Saturday 2nd October, 1999 G No. 9865جريدة الجزيرة السبت 22 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9865


منعطفات
وطني بستان
د, فهد سعود اليحيا

من لندن اهدي الوطن أغلى تحية , وعندما تظهر هذه الاسطر سأكون بإذن الله في الرياض, وعصر الامس مررت بالسفارة السعودية فأخبرني الحارس المهذب ان لا أربعائية ذلك المساء، لأن الغد يوافق اليوم الوطني والاستعدادات قائمة لحفل اليوم التالي.
وفي اليوم التالي - يوم كتابة هذه الاسطر - كنت هناك, كان قرع طبول العرضة يقدم خافتا من بعيد وعندما اقتربت من حلقة العرضة كانت الانغام تختلط بدمائي.
تذكرت مقابلة اذاعية قديمة مع غادة السمان قالت فيها ان الغربة انما هي في الحقيقة رحلة الى الوطن، الى الجذور, لا اعرف لمَ تذكرت مقولتها فأنا لم اكن في غربة اختيارية او قسرية وانما في رحلة عمل قصيرة عابرة, ولكني وجدت نفسي اغتسل في نهر الحنين وارى الوطن واضحا امامي, فلا الغابة تخفي في داخلها الشجرة ولا جذع الشجرة يغطي وراءه الغابة.
كانت حدود وطن أجدادي القصيم، اذا لم تكن هناك مشاكل بين القرى والمدن المتجاورة, وكان وطن اجدادي الاولين لا يتجاوز حدود مدينة عنيزة، اما الذين قبلهم فقد كانت ارض الله كلها لهم اوطاناً, اختلف عنهم بأن لي وطناً من ماء الشرق حتى ماء الغرب, ان لي كيانا محدد الابعاد واضح السمات واعرف اني لست رعيّة لولاية عثمانية او استعمار فرنسي او حماية بريطانية او انتداب اجنبي.
في هذه المناسبة يتهافت الصحافيون - في زمن صحافة الفاكس - على دعوة هذا المسئول او ذاك الكاتب ليسطر خواطره عن اليوم الوطني لم يدعني احد ولكن دعتني روح تأتلق بحب الوطن وتنبض بأن وطني لا ينازعني الخلد فيه ويلهج بالحمد على نعمة لا يقدرها الا المحرومون من الاوطان كما تاج الصحة لايراه الا المرضى.
عند غزو الكويت عرفت عياناً قيمة المرض, طاف بي خاطر مفزع واستبدّ بي الرعب, هي مسافة ساعات او ايام ومدة كيلومترات ويتعرض الوطن للخطر, ولذا لم اتردد - واعوذ بالله من كلمة انا - في الذهاب كطبيب حيث وجهت وكذلك فعل الكثيرون ولم اطلب البقاء في الرياض متذرعا بحجج منطقية، زائفة او حقيقية.
لم يصنع عبدالعزيز وطناً له او لآل سعود,, صنع لنا جميعا وطناً,, وحكماً له واي شخص مكانه لم يكن ليفعل افضل مما فعل، والاوطان لا تصنع على نار هادئة وتقدم على طبق من ذهب,, إنها تصنع على حد السكين وحد السكين يجرح وقد يظلم ولكنه ثمن لو تعلمون يسير.
قدم لنا ابن سعود وطنا وعلينا نحن الباقي واتذكر هنا مقولة لمعالي الدكتور غازي القصيبي مفادها ومختصرها ان مرحلة الكم ذهبت وتبقى مرحلة الكيف,, هناك اعداد هائلة من المدارس والمعاهد والمستشفيات ومقومات البنية التحتية، اما تطويرها وتحديثها وتحسينها فهو امر آخر ويبقى ابد الدهر وهو امر موكول بنا مواطنين ومسئولين وكلنا في النهاية مسئول وعليه الاضطلاع بمسئوليته.
اشكرك يا ابن سعود ورحمك الله حيث قدّمت لي وطنا ووطني بستان فيه العوسج وفيه الريحان مثل بقية بساتين خلق الله ولن يخلو بستان منهما لكن علينا ان نكثر من الريحان في كل مكان.
اللهم اجعلني من رياحين السعودية,, واغفر للعوسج منهم.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
شعر
تقارير
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved