ان ظاهرة الاستقدام غير المرشد للعمالة الاجنبية الى الوطن قد كانت ومازالت في جلها آفة خطرة تهدد الامن الاجتماعي والاقتصادي والاداري وتفرض اعباء مضاعفة على مختلف النواحي الامنية, ان دخول العامل غير الماهر والمربية والخادمة والسائق باحجام كمية هائلة الى مواقع عمل عديدة ووظائف حيوية يهدد البيت السعودي في قيمه وسلوكياته واقتصادياته فضلا عن تهديده للامن بمفهومه الواسع والشامل.
ولا يقتصر الخطر الكامن لهذه العمالة الاجنبية عند هذا الحد لكنه يحمل في طياته ايضا أنماطاً عديدة من الجريمة كتهريب المخدرات والسرقات المنظمة,, وتزييف النقد,, والجنس,, والاختلاس والرشوة,, كما يحمل الينا تزايد احتمالات تسلل الامراض الخطيرة كالجذام الجلدي والسل والهربس والايدز والكوليرا,, وغيرها.
إن ظاهرة تدفق العمالة الاجنبية على الوطن ارتبطت في البداية مع اكتشاف النفط، وعندما بدأت الدولة في الانتقال من مرحلة التكوين البسيطة الى التشكيل الاجتماعي الذي يعتمد على الاقتصاد الحديث والتنمية,, وفي ظل نقص الايدي العاملة الوطنية وقلة عدد السكان وبعض انواع القصور التي تكتنف قوة العمل على المستوى الوطني نوعا وعددا وتوازنا فقد كان الاتجاه نحو استقدام القوى العاملة الاجنبية من مختلف المشارب والجنسيات,, واتت الى العمل ومعها عادات وسلوكيات وتقاليد وقيم شعوب مختلفة, وخلال فترة الاستقرار في الوطن فإن من الصعب المطلق على هذه العمالة نسيان او تجاهل انتماءاتهم العرقية والدينية والوطنية,, ومن هنا تستشري المشكلات وتتفاقم المعوقات والعقبات في بناء الاسرة والبناء الوطني على وجه العموم.
لقد اضحت ظاهرة العمالة الاجنبية التي دخلت الى الوطن تفرز صورا غاية في السلبية على الامن بمفهومه الشامل ومكوناته الداخلية والخارجية ذلك ان الامن الوطني لدولة او منطقة ما يتأثر بما حولها في العالم وبالسلبيات والمتغيرات والمخاطر السياسية والاجتماعية والثقافية والصحية والجنائية والاستراتيجية الناتجة عن وجود هذا العدد الضخم من العمالة.
إن خطورة هذه العمالة تكمن في التأثيرات شديدة التعقيد وفي مقدمتها ظهور انماط جديدة من السلوك الاجتماعي الذي يقود الى حالة من التخلخل والتداعي التي غالبا ما تهدد قيم المجتمع بالانهيار فضلا عن تنامي الشعور بالغربة في الوطن وضعف الانتماء الوطني الناتج عن تعدد وانتشار كرنفال اللغات واللهجات والعادات, وكذلك تزايد الميل الى استبعاد قوة العمل الوطنية نتيجة قلة الكفاءة وانعدام التدريب,, وهو مايؤدي الى البطالة الفعلية او المقنعة نتيجة تكدس المواطنين في الوظائف بدون عمل او تعطلهم بدون وظائف اصلا وانعدام اكتساب المهارات الجديدة في مختلف المجالات.
ان من المهم والاولوية القصوى لمجلس القوى العاملة بتشكيله الاداري الجديد العمل على وضع واقرار سياسة وطنية واضحة فميا يتعلق بتخطيط القوى العاملة ورسم استراتيجية عمل متكاملة تحث المواطنين وتدعوهم عملا الى المشاركة والانخراط في كافة ظائف الخدمات والانتاج (المهجورة) التي مافتىء المواطن (يتأفف) منها بدعوى جاهلة مفادها انها اعمال (تحط من قدره)!!؟
|