Sunday 3rd October, 1999 G No. 9866جريدة الجزيرة الأحد 23 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9866


النازحون من جنوب السودان يتأقلمون مع التقاليد العربية

* الخرطوم - البينو أوكيني - د,ب,أ
يعيش نحو ثلاثة ملايين سوداني ممن شردتهم الحرب الاهلية في جنوب البلاد حياة جديدة على اطراف العاصمة السودانية تكتسب فيها الفتيات شكلا آخر من اشكال القيمة, ففي موطنهم الاصلي بالجنوب السوداني كان معظم السكان يعملون في تربية الماشية او الزراعة ويستوطنون مراعي السافانا والغابات الاستوائية وهي حياة لم تكن فيها للنقود قيمة تذكر,فقد كانت ثرواتهم تقاس بما يملكونه من ماشية وبقدر ما تمتلىء به مستودعاتهم من قمح، وفي الاوقات الصعبة كانوا يلجأون الى الغابات ليصطادوا منها ما يلزمهم من حيوانات او طيور وليجمعوا أعدادا من ثمار الفواكه والخضروات البرية، اما الآن فهم يعيشون في مخيمات بالصحراء.
وكان من اول ما اضطروا لتغييره من عادات اجتماعية رئيسية ليتناسب مع ما طرأ على معيشتهم من تغيير، تلك العادات المتعلقة بنظام الزواج ففي الجنوب كان العريس يقدم لاسرة عروسه هدية زفاف قد تكون بعض الماشية ان كان العريس ممن يمتهنون تربيتها او ادوات زراعية في مجتمعات المزارعين او معدات صيد كالسهام وغيرها في المجتمعات العاملة بمهنة الصيد.
ويقول عبدالله ماوين اكوت وهو شاب من جنوب السودان لوكالة الانباء الالمانية (د,ب,أ) يجب ان تكون هدية الزفاف ذات فائدة لمن يتلقاها والان وقد انتقل قومه للخرطوم اضحت السهام والمحاريث غير ذات فائدة في ارض لا تطرح زرعا ولا تحوي في جنباتها ما يمكن اصطياده.
ولهذا قرر قادة مجلس سكان جنوب السودان في الخرطوم استبدال الأموال بهدية الزفاف التقليدية.
ويقول الزعيم جيمس كوك اجوت من منطقة بحر الغزال: اننا نحدد قيمة الهدية بالماشية ولكننا نجعل العريس يدفع جزءا من هذه القيمة نقدا هنا في الخرطوم، على ان يسدد ما تبقى في صورة ماشية عندما نعود مرة اخرى للوطن - هذا اذا تحقق السلام ,وكانت قيمة الهدية ثابتة بالنسبة لكافة الاسر في مجتمعات الزراعة او الصيد، اما الان فكل اسرة تحدد مبلغا مختلفا من المال واحيانا يكون هذا المبلغ مرتفعا بدرجة تحول دون اتمام الزفاف.
ويقول الزعيم باراك كول ياي من منقطة رومبيك: لقد حاولنا ان نحث الناس على توحيد قيمة هدية الزفاف الا انهم رفضوا ولا سيما هؤلاء الذين لا يمتهنون حرفة تربية الماشية.
بل وبدأ بعض النازحين من جنوب السودان في محاكاة جيرانهم من سكان الشمال فاستبدلوا هدية الزفاف بهدية يقدمها العريس لعروسه فيتكفل بنفقات تصفيفها لشعرها في صالون للتجميل ويقدم لها ثوب الزفاف الابيض وينظم لها موكبا تعتلي فيه عربة وحولها مجموعة من النساء اللاتي يطلقن زغاريد الفرح, ويلتزم العريس في البلدان الاسلامية بشراء الملابس والحلي لعروسه فيما يطلق عليه اسم الشيلة .
ولكن هذا لا يحظى باستحسان كبار السودانيين الجنوبيين فهم يرون ان مثل هذه الهدية تعتبر رشوة من الرجل لتقبل به الفتاة التي يود الزواج منها والاحرى ان تتزوج الفتاة بالرجل لانها تحبه، لا بسبب هداياه.
وهناك نواح اخرى يجب ان تتغير في ثقافة سكان جنوب السودان من اجل التأقلم مع البيئة الاسلامية التي انتقلوا للحياة فيها ومن اجل الحفاظ على هويتهم كشعب,
فوسط العوز الذي يسيطر على حياة الناس في المخيمات يعد نقش علامة الرجولة على اوجه الفتيات من اجل التعريف بالقبيلة التي ينتمون اليها، من أسرع العادات التي تتجه نحو الاختفاء فقد كان الصبي اذا بلغ ينقش له على وجهه علامات تشير الى انه قد اصبح رجلا,
ويتساءل الزعيم ياي: في الماضي كان الرجل منا يذبح ثورا كبيرا احتفالا بنقش العلامات على وجه ابنه الاكبر ولكن هنا لا نجد حتى ديكا لنذبحه فما الذي سنقدمه في هذه المناسبة ,, ؟ .
ومن العادات الاخرى التي يستحيل ممارستها في الخرطوم الرقصات الليلية الجماعية فالزعماء لا يستحسنون فكرة ممارسة تلك الطقوس مع وجود جماعات عرقية اخرى في نفس المخيمات.
كما ان قانون ولاية الخرطوم لا يسمح بالرقص طوال الليل.
ويقول العديد من الجنوبيين النازحين انهم سيستأنفون ممارسة عاداتهم عندما نعود للوطن .
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved