Sunday 3rd October, 1999 G No. 9866جريدة الجزيرة الأحد 23 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9866


الجزيرة تواصل متابعة جولة سمو ولي العهد الأمين المغاربية بالعرض والتحليل
خادم الحرمين وولي عهده الأمين استنّا سنّة التواصل المتجدد بين القادة العرب
رسالة المملكة التي يخدمها قادتها هي احتواء الخلافات العربية / العربية,, وإقامة الحوار والتضامن
جولة سمو ولي العهد الحالية في المغرب والجزائر وتونس هدفها تعزيز العلاقات الثنائية وخدمة القضايا العربية

عرض وتحليل : القسم السياسي
الجولة المغاربية الحالية لصاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبدالعزيز ولي العهد، ونائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس الحرس الوطني، هدفها الاستراتيجي البعيد المدى هو ان يسود دول المغرب كلها المملكة المغربية والجمهورية الجزائرية، والجمهورية التونسية، والجمهورية الموريتانية، والجماهيرية الليبية الوئام الأخوي والوفاق السياسي والتعاون معاً في اطار صيغة الاتحاد المغاربي الذي يمثل بدوره رافداً من روافد وحدة الكيان العربي الذي يجمع اطراف الامة العربية ويعيد لها وحدتها العضوية والسياسية والدبلوماسية، والاقتصادية والتجارية والثقافية، والأمنية والدفاعية بحيث تواجه تحديات الحاضر، ومخاطر المستقبل مع تعقيدات الحياة والعلاقات بين الدول في القرن المقبل بقوة وأهلية.
مبدأ ثابت في قاعدة
مبادئنا العامة
وهذا الهدف ليس وليد ساعة، وانما هو مبدأ ثابت في قاعدة المبادىء العامة التي اسس عليها جلالة الملك الوالد عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله - هذا الكيان الوطني، العربي، الاسلامي، وجعل من المملكة رأس الرمح في جهاد الأمة العربية والاسلامية من اجل أن تستعيد وضعها العالمي المتقدم، وتعيد دورها التاريخي في بناء حضارة انسانية تكون امتداداً عصرياً لحضارة تليدة انطلقت بشائرها من أرضنا الطيبة قبل اربعة عشر قرنا ونيف.
وقد أعاد الملك الوالد عبد العزيز - رحمه الله - لهذا المجد التاريخي توهجه من جديد يوم جعل من الشريعة الاسلامية دستوراً للدولة الوليدة يستلهم منه وضوح الرؤية لمنهج الخير والنجاح في حركة العمل والحياة اليومية.
فعمد - اولاً - الى وضع الأسس والنظم والخطط والاهداف الوطنية التي تجعل من المملكة كيانا قوياً بكل ما لمعنى القوة من ابعاد، حتى تكون بالتالي مؤهلة لدورها المقدر عليها وهو خدمة قضايا امتها العربية والاسلامية من مشرقها الى مغربها.
وواصل ابناؤه الابرار الأوفياء سعود، وفيصل وخالد - رحمهم الله - اداء الرسالة محلياً وعربياً واسلامياً، حتى سلموا الراية لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الامين - حفظهما الله - فتصدوا لأدائها بهمة لاتفتر، وإرادة لاتيأس ، وعزم لايلين امام كل العقبات والصعاب والتحديات.
ظروف أمن وخصومات وتقلبات
وشاء قدر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده ان يتحملا تبعات رسالة العمل من أجل الامة العربية والاسلامية، وخدمة قضاياها والدفاع عن حقوقها في ظروف محلية تتعلق بكل دولة على حدة، واقليمية تتعلق بالعلاقات الثنائية بين كل دولتين عربيتين مشرقيتين اومغربيتين، وبالعلاقات الجماعية بين جميع الدول العربية سواء في اطار تنظيماتها الاقليمية كالاتحاد المغاربي، او مجلس التعاون، ثم في الوعاء الأشمل للعلاقات العربية- العربية وهو الجامعة العربية.
وقد اتسمت ظروف تلك العلاقات بالتقلبات السياسية واحياناً المزاجية بين كل دولتين مما يتبعه التوتر، الذي يتفاقم في كثير من الحالات والظروف الى خلافات عميقة، بل والى خصومة وقطيعة.
وفي مثل هذه الظروف والاحوال غير المواتية بالذات تنشط جهود قادة المملكة السياسية والدبلوماسية سواء عبر قنوات الاتصال المتعارف عليها او عن طرق الاتصالات الشخصية على نحو ما يفعل الآن سمو ولي العهد الأمين.
وهذا التحرك سنّة من السنن التي خطها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - على الصعيدين الاقليمي والعالمي، بعد ان جرب هذه السنّة الحميدة محلياً حين كان يقوم بنفسه بالسفر الى شتى ارجاء المملكة لايفرق بين مدينة كبيرة او قرية صغيرة، او هجرة نائبة حيث يلتقي بمواطنيه بقلب وعقل مفتوحين ليستمع اليهم ويستجيب لما يأملون خيراً فيه.
فكان من رصيد هذه السنّة كنهج تطبيقي للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبين الأخ واخيه والاب وابنه, كان من رصيدها حب عارم ووفاء متبادل وولاء صادق في علاقاتنا الداخلية الخاصة.
واصبح الرصيد تجربة سعودية ناجحة في بناء العلاقات، واقامتها على الوئام والحب والتفاهم والتواصل والاتفاق على كل مافيه خير الأمة.
وهي تجربة طورت فكرياً ومنهجياً بحيث تكون في مستوى التحديات التي تعيق من وقت لآخر استقرار العلاقات العربية - العربية، وتفجر احيانا وبشكل مفاجىء خلافات غير متوقعة تؤدي في كثير من الاوقات الى خصومات وقطيعة، تعيد دائماً الامل في التضامن والعمل العربي المشترك والى المربع الأول، مربع البداية من الصفر!
دعم التنمية في الدول العربية كإطار للتقارب
وأدركت حكمة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ان التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية بحيث تتحسن فيها مستويات المعيشة وتخف فيها حدة المعاناة التي غالباً ما تكون اهم عوامل التوتر والخلافات السياسية الرسمية والشعبية، ادركت حكمتهما ان دعم مشاريع التنمية في الدول العربية مدخل عملي للتقارب حتى بين الدول واساس للتفاهم والاتفاق بما يؤدي الى التعاون والتضامن والعمل المشترك.
ولهذا جعلت حكومة خادم الحرمين الشريفين من الدول العربية الشقيقة شريكة في ما تنعم به من خيرات الله، وقدمت خلال السنوات الثلاثين الماضية مايزيد على الواحد والعشرين الف مليون دولار كقروض ومعونات ومساعدات مالية واقتصادية عينية ساهمت مساهمة مشهودة في تحقيق انجازات تنموية عربية تفاوتت بين اقامة البنية الاساسية في الدول التي كانت تفتقر الى مثل هذه البنية، او تنفيذ خطط مدروسة وجاهزة فقط كانت تفتقر الى التمويل، او مشاريع تحت التنفيذ وكانت تحتاج الى بعض العون التقني والمهني وساعدت المملكة في تقديمه سواء من ابنائها الخبراء، او بتمويل اجور خبراء من دول اخرىعربية او اجنبية.
مكانة خاصة وثقة مطلقة
وكمحصلة لهذه الادوار والمواقف السعودية البناءة في خدمة الأمة العربية والدفاع عن حقوقها في التطور والتقدم والرخاء والازدهار، حظيت المملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الامين - حفظهما الله - بما لم تحظ به دولة عربية في العالم العربي والاسلامي من حيث المكانة الرفيعة والسمعة الطيبة والثقة المطلقة في نياتها وفي توجهاتها السياسية، وفي تحركات قادتها وفي الاهداف التي يتوخون تحقيقها من تحركاتهم واتصالاتهم باخوانهم قادة الدول العربية على امتداد مساحة الوطن العربي.
أهداف جولة سمو ولي العهد
وفي اطار هذا الفهم السليم والرؤية الموضوعية لرسالة المملكة في سياستها الخارجية تجيء جولة صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد، ونائب رئيس مجلس الوزراء، ورئيس الحرس الوطني لكل من المملكة المغربية، والجمهورية الجزائرية، والجمهورية التونسية.
البعدان الانساني والسياسي
لزيارة المغرب
وفي اطارين، اخوي انساني، وسياسي عملي، تجيء زيارة سمو ولي العهد الامين للمملكة المغربية الشقيقة حيث قدم اول امس مواساته الصادقة لاخيه جلالة الملك محمد السادس في وفاة والده الراحل الملك الحسن الثاني - رحمه الله -.
وقد قدم سموه الكريم تعازيه في هذه الفاجعة التي عم الحزن بسببها العالم العربي والاسلامي نسبة لما كان عليه الراحل العزيز من مكانة وماقام به من ادوار حيوية في سبيل وطنه وامته العربية والاسلامية.
وفي سياق هذه الزيارة اجرى سمو ولي العهد الامين مع جلالة محمد السادس مباحثات متعمقة حول - اولاً العلاقات الثنائية بين المملكتين الشقيقتين، السعودية والمغربية اللتين تربطهما اواصر القربى والمودة ووحدة الرؤية السياسية، واستقرار التعاون لخير شعبيهما من جهة وثانياً - التعاون لخير امتهما العربية والاسلامية من جهة اخرى.
وتناولت المباحثات على الصعيد العربي والاسلامي قضية السلام العادل والشامل في الشرق الاوسط وقضية الحقوق الفلسطينية بما فيها حق الدولة المستقلة، بعاصمتها القدس الشريف.
كما تناولت المباحثات قضية القدس الشريف التي تشهد منذ توقيع اتفاقيات اوسلو مع الجانب الفلسطيني وبعدها اتفاق واي ريفر، تشهد حملة اسرائيلية محمومة لتهويدها بحيث يتم فرض امر واقع يحقق هدف اسرائيل الرامي الى جعل القدس عاصمة موحدة وابدية لها!
المعروف ان العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني كان يرأس لجنة تحرير القدس التي عملت بجهد مقدر في سبيل توفير الحماية للمدينة المقدسة من اجراءات التهويد الاسرائيلية.
العلاقات المغربية / الجزائرية
في المباحثات
ويتوقع المراقبون ان تكون المباحثات قد امتدت الى العلاقات المغربية/ الجزائرية، التي شهدت في الآونة الأخيرة توتراً حدودياً، كما يتوقع المراقبون ان تثمر جهود سمو ولي العهد الامين نجاحاً معهوداً منه في احتواء ذلك التوتر، ومنعه من ان يتفاقم الى خلاف غير مرغوب فيه في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة على الصعيدين الاقليمي والدولي والتي تتطلب تجاوز كل اشكال الخلافات الهامشية من اجل وحدة الصف العربي لمواجهة التحديات التي سيفرضها عليها مايسمى بالنظام العالمي الجديد الذي ينتظر ان يسود العلاقات الدولية في القرن المقبل.
وزيارة سموه لجمهورية الجزائر
وعلى صعيد هذه الجولة الميمونة يتطلع المراقبون الى ان تسهم زيارة سمو ولي العهد الامين للجمهورية الجزائرية الشقيقة ومباحثاته السياسية مع اخيه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في تعزيز قاعدة السلام والوئام الاجتماعي التي ارساها في ارض الجزائر الرئيس بوتفليقة بالاستفتاء الشعبي الذي اجراه الشهر الماضي من اجل تجاوز حقبة الحرب الاهلية الدامية، والتحرر من اسار آثارها السلبية على علاقات الجزائريين ببعضهم البعض.
ولعل نجاح الاستفتاء وتقبل الاغلبية المطلقة من الشعب الجزائري لقانون الوئام الاجتماعي، لعل ذلك كله يجعل من المؤكد ان تسفر مباحثات سمو ولي العهد الأمين مع اخيه الرئيس بوتفليقة عن نتائج من بين اهمها ان تستعيد الجزائر دورها الذي افتقدته الامة العربية طوال سني الحرب الاهلية، وهو دورها التقليدي في الوفاق والوساطات الناجحة مما يدعم جهد المملكة في هذا الاتجاه بما يؤدي الى تنقية اجواء العلاقات العربية / العربية من كل مايشوبه من خلافات هامشية او شكوك في النيات، ويمهد الارضية الملائمة لاعادة بناء التضامن العربي بصيغة اكثر موضوعية وواقعية تجعل الدول العربية جميعاً تقف معا يدا واحدة وصفاً واحداً بمواجهة اعداء حقوقها في التقدم والازدهار وفي الوحدة والقوة.
ومن نافلة القول ان التعاون السعودي / الجزائري على الصعيدين العربي والاسلامي من جهة وعلى الصعيد الدولي من جهة اخرى لخدمة قضايا الامة العربية والاسلامية سينطلق من قاعدة العلاقات الثنائية الجزائرية/ السعودية المتينة التي سوف تعززها ارادة الزعيمين الكبيرين سمو ولي العهد وفخامة الرئيس بوتفليقة خلال مباحثاتهما حين يتناولان العلاقات الثنائية المتميزة، بالاستقرار والنمو والتطور.
علاقات المملكة
بالجمهورية التونسية
هذا وسيختتم سمو ولي العهد جولته المغاربية هذه بزيارة رسمية لجمهورية تونس الشقيقة تلبية لدعوة كريمة من اخيه الرئيس زين العابدين بن علي.
وليس من تجاوز الحقيقة القول بان العلاقات السعودية / التونسية تميزت على الدوام ومنذ تلك الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس السابق بطل الاستقلال التونسي الحبيب بورقيبة للمملكة وتلقيه الدعم من الملك عبد العزيز - رحمه الله - تميزت بالنمو والتطور والاستقرار كما ان تطورها ساعد على تنمية وتوسيع المصالح المتبادلة بانفتاح افاق فسيحة للتعاون في المجالات الاقتصادية التنموية حيث ساهمت صناديق التنمية الاقتصادية، والعقارية والاستثمار السعودي في إنشاء العديد من المشاريع السعودية والمشاريع السعودية / التونسية، والمساهمة في دعم خطط التنمية التونسية الاقتصادية والاجتماعية.
وستشمل مباحثات الزعيمين الكبيرين فخامة الرئيس زين العابدين، وسمو ولي العهد الأمين الى جانب العلاقات الثنائية وتثمين مرحلتها السابقة، وبلورة، رؤية موحدة لمستقبلها القريب والبعيد، ستشمل الى جانب هذا الاوضاع المتأزمة في الشرق الاوسط بسبب سياسات التعنت الاسرائيلي التي عرقلت مسيرة السلام وحالت دون وصولها الى اهدافها المرسومة منذ مؤتمر مدريد في اكتوبر عام 1991م.
فضلاً عن قضايا العالم الاسلامي، والموقف العربي والاسلامي المطلوب تجاه النظام العالمي الجديد، وخطط عولمة التجارة والثقافة في حياة القرن المقبل.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved