Sunday 3rd October, 1999 G No. 9866جريدة الجزيرة الأحد 23 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9866


عودوا إلى المصطلحات الفنية
TERMINOLOGY
كمال الدين عيد

(1-2)
* المدخل"
شد ما أزعجني قرار لجنة تحكيم المهرجان الدولي للمسرح التجريبي 11 , لم يهمني رأي رئيس اللجنة الكوري فأين هي كوريا جنوبية كانت أم شمالية من خريطة المسارح العالمية التي درسناها في أوروبا لعشرات السنين؟ لكن ما عجبت له هو رأي المحكمين الشاعر الصديق عبدالمعطي حجازي والكاتب الدرامي النابة رياض عصمت صاحب الدرامات الناجحة.
أما القرار - كما جاء بالجزيرة الغراء في 13/9/1999م فهو توسيع آفاق الجوائز لتشمل أنواعا مثل المسرح البصري، والراقص، والموسيقي, وتغيير مسمى التمثيل الى الأداء, وهنا وجب تدخلا علميا يستند الى الأصول والى التاريخ, ولعلني أبدأ بفكرة تغيير مسمى التمثيل الى الأداء لخطورتها في ابتداع مصطلح غير اصيل ولا شبيه له قط في حياة وتاريخ المسرح العالمي اغريقيا كان أو آسيويا أو أوروبيا, لكن الأغلب أنه صنع ليتوافق مع عروض هذا المهرجان.
* فن الأداء المقترح
فن الأداء بدلا من فن التمثيل يا حلاوة!! والفرق بينهما شاسع وعميق, ففن التمثيل 25 قرنا هو فن محدد الوضعية بدراما تمثل بممثلين داخل دار مسرحية, ومن هذا التحديد المقنن تظهر اختلافاته عن محاولات أخرى مثل فرق الهواة والفرق المسرحية غير المستمرة وفرق التمثيل الموسمية في المدارس والشركات، ففن التمثيل في هذه الفرق عادة ما يفتقد الى التعبير العلمي والمصطلح الدقيق لفنون التمثيل, وعلى المستوى البحثي والنظري فقد بدأت الأبحاث العلمية مع دخول القرن 17 ميلادي بنظريات الايطالي أنطونيو ريكوبوني والفرنسي الفيلسوف دينيس ديديرو d.diderot و A.riccoboni الأول ببحوثه في شخصية الجندي في كوميديا الفن، والثاني بأبحاثه في التناقض الظاهري عند الممثل.
ثم ان لفظة أدى أداء غير لفظة مثل تمثيلا, فالأداء لا يخرج عن معنى الالقاء, والملقي بالتعريف العلمي هو المحاضر الملقي للمحاضرة والمحامي الذي يترافع خطيبا ورئيس الدولة مخاطبا شعبه، وكل من يتعرض لصناعة الكلام Preaching و Speech, أما التمثيل فهو فراق شخصية المتكلم عن شخصيته، ودخوله في إطار الشخصية المسرحية التي يقوم بها، ولاأقول يؤديها أداء.
* الاستهانة بالتاريخ المسرحي:
نشأ علم تاريخ المسرح ليبحث في نشأة الظاهرة المسرحية منذ القديم، وفي علاقة الثقافة المسرحية بالحياة على فترات وعصور مضت، اضافة الى تبيان العلاقة الاجتماعية في المجتمعات التي احتضنت الظاهرة وعملت على تطويرها.
وأمام اشتغال مواد علمية اخرى بجوهر المسرح وماهيته مثل تاريخ الأدب، تاريخ الثقافة، تاريخ الفن السسيولوجيا وعلم النفس، ازداد تاريخ المسرح ثراء بالتفسيرات العلمية للدرامات أعمال دستويوفسكى على سبيل المثال , ويعود الفضل في هذا التطور العلمي الى م, هرمان M.hermann الأستاذ بجامعة برلين، كما يعود في عصرنا الحديث الى ثلاثة مراجع أساسية هي على الوجه التالي:
1- المرجع الايطالي 10 مجلدات .
Enciclopedia Delld Spettacolo
2- المرجع السوفيتي 5 مجلدات
Tyeatralanja Enciklopegyija
3- المرجع النمساوي باللغة الألمانية من وضع واعداد كندرمان 8 مجلدات والبقية تحت الطبع .
Theater Geschichte Europas
وحسبما يدلنا تاريخ المعارف وتاريخ الثقافات، فإن المهنة المسرحية غير مهنة الأداء, دليل على ما أقول هو ان الخطابة وهي أقرب أشكال الكلام الى الالقاء أو الأداء - إذ التفريق بين اللفظتين حتى اليوم غير دقيق وفق ما جاءت به الترجمات والقواميس- فالخطابة هي أحد الأنواع النثرية في الأدب القديم, وقد استعملت الخطابة قديما للوصول الى هدف معين أو لايصال كلمات لمجموعة من الناس, والخطابة نوعان دينية وسياسية,وكان لها في اليونان القديمة ثلاثة اغراض في عصر الديمقراطية الأثينية, خطابة سياسية في اجتماعات الشعب على غرار البرلمانات الحالية ، خطابة قانونية أمام المحاكم، وخطابة ثالثة احتفالية في الأعياد والمناسبات.
وأشهر خطباء اليونان ديموستينيس Demosthenes وأعظم خطباء الأدب العالمي هما خطيبا الثورة الفرنسية دانتون روبسيير M.robespierre وG.J.danton, إذن، فهل يسعى قرار لجنة التحكيم الى اعادة المسرح أو التمثيل الى الأداء أو الخطابة؟.
* جوائز للمسرح البصري والراقص والموسيقي
لا أفهم تعبير المسرح البصري على وجه الدقة, اذ يبدو لي المصطلح مطاطا وغير محدد, وهل المسرح التقليدي الذي بدا في آسيا القديمة بالطقوس الدينية، والمسرح الأوروبي الذي انبثق ماردا في ايطاليا وأسبانيا وانجلترا في بدايات عصر النهضة الأوروبية مسرح غير بصري؟
لقد كان - وسيظل- مسرح السمع والبصر,, مسرح الكلمة المنطوقة والرؤية البصرية التي توازن بين ما تسمعه وتراه عبر حاستين إلاهيتين هما حاستا النظر والسمع, فإذا ما افتقد المشاهد الى احداهما فهل تتعثر الرسالة المسرحية؟ أم تتقدم كما يوهمون جماهير اليوم؟.
ان تعريف مصطلح Acting هو ان التمثيل فرع من أهم فروع الفن المسرحي, يعمل على ايصال احداث درامية بتبادل التأثير أمام جماهير حية وحاضرة في صالة الجمهور، وبواسطة شخصيات مسرحية، وأدوار مسرحية يقوم بها ممثلون أو هواة في زمن العرض المسرحي وفي مكان معين هو الدار المسرحية، وبواسطة ديكور يصور أماكن الاحداث المسرحية, ويذكر أرسطو في هذا المقام,, طالما ان المحاكاة تقوم على عاتق شخصيات تلعب الأحداث، فان التراجيديا في حاجة الى المنظر المسرحي واللغة,, إذ انه عبر كل هذه العناصر تتم عملية التقليد والمحاكاة,, أي التمثيل بمعنى أصح, واذا لم يستطع الشاعر العظيم برتولت برخت بنظريته الملحمية v.effect ولا بكتابه الآورجانون الصغير KLeines organon fur das theater وعبر ما يزيد عن عشرين درامة رائعة تعبيرية وتعليمية وملحمية تغيير فن التمثيل بنظريته الاغراب المضادة للأرسطية، فهل يفلح المنظرون الجدد في هدم تاريخ فني التمثيل والمسرح؟.
* المسرح الراقص!!
الجائزة المقترحة تتناسب تماما مع عروض التجريبيات لكن مصطلح المسرح الراقص غير موجود في تاريخ المسرح أو قواميسها, ابتكار اجتهادي في اللفظة ولا أكثر من ذلك.
نعرف مصطلح الدراما الراقصة Dance Drama وهي أحد أنواع فن الرقص المسرحي, ولدت هذه الدرامات على يد نوفر J.G.noverre 1727-1810م وتطورت على يد س, فيجانو S.vigano 1769-1821م وهي نوع مختلف عن النوع المسمى الرقص الدرامي, وتحمل هذه الدراما الراقصة عناصر درامية في تكوينها بالضرورة, ولذلك فهي تختلف عن العروض الراقصة القديمة في الهند والصين.
والمهم هنا، ان الدرامات الراقصة قد ولدت في القرن 18 ميلادي ولكنها لم تستمر طويلا, وقد حاول الروس في القرن 20 ميلادي اعادة الدراما الراقصة من جديد في عروض فرقة الباليه الروسي- وليس في المسرح الدرامي حتى ولو كان تجريبيا- لكنهم سرعان ما اعترفوا أنه حوّل الباليه الى شكل غريب آخر، فماتت الفكرة في مهدها عندما تفوقت عليها درامات الباليه ذات الفصول الثلاثة روميو وجولييت، نافورة سراي باختشى واذن فماذا نفهم من تعبير المسرح الراقص؟.
* المسرح الموسيقي
أنشأ المسرح الموسيقي في خمسينيات القرن العشرين المخرج الألماني والتر فلزنشتاين walter felsenstein 1901- 1970م في مسرح كوميش أوبر في برلين الشرقية komische oper كمسرح درامي معاصر بالموسيقى والغناء، واطلق عليه مسرح الواجبات الانسانية امتاع بالتمثيل والموسيقى والغناء، وفي اعتراف صريح بحجم الدراما فيه اذ يعترف قائلا ان الحياة شيء والدراما والمسرح شيء آخر , مسرح درامي موسيقي يبدأ عند الأحداث في البداية لكنه لا ينتهي بنهاياتها, مسرح تعدى أوبرا المطبخ، ولا هو شبيه بالأوبريت، وبعيد عن مسرح الفودفيل vaudeville لكن ما يقدم من تجريبيات اليوم هو أقرب ما يكون الى الفن الجماعي team art, والأصل في اللفظة ألماني Gesamtkunst من وضع الألماني ريتشارد فاجنر R.wagner 22/5/1813-13/2/1883م وهو شاعر وموسيقي أراد اقامة تعادلية بين الفنون المختلفة على خشبة المسرح معطيا للشعر والرقص والموسيقى أعلا الجهود, ومع ذلك وهو المبدع الواحد المشترك فان لغته الشعرية وموسيقاه العظيمة لم تحقق التضافر الدرامي المنشود, لماذا؟ لأن المنطق والتاريخ - لا التجريب- يقولان ان هناك الفن الواحد,, الفن الدرامي الذي يجب بل ويتعين ان تذوب فيه الفنون الثلاثة عند فاجنر.
وكانت النتيجة التي عرفها العالم كله، بعد ان ابتلعت الموسيقى بقية الفنون المجاورة لها، ومن بينها الدراما والكلمة بطبيعة الحال، ولأن الصورة المتحدة البصرية السمعية visual-audio كانت ناقصة التعبير, هذه ملاحظات عابرة أقلقتني حرصا على الكلمة الممتدة عبر العصور والقرون الطويلة.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved