Sunday 3rd October, 1999 G No. 9866جريدة الجزيرة الأحد 23 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9866


ليس إلا
خالد العوض
التاريخ البديل

- ماذا سيحدث لو كسب النازيون الحرب العالمية الثانية؟
- ماذا سيحدث للعالم العربي لو أنه لم يسمع بأفكار مستوردة كالاشتراكية مثلا؟
- ما الذي يمكن ان يحدث لو أن المسلمين احتفظوا بالأندلس إلى وقتنا هذا؟
- ما الذي يمكن ان يحدث لو لم تكن هناك دولة عثمانية؟
- ما الذي يمكن ان يحدث لو لم تكن هناك قارة أوروبا؟
***
تلكم كانت تساؤلات لم يكن الهدف من ورائها فتح عمل الشيطان او الدعوة إلى العودة نحو ماض انتهى، ولكن الامر كله يتعلق بأحد الاشكال الادبية والذي يطلق عليه اصطلاحا بالتاريخ البديل.
إذن ، الأمر كله هو محض خيال فارغ ليس له علاقة بالواقع مطلقا، غير ان الانسان يستطيع ان يستنتج بعض الدروس لنفسه من طرح هذه الاحتمالات واستخدامها في قالب ادبي كالرواية، القصص القصيرة، المقالات العلمية، الكتب الهزلية، الافلام السينمائية، المسرحيات، أو أي شيء آخر.
هذا النوع الأدبي يعتمد على طرح التساؤل ماذا لو,,,,؟ وهو يتعلق بشيء حدث في الماضي، لكن هذا الشيء حدث بصورة مغايرة او مختلفة عن الصورة التي نعرفها في التاريخ الحقيقي.
أقرب مثال يوضح هذا الكلام المجرد هو هزيمة النازيين في الحرب العالمية الثانية, كاتب هذا النوع الادبي يحاول ان يستخدم هذه الحقيقة التاريخية المعروفة بشكل ادبي كأن تكون رواية مثلا لكنه لا يعيد نفس الحدث، بل يقلبه ويغيره بحيث يجعل النازيين هم المنتصرون في هذه الحرب ويطلق العنان لقلمه وخياله في تتبع ما الذي يمكن ان يحدث في هذا العالم في ضوء النتيجة البديلة التي اخترعها خيال هذا الكاتب, ذلك باختصار ما يعنيه مصطلح التاريخ البديل او العالم المزيف.
يخلط البعض بين مفهوم التاريخ البديل وقصص الخيال العلمي، إذ انهما يشتركان في نواح عديدة لكنهما مختلفان عن بعضهما، والفرق الواضح بينهما ان الاول يتميز باختيار حدث ما في الماضي ويغيره الكاتب كيفما شاء ثم يستنتج زمنا حاضرا مختلفا عن الزمن الحاضر الذي يعيشه الانسان في التاريخ الحقيقي، بينما في الثاني يحاول الكاتب ان يتنبأ او يتوقع المستقبل دون ان يحاول تغيير الحاضر الذي يعيش فيه!
قد لا يجد القارئ اي اهمية يمكن ان يستخلصها من مفهوم التاريخ البديل او قصص الخيال العلمي، لكن ثمة حقيقة يجب ان يعرفها القارئ وهي ان كاتبة بريطانية مشهورة تدعى جورج اليوت قد كتبت رواية في النصف الاول من القرن العشرين تتنبأ فيها بانشاء دولة إسرائيلية في فلسطين قبل ان يحدث ذلك فعلا على ارض الواقع ودون ان يتنبه الى ذلك القارئ العربي، لكن الحقيقة المرة التي اكتشفها العالم بعد ذلك ان تلك الرواية والتي يمكن تصنيفها تجاوزا ضمن مفهوم التاريخ البديل في وقتها قد تحولت بقدرة قادر الى تاريخ حقيقي متمثل بدولة يهودية في المشرق العربي!يبقى السؤال الآن، هل من كاتب عربي يستطيع ان يغير ذلك الحدث وينتج لنا عملا ادبيا يمكن ان نصنفه ضمن مصطلح التاريخ البديل، لعل الله يحدث بعد ذلك امراً؟! هذا سؤال للتأمل فقط، ليس إلا!
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved