سليمان السماحي