أوردت وكالات الأنباء خبر الغاء عقد مدرب منتخب قطر الهنولندي جوبوبنفرير وتضمن الخبر التفاصيل المالية المترتبة على هذه الخطوة إذ سيتسلم المدرب كامل حقوقه المتبقية في عقده الذي يمتد إلى نهاية عام 2001 والبالغة 600 ألف دولار,, إلى هنا وانتهى الخبر.
وبالتأكيد أن متابع الوقت الراهن سيشد انتباهه الرقم المالي الضخم الذي سيسكن جيوب المدرب -المطرود- في وقت قصير قضاه في مهمته الأخيرة، ولو عدنا بالذاكرة قليلاً لعرفنا أن بونفرير سبق وأن أشرف على تدريب العنابي قبل مايربو على الثلاث سنوات ثم أن تعاقده الأخير جاء بعد محاولات حثيثة قام بها المفاوض القطري لكسب خدمات المدرب أثناء ارتباطه بعقد مع فريق الوحدة الاماراتي، مما يعني أو من المفترض أن تكون خطوة التعاقد قد جاءت بعد دراسة مستفيضة مستلهمة من التجربة السابقة للمدرب بحيث تكون ضماناً من أي عقبات تعرقل العمل الخاص بالمنتخب تحت اشراف وقيادة المدرب القديم الجديد وتجنب الاتحاد القطري دفع الضخامة المالية باتجاه حسابات بنونفرير الخاصة مقابل لا شيء .
هذا المثال القطري ليس بالأمر الجديد فجميع الدول الخليجية تشهد موسمياً جملة من الحالات المشابهة على مستوى الأندية والمنتخبات ولازال وسيبقى ضخ الأموال إلى الخارج دون أي حساب مادامت الأمور تدار بهذا الاسلوب الارتجالي دون أن تنقل الخطوة قبل أن تتخذ بالدراسة المتأنية والنظرة المستقبلية بعيداً عن الامساك بطرف العصا السحرية التي نظن أن المدرب القادم يحملها بين ذراعيه.
كثيرة هي الجوانب السلبية التي تشكي الملل بدوامها البقاء معنا,, لكنا نصر على ألا نغادر رغم أنها تؤخر رحلة البناء والعمل، وجانب الكادر التدريبي كما هو لم يطرأ على فكرية الاستعانة والاستغناء به وعنه أي جديد منذ القدم، فهو يخضع للتخبط والسمعة عند التعاقد والنتائج الوقتية عند الاقصاء,, وأوراق البنكنوت تتطاير مهاجرة أعشاشها دون أن نضع الأثر المبتغى والمأمول.
هكذا نحن الدروس تلقى أمامنا لنتعلم منها الثبات الايجابي وإزاحة السلبية عن التكرار,, ولكننا نفضل أن تظل التجارب قائمة على ألا تطوير أو ابتكار فلا جديد يتناسب مع المتغيرات، فجل الأندية بلا استثناء تغرق في لحظة العمل المخنوق في بطولة أو موسم على الأكثر، بينما الاهمال واستعجال النتائج يحجبان النظرة عن المستقبل البعيد,, نركز دائماً على جلب محاضر جامعي لطلاب لم يصلوا إلى استيعاب مواد المرحلة المتوسطة وننسى أن تهيئة الطالب لتلك المرحلة المتقدمة تختصر وتوفر الكثير كما تمنح النتائج ذا الكفاءة العالية,, بمعنى أننا نهتم بالتعاقد مع مدرب عالمي يقود الفريق الأول الذي يتباين بتكوينه المهاري والفكري من لاعب إلى آخر فيكسب المدرب الكبير (دراهم) النادي ويخسر النادي امكانية الاستثمار الفني من قيمة الصفقة.
فلو خصصت هذه الأموال لصناعة أجيال من اللاعبين باشراف كوادر تدريبية مؤهلة بما يكفي لايصال العنصر الناشىء متكاملاً صحيا وتقنيا ومحيطا بعلوم الكرة الحديثة وأساسياتها البديهية للفريق الأول,, لاختصرنا من الوقت والمال الضائعين هدراً الكثير، ولا أصبحت امكانية الانسجام بين فكر اللاعب - المحترف- وأسلوب المدرب ممكنة باليسر الذي يحفظ لنا المال ويحقق هدف النتائج التي نطارد بلا هوادة ونمتطي حصاناً أعرجا.
ويبقى الامل قائماً عندما نتذكر تشديد الرئيس العام لرعاية الشباب صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز على التركيز خلال فترة الخمس سنوات القادمة على التأهيل والرفع من قدرات الكوادر الوطنية في مجال التدريب، ووعد سموه الكريم بمنح الفرصة للمدربين الوطنيين للاشراف على المنتخبات السعودية في مختلف اللعبات الرياضية,, واعتقد أن الأندية هي الأخرى يجب أن تساعد لبلورة هذا الاتجاه، بالجرأة والثقة مع الصبر واعتبار المدرب الوطني ضرورة مثل اللاعب تماماً.
سالم الدبيبي
عنيزة