طفق أكثر متعلمي هذا العصر ممن ينتسب بزعمهم إلى البحث العلمي المجرد وممن يتلقف كل ما هب ودب من رأي جاهل أو فكر من متعالم منتفخ مريض طفقوا بنقاش حديث الآحاد بعجلة وسوء فهم وتلهف للانتصار للنفس دون حياء على الاقل من النفس التي لا يكون صاحبها مبهما أمامها.
لنقرأ بتؤدة وعقل وفهم ناضج المراد من حديث: الآحاد مما سطره كبار علماء هذه الامة حتى القرن العاشر الهجري.
لندرك ان النقد الانشائي والتحليل الجاهل والنقاش السفسطائي يوجب كثيرا ترك القوم يهذون حتى الملل، لانه من الصعب على العالم العاقل ان يؤكد لجاهل ما جهلا أرعن فارغا من الصعب ان يؤكد له ان ما يراه امامه بيضاء وليست شحمة فمثله يترك حتى يفيق او يسير بجهل على جهل مستديم ما دام بغيته انتصاره لرأيه دون علم او هدى او كتاب مبين.
حديث الآحاد اصله اللغوي أنه جمع واحد.
والمراد بهذا عند علماء الامة انه الخبر الذي جاء برواية فرد واحد دون سواه مع امكان رواية غيره له إلا جاء هنا يرويه وحده.
مثل حديث إنما الاعمال بالنيات وانما لكل امرىء ما نوى وهذا الحديث اتفقت الامة كلها على صحته وقبوله، بل على انه أحد الاحاديث التي قامت الشريعة الاسلامية عليه مع انه حديث آحاد فهذا الحديث لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر بن الخطاب ولم يروه عنه إلا علقمة بن وقاص ولم يروه عن علقمة هذا إلا محمد بن إبراهيم التيمي،
وغيره كثير رواه كبار علماء هذه الامة في الكتب الستة وسواها.
لكن لما جهل الحقيقة للمعنى المراد الذين كتبوا او بحثوا أو هم يكتبون ويبحثون لما جهلوا المراد وتسرعوا اخذاً بظواهر الالفاظ أو تبعا لزائع عن: الحق، كتبوا ثم حكموا وما فعلوا هذا إلا حينما هانت عليهم انفسهم والحديث ليس ظني الدلالة إذا كان: آحاداً صحيحاً بل هو قطعي: الدلالة وإلا لرد كثير من النصوص في العبادات والمعاملات لكن سوء الفهم للمعاني والعجلة والتقليد واتباع الهوى كل هذا اودى ببعض العقول إلى ما لا يجب من عاقل امين كونه ان يكون.
إن حديث الآحاد علم قائم بذاته ضمن علوم السنة التي لها اهلها رواية ودراية علما وفهما وموهبة.
إن حديث الآحاد من جهة اخرى هو الحديث الذي لم تجتمع فيه شروط: الحديث المتواتر، وهذا مادفع البعض الى الافصاح عن العجلة والطرح على العلات دون نظر للحقائق والضوابط والتعريفات التي ماجاءت إلا بعد نظر مكين من علم مكنون.
وحتى يتبين للعلماء وهم ذو معرفة وحتى يتبين للباحثين والمؤرخين وأهل السير والأدب، والذين هم مجرد نقلة للاخبار والروايات حتى يتبين لهم حقيقة الوصول إلى صحة أو ضعف الحديث فإن طريق هذا فيه يسر وسهولة لمن اراد الوصول إلى: الحق وطريق هذا يعلم بأن الحديث ينقسم إلى قسمين:
الأول: الصحيح ومكانه صحيح البخاري، ومسلم، وصحيح ابن خزيمة، ولا يرتبط الصحيح فيها، لانه يوجد في غيرها: الصحيح من كتب الحديث حسب صحة السند فيها لكن البخاري وصحيح مسلم، وصحيح ابن خزيمة يغني ما فيها عن غيره في مجال:
الاحكام: دين ودنيا.
والتاريخ والسير.
والاخلاق والقيم.
والوقائع والادارة.
والاقتصاد والاجتماع والطب، والمعجزات والامكنة والازمنة.
وتعبير الرؤاء المنام .
وسياسة المال.
وسياسة صلة الرحم.
والغزوات والسرايا.
والرسل والبعوث.
والحكم والامثال.
وترك الحسد، والظلم.
أفبعد هذا يعول المعولون على: كتب: الآثار التاريخية والسير والادب والتراجم الملفقة.
الثاني: الضعيف, ومكانه: كتب: التاريخ، والادب، والاخبار في الجملة.
لكن كيف يقف العالم، والمؤرخ والباحث والناقد على ضعيف، الحديث هناك طريقان:
الأول: يُعرف بسبب سقط في السند الموصل إلى المتن.
مثل:
المرسل.
المنقطع.
المعلق.
المعضل.
المعل بعلة السند.
المدلس وهو أنواع
تدليس اسناد/ وشيوخ/ تدليس التسوية/ تدليس الكتب/ تدليس الخبر/.
المرسل الخفي.
المرسل الظاهر/ لمن يجهله خاصة في هذا: العصر.
الثاني يعرف الحديث الضعيف بسبب جرح الراوي وجرحه يكون إما:/
بكذبه.
أو فسقه.
أو بدعته.
أو تهمته بالكذب.
أو جهالته عينا او حالا
وهذه تتعلق بعدالة الراوي وهي ما تمس دينه وخلقه وأمانته.
والتي تتعلق بطعنه جرحه في ضبطه فهي:
غفلته عما يرويه كيف يرويه.
او سوء حفظه وبينهما العموم والخصوص .
وهاتان علتان خطيرتان.
أو فحش غلطه (وهذه داهية) أو قلبه للأسانيد.
وهذا الأخير يعبر عنه (بمخالفة الثقات).
ويقع تحت هذا:
المدرج سنداً أو متناً.
المقلوب سنداً أو متناً.
المصحف سنداً أو متناً.
المضطرب.
الزيادة في متصل الأسانيد.
وهذا ليس بمعنى الادراج لكنه يختلف عنه بضوابط معروفة وبالوقوف على هذا كله يخرج العلماء والمؤرخون والباحثون وأهل الادب من: دائرة اللوم بعلة الجهل وسوء الفهم والعجلة وأحيانا للعصبية واتباع الهوى.
ولهذا نجد من يقع تحت دائرة اللوم لا يكاد يفقه معنى ما مر ذكره ولا امثلته من كتب: الاخبار والسير والادب فسيشهد ويمثل وينقل وكأنه: وجدها، وما درى المسكين ان العقلاء وذوي العلم المكين المتكىء على الفهم العميق يسخرون منه، ويرثون لحاله.
فما لم يؤسس العلماء ومن على شاكلتهم مالم يؤسسوا نقلهم ونقدهم وكتاباتهم على علم صحيح بالأسانيد والروايات والمتون مثل ما أشرت إليه فهم لا يكادون يدركون مراد تأصيل الروايات خاصة ما يتعلق منها بالاحكام الشرعية.
ولعلك تجد من: يدافع عن هذا الراوي دون فهم اصلا لحقيقة الجرح والتعديل كمن يعول على ابن خلدون في هذا وهو ليس من هذا في شيء لان علم الجرح والتعديل له اهله ليس منهم ابن خلدون ولا يشفع لراو ما رواية ابن جرير الطبري له أبداً، لان الجرح له ضوابط جليلة كما أن التعديل له مثل ذلك.
ويستطيع: العاقل الامين ان يقرأ مثل:/
1- المستخرج على معرفة علوم الحديث للامام أحمد بن عبدالله الاصبهاني أبو نعيم .
2- الالماع إلى معرفة اصول الرواية وتقييد السماع للامام عياض بن موسى المعروف بالقاضي عياض .
3- الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع, للامام الخطيب البغدادي .
4- المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للامام: الحسن بن عبدالرحمن بن خلاد المشهور بالرامهرمزي .
5 - الكفاية في علم الرواية للامام: الخطيب البغدادي وهو: علم معروف.
وقراءة هذه الاسفار بتأن وفهم وتدبر وحسن نية ترفع من شأن وعيه لامور الرواية وأصول نقد الروايات وضوابط: الجرح والتعديل.
وحقيقة ما للراوي وما عليه فيما يتعلق بعدالته وضبطه.
***
خاص:
وفاء بوفاء
* أ,د, مصطفى رجب
ج,م,ع, - سوهاج - عميد كلية التربية بسوهاج.
وردني منك عدة خطابات تبني عن فهم سديد ورأي جيد وقد قرأت ما كتبته في صحيفة: (العالم الاسلامي) الصادرة من رابطة العالم الاسلامي بمكة عدد 1618 - 9/6/20ه والشكر والتقدير موصولان لسعادتكم.
* الاستاذ المحقق نجيب محمد لطفي
ج,م,ع, - الفيوم - العدوة - بريد العدوة
استفدت كثيرا من خطابين منك وصلا متواليين,, آمل دوام الصلة وتكثيف الطرح.
* الاستاذ الاخ: عبدالله الجفري - جدة
قرأت لك ما خطه يراعك من تجاوب محمود ينبىء عن خير وذلك فيما كتبته في (البلاد الغراء) عدد 15770 في 13/6/1420ه حول خطابي العلمي المنشور في البلاد حول توثيق ما يتم نقله من قبلك وكلانا حريص على ضرورة التوثيق حتى ولو كان من (مذكرات منقولة) نفع الله بك.
* الاستاذ الأخ: سليم بن جابر محمد
الأردن - عمان
يصلك خطاب فيه ما رغبت/ الحلقة الثالثة والسابعة.
* الدكتور الأخ: تيسير سالم
سوريا
ملاحظتك سوف آخذ بها إن شاء الله تعالى.
* الدكتور الأخ: عدنان ربابا جبران
ساحل العاج
النص صحيح وقد وثقته قبل طرحه وفكرة (نقد العبقريات) بدأت من عام 5/7/1415ه تصلك الحلقتان (الاولى والخامسة).
* الأخت د, ليلى هاني
الأردن - الزرقا
يصلك خطاب فيه رغبتك.
|