تتوالى الذكريات في سجلات الأمم، والشعوب,, ولكن من هذه الذكريات ما يخلده التاريخ عبر العصور,, وقد ننسى أو نتناسى أيام الإحن والمحن,,, ولكن أيام الجد في تاريخ الأمم تظل شموساً ساطعة ,, تستلهم منها العبر، وتستمد منها العزائم,, وتلك سنة الله في خلقه.
,, وفي هذا الوطن لنا يوم مجيد يحلولنا أن نفخر، وأن نزهوبه أمام أنفسنا أولاً، وأمام الشعوب الاخرى ثانياً.
لأنه يمثل لنا رمزاً تاريخياً,, يذكرنا بماضينا مثلما نعيش حاضرنا,, هذا اليوم المجيد,, هو اليوم الذي اتحدت فيه هذه الأقاليم من بعد شتات، واتفقت فيه من بعد خلاف,, وتعاونت فيه من بعد فرقة,.
وتحقيق هذه الوحدة لم يكن وليد ذلك اليوم، وانما ذلك اليوم هو ختام رحلة زمنية طويلة من الجهاد,، والبطولات,,, وحينما تمر بنا الذكرى المجيدة تبادر إلى الأذهان مباشرة شخصية ذلك القائد الذي وهب نفسه لتحقيق هذه الغاية,, ألا وهو الملك المؤسس، والموحد, المغفور له- إن شاء الله- عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- ذلك الذي لم يهدأ له بال وهو لا يزال شاباً يافعاً حتى خرج مع ثلة من الرجال ليخلص هذه الأقاليم التي تمثل وطنه مما تعانيه من فتنة، وتنافر,, نتاجها الفقر، والمرض، والجهل,,, ولأن الله- عز وجل- قد خصه بهذا المجد, فقد أمده بعونه، وتوفيقه, فطويت له الأرض، ودانت له هذه الأقاليم إقليماً تلو الآخر, فأعاد بذلك ملك آبائه وأجداده, وخلص أبناء مجتمعه هذا مما حل بهم من فرقة، وتناحر,,,، وبهدى من الله كان إدراكه- يرحمه الله- بأن هذه البلاد هي مهبط الوحي، ومنبع الرسالة، ومن ثم كان تصميمه على تحكيم الشريعة الإسلامية في جميع شؤون الحياة بدءاً بنفسه وبمن يعول، ومن ثم برعيته,, لم تثنه عن عزمه هذا لومة لائم أيا كان,, فقرب العلماء.
وأقام القضاة، وشدد على رفع المظالم، وأداء الحقوق، ومساعدة المحتاجين,, ولم ينس نصيب هذه البلاد من الدنيا,, بل كان تركيزه على التخطيط للمستقبل، واستغلال ثروات هذه الأرض المباركة، ليس بما يرفع العوز، والحاجة، والفاقة فحسب,, وإنما بالشكل الذي ينهض بهذا الوطن ليحتل مكانة الريادة في العالم,, وبرعاية، وتوفيق من الله ثم بمباركة، وتأييد، وولاء من هذا الشعب كان للملك عبدالعزيز- طيب الله ثراه- ماأراد، وتحقق من بعده ما اختطه.
حينما أكمل المسيرة من بعده أبناء تسندهم أيادي الرجال المخلصين، وتغمرهم أفئدة المواطنين، وتحفهم رعاية الله,,.
أن عظمة هذا الإنجاز التاريخي الذي تحقق لهذا الوطن تبدو جلية واضحة بمقارنة هذا الواقع الفعلي الذي نعيشه في واقعنا الحاضر بما فيه من مظاهر النماء، والرخاء في هذا الوطن باتحاده، وتجانس أقاليمه حتى تكاد تكون إقليماً واحداً,,, يقارن هذا الواقع بوضع تلك الاقاليم لو لم تتحدد في ظل ظروفها المناخية والجغرافية، ومواردها الطبيعية السائدة آنذاك,, فإذا ما تخيلنا هذه المقارنة بعناصرها.
أدركنا عظمة الإنجاز، وبحجمها يكون تقديرنا لنعمة الله التي أنعم بها على أبناء هذه البلاد، حينما قيض لهم رمزاً من رموزهم، ليوحد كلمتهم، ويعلي كلمة الله، وينقلهم من براثن الجهل، والمرض، والفاقة إلى رغد العيش، ونعيم الأمن، والامان,.
وتمر بنا هذه السنة ذكرى يوم الوطن متميزة عنها في سائر السنين الماضية، ذلك لأن هذه السنة بجميع أيامها تعد ذكرى غالية لمرور مائة عام على بدء مرحلة التأسيس لهذه البلاد، وهذا اليوم من أيام هذه السنة يمثل ذكرى وطنية تخلد رحلة التوحيد لهذا الوطن تحت هذا الاسم المجيد,, فحق لنا أن نزهو وان نفخر بهذه السنة الخالدة، وهذا اليوم المجيد,, والحمد لله على قضائه، والشكر له على نعمائه مثنى وثلاث ورباع، ودعاؤنا الخالص بان يتغمد مؤسس هذا الوطن، وموحده، الملك عبدالعزيز بواسع رحمته، وأن يرحم المتوفى من أبنائه حملة الراية من بعده، ويطيل في عمر الأحياء منهم ويحمي هذا الوطن من كل مكروه,,.
*وكيل إمارة منطقة القصيم المساعد للشئون الأمنية