د, مدني في كلمة المملكة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: المملكة تؤكد حرصها على التمسك بمبادىء وأهداف ميثاق الأمم المتحدة |
* نيويورك - واس
نص الكلمة التي ابرزت مواقف المملكة العربية السعودية تجاه مختلف القضايا على الساحة الدولية:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين,, السيد الرئيس:
يسعدني في مستهل الدورة الرابعة والخمسين للجمعية العامة للامم المتحدة ان اتقدم لمعاليكم بخالص التهنئة على انتخابكم رئيسا لهذه الدورة.
ان انتخابكم لتبوؤ هذا المنصب المرموق يعكس احترام المجتمع الدولي لشخصكم كما انه يعبر عن تقدير الدول الاعضاء في منظمتنا للدور الايجابي الذي يضطلع به بلدكم ناميبيا على الساحة الدولية.
وانني على ثقة بأن رئاستكم لهذه الدورة ستسهم في دفع جهودنا جميعا نحو تحقيق الاهداف التي نتطلع اليها ونسعى لبلوغها في ظل الظروف الدولية الدقيقة التي نجتازها.
ولا يفوتني ان اعبر عن الشكر والتقدير لسلفكم السيد ديدير اوبيرتي بادان وزير خارجية الاورجواي رئيس الجمعية العامة في الدورة المنصرمة والذي ادار اعمالها بكل الحنكة والدراية المعروفة عنه وعلى النحو الذي يستحق منا كل الثناء والامتنان.
كما اتوجه بالشكر والتقدير لمعالي الامين العام لمنظمة الامم المتحدة السيد كوفي عنان على جهوده المتواصلة ومساعيه الدؤوبة لاحلال السلام وتثبيت الامن والاستقرار في ربوع عالمنا المعاصر وعلى مااظهره ويظهره من مهارة ومقدرة في قيادة منظمتنا مستندا في ذلك على تجربته العريضة والمتميزة في المجال الدولي.
كما ان المملكة العربية السعودية يسعدها ان ترحب بانضمام كل من جمهورية كاريباتي وجمهورية ناورو ومملكة تونجا الى عضوية منظمة الامم المتحدة وتعبر عن املها في ان يعزز انضمام هذه الدول من فاعلية الامم المتحدة والاهداف النبيلة التي انشئت من اجلها.
السيد الرئيس:
قبل سنوات احتفلنا سويا بمرور نصف قرن على انشاء منظمة الامم المتحدة وكانت مناسبة مجيدة استذكرنا فيها مبادىء واهداف هذه الهيئة الدولية وما واجهته عبر العقود الماضية من فرص وتحديات وماحققته من انجازات على صعيد الحفاظ على الامن والسلم الدوليين وما انتابها من صعوبات وعقبات استطاعت ان تتعامل معها وتتجاوزها بحكم ايمان اعضائها ونبل مقاصدها وسمو غاياتها.
ان استمرار تواجد هذه المنظمة بالرغم من كل التحديات التي واجهتها وماحققته واسهمت به من حلول للكثير من المشكلات التي عصفت بعالمنا المضطرب يجعلنا اكثر اقتناعا بحيوية الدور الذي تضطلع به والذي بات بحكم المستجدات على الساحة الدولية اكثر اهمية واصبحت الحاجة اليهااشد الحاحا وضرورة.
السيد الرئيس:
ان المملكة العربية السعودية العضو المؤسس لهذه المنظمة مازالت تراودها نفس المثل والقيم التي دفعتها للمشاركة في هذا الجهد الدولي حيث ضمت صوتها الى الدول المؤسسة الاخرى الداعية الى نبذ الحرب والاقتتال بين الشعوب وارساء دعائم السلم والتعاون المثمر بين سكان هذه المعمورة بعد سلسلة الكوارث والخطوب التي حصدت بالانسانية من جراء حربين كونيتين مدمرتين حصدت في اتونها ملايين البشر وخلفت وراءها الدمار والحرب.
ان لغة الحروب والمواجهات العسكرية لم تعد كماكانت في السابق امتدادا للسياسة او الدبلوماسية على نحو اخر ذلك ان العنف والاقتتال بالاسلحة الحديثة الفتاكة لايمكن ان يشكل وسيلة ناجحة لخدمة اهداف سياسية او طريقة فعالة لاحراز مكسب دبلوماسي اذ ليس هناك من رابح اليوم في اي مواجهة عسكرية.
هذا من ناحية,, ومن ناحية اخرى فان التعاون بين شعوب الارض في المسائل الاجتماعية والاقتصادية والتي تشكل احدى اهداف منظمتنا لم يعد مجرد امنية او ترف بل اصبح ضرورة لا مناص منها تفرضها التغيرات والمستجدات التي حملتها اليها التطورات على الصعيدين السياسي والاقتصادي اضافة الى ماشهدناه من انجازات خارقة مرتبطة بتقدم تكنولوجي باهر وثورة في الاتصالات لم نشهد لها مثيلا عبر التاريخ الانساني, لقد تحول العالم على اثر هذه التطورات والتغيرات من كيان مترامي الاطراف ومتعدد الانماط والاتجاهات الى قرية يتأثر كل جزء منها بما يصيب اجزاءها الاخرى ويعتمد بعضها على البعض في الكثير من المقومات الحياتية والظروف البيئية.
ان مفهوم العولمة الذي اصبح يحتل جانبا كبيرا من مفردات لغتنا اليومية لايتعدى كونه اختزالا للتطور الفكري والوجودي الذي عايشته شعوبنا ودولنا على امتداد العقدين الماضيين.
واننا مطالبون اليوم بالتكيف والتأقلم مع هذه الظاهرة من خلال تطوير مؤسساتنا واساليبنا اذا مااريد لنا ان نتعامل معها على النحو الذي يكرس ايجابياتها ويكبح سلبياتها.
السيد الرئيس:
ان المملكة العربية السعودية تؤكد كما اكدت في السابق حرصها المستمر على التمسك بمبادىء واهداف ميثاق الامم المتحدة وتشدد على ضرورة دعم هذه المنظمة ووكالاتها المتخصصة باعتبارها تشكل افضل اطار ممكن للتعاون بين الامم المتحدة والشعوب في ظل موجة العولمة المتدفقة.
كما تؤكد مجددا على حقيقة اساسية مفادها ان مقدرة هذه المنظمة على القيام بأعبائها والاضطلاع بمسؤولياتها الثابتة والمستجدة تظل مرتبطة بمدى توفر الارادة السياسية لوضع مبادئها وما تضمنه ميثاقها من تطلعات ورؤى موضع التنفيذ الفعلي والعملي.
والمقصود بالارادة السياسية هنا هو درجة استعداد الدول الاعضاء للوفاء بالتزاماتها تجاه منظمتهم ومدى تقيدهم بنصوص واحكام ميثاقها واخضاع سلوكهم لمقتضيات هذه النصوص والاحكام وبهذه المناسبة فان حكومة بلادي تنوه بالجهود المبذولة حاليا والهادفة الى تحديث وتطوير الاجهزة التابعة لمنظمتنا على النحو الذي يمكنها من القيام بدورها المطلوب وبالمستوى الذي يجعلها تواكب التطورات والمستجدات التي تجتاح العلاقات الدولية في الوقت الحاضر.
من بين هذه الاجهزة يظل مجلس الامن باعتباره الجهة المعنية مباشرة بالحفاظ على الامن والسلم الدوليين محورا ومرتكزا للفكر الاصلاحي الذي جرى التعبير عنه بصيغ وانماط متعددة وفي هذا الصدد فان وجهة نظر بلادي كانت ومازالت تستند على قناعة راسخة بان اي تطوير لهيكلية مجلس الامن يجب ان تكون غايته تعزيز قدرات هذا المجلس ليقوم بدوره على نحو فعال وفق مانص عليه الميثاق.
ويجب ان يكون هدفه تفعيل دور المجلس في تنفيذ القرارات ومعالجة الازمات الدولية والالتقاء مع ارادة الجمعية العامة بالشكل الذي يحقق الانسجام المطلوب والموضوعية المنشودة.
السيد الرئيس:
يأتي قرار الجمعية العامة للامم المتحدة بإعلان عام 2001م عاما للحوار بين الحضارات ليمثل رغبة المجتمع الدولي في الدخول الى الالفية الثالثة بعزم وطيد على ان يسود الوئام والعدل والمساوة بين الامم المتحدة وعلى ان يشارك الجميع في بناء عالم متوازن في المصالح وتبادل المنافع ومتكافىء في فرص العيش في امن من الخوف والرهبة وامان من الجوع والفقر,, عالم تنتصر فيه مبادىء العدالة ويعم فيه الرخاء والسلام للجميع.
ان حوار الحضارات هو البديل الامثل لطروحات الصراع ومقولات التصادم الحتمي بين الحضارات الامر الذي يدعونا الى ضرورة التأكيد على اعتماد الحوار والوئام بين الامم والمجادلة بينها بالتي هي احسن والى ضرورة مراعاة التباين في طبيعة المجتمعات وفي معتقداتها واحترام حرية الاختيار للشعوب والامم والالتزام بقواعد القانون الدولي.
السيد الرئيس:
لقد استحوذت قضية الشرق الاوسط على اهتمام هذه المنظمة في معظم تاريخها سواء في الجمعية العامة او مجلس الامن وذلك بغية التوصل الى حل دائم وشامل للنزاع العربي/ الاسرائيلي وعندما انطلقت عملية السلام في مدريد في اواخر اكتوبر 1991م بمختلف مساراتها الثنائية والمتعددة الاطراف على اساس المبادىء التي قبلتها اطراف النزاع وتعهدت بالسير بموجبها ظن الجميع ان عصرا من الامن والاستقرار والنماء قد بات يلوح في الافق واضعا حدا لمرحلة الحروب والنزاعات التي استنزفت طاقات وقدرات شعوب المنطقة.
وبالفعل سارت عملية السلام قدما بمختلف جوانبها وتم احراز بعض التقدم خاصة على المسارين الفلسطيني والاردني وقطعت المحادثات المتعددة الاطراف المعنية بالتعاون الاقليمي شوطا لا بأس به ثم اصاب عملية السلام مااصابها من الجمود والشلل نتيجة لسياسات وممارسات حكومة اسرائيل السابقة.
ومع ان العرب اعلنوا حينها ان السلام اصبح بالنسبة لهم خيارا استراتيجيا لارجعة عنه الا ان ذلك لم يغير من الامر شيئا بالنسبة لممارسات الحكومة الاسرائيلية السابقة وتجاهلها لمبادىء العملية السلمية وتنكرها لتعهداتها بموجب الاتفاقات المبرمة مع الجانب الفلسطيني بما في ذلك اتفاقية واي بلانتيشن وتجري حاليا محاولة لتحريك عملية السلام وذلك في ضوء التأكيدات التي صدرت عن رئيس الحكومة الاسرائيلية حول عزمه العمل على انهاض عملية السلام بمختلف مساراتها.
ان اتفاقية شرم الشيخ الموقعة في 4 سبتمبر الماضي يمكن ان تكون خطوة جيدة اذا مااستتبعتها خطوات مماثلة لتحريك المسيرة نحو العودة الى الاسس والمبادىء التي جرى اعتمادها في مؤتمر مدريد وعلى رأسها مبدأ الارض مقابل السلام , فالسلام على المسار الفلسطيني لابد ان يعني الانسحاب من الاراضي المحتلة وحصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه الوطنية المشروعة بما في ذلك حقه في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
كما ان موضوع القدس المدرج ضمن قضايا الحل النهائي يجب تناوله في اطار القرارين 242 و252 وهذا يعني ان القدس جزء من الاراضي المحتلة وان على اسرائيل الامتناع عن اتخاذ اي اجراءات احادية الجانب بغرض التأثير المسبق على وضعية هذه المدينة المقدسة ومن الضروري والطبيعي لأي تسوية دائمة وشاملة ان تعنى بموضوع عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار رقم 194 واطلاق سراح المسجونين اضافة الى قضية المستوطنات والمياه الى آخر ذلك من المواضيع المختلفة.
اما على المسار السوري فالمطلوب هو استئناف المباحثات من النقطة التي توقفت عندها بقرار من الحكومة الاسرائيلية السابقة والثابت ان الجمهورية العربية السورية مازالت عند استعدادها ورغبتها في الوصول الى حل شامل ودائم شريطة ان يستند على مبدأ الارض مقابل السلام.
وفيما يتعلق بالمسار اللبناني فهذا الامر يحكمه القرار 425 الصادر عن مجلس الامن والقاضي بانسحاب القوات الاسرائيلية الفوري وغير المشروط من الاراضي المحتلة في جنوب لبنان وبقاعه الغربي.
السيد الرئيس مازال العراق بعد مضي اكثر من تسعة اعوام على عدوانه على دولة الكويت يماطل في تنفيذ جوانب اسياسية من القرارات الصادرة عن مجلس الامن ذات الصلة بهذا الموضوع كما ان شعب العراق لازال يدفع ثمن تجاوزات نظامه وتحدياته المستمرة للشرعية الدولية.
فعلى الرغم من جميع المبادرات والمقترحات العربية والدولية التي جرى طرحها بهدف ايجاد آلية ومنهجية فعالة لرفع الحظر الاقتصادي الدولي عن العراق ووضع حد لمعاناة الشعب العراقي الا ان حكومة العراق لم تبد حتى الآن التجاوب المطلوب الذي يساعد على دفع الامور في الاتجاه المرغوب, ومما يشجع العراق على اتخاذ مسلك المناورة والتسويف ان مجلس الامن ذاته عاجز عن التحرك بسبب عدم تمكن اعضائه الدائمين حتى الآن من التوصل الى تصور مشترك ازاء مشاريع القرارات المطروحة حاليا والتي تهدف الى ايجاد مخرج متفق عليه للازمة الحالية تسمح بإحياء انشطة التفتيش والرقابة على الاسلحة المحظورة وتنظيم العلاقات الحالية والمستقبلية بين العراق والامم المتحدة.
وفي كل الاحوار فان العراق سيظل مطالبا بتنفيذ كافة القرارات الدولية ذات الصلة بعدوانه على الكويت والتعاون الجاد مع اللجنة الدولية للصليب الاحمر لاطلاق سراح الاسرى والمرتهنين الكويتيين وغيرهم من رعايا الدول الاخرى واعادة الممتلكات الكويتية والامتناع عن القيام بأي عمل استفزازي او عدواني ضد دولة الكويت وغيرها من الدول المجاورة التزاما بقرار مجلس الامن رقم 949 واثبات نواياه السلمية تجاه جيرانه قولا وعملا، ذلك هو السبيل الانجح لانهاء المعاناة الانسانية التي يتحمل مسؤولياتها نظام العراق وحده وان الالم الذي تشعر به المملكة العربية السعودية وشقيقاتها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية ازاء معاناة اشقائهم في العراق لايعادله الا حرصهم جميعا على ضرورة الحفاظ على استقلال العراق ووحدة اراضيه وسلامته الاقليمية.
السيد الرئيس لقد شهدت علاقات الجمهورية الاسلامية الايرانية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تطورات مشجعة في الآونة الاخيرة نتيجة للتوجه الايجابي للحكومة الايرانية ومع ذلك فما زالت هناك مشكلات عالقة يتعين حلهاومعالجتها لكي تستقيم الامور على رأس تلك المشكلات تأتي قضية الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى.
ولقد قرر وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بتأييد ومباركة من دولة الامارات العربية المتحدة احالة الموضوع للجنة ثلاثية مكلفة بتهيئة الاجواء للدخول في مفاوضات مباشرة بين دولة الامارات العربية المتحدة والجمهورية الاسلامية الايرانية حول موضوع الجزر ويعكس هذا التوجه رغبة دولة الامارات لحل القضايا العالقة بروح ايجابية, واننا نشعر بالتفاؤل ازاء هذا الموضوع في ضوء مااظهره ويظهره فخامة الرئيس محمد خاتمي من الرغبة في فتح صفحة جديدة في العلاقات الخليجية الايرانية يسودها حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتعاون المثمر فيما يعود بالنفع والمصلحة للطرفين.
السيد الرئيس في الوقت الذي بدا فيه ان مشكلة البوسنة والهرسك قد وجدت طريقها الى الحل بموجب اتفاقية دايتون للسلام وماتضمنته هذه الاتفاقية من نصوص تحفظ لهذه الجمهورية استقلالها وسيادتها وتمهد الطريق لعودة اللاجئين ومطاردة المسؤولين من جرائم التطهير العرقي واعمال الابادة والتقتيل وارساء دعائم السلم الاهلي، واجهت منطقة البلقان ازمة في اقليم كوسوفا لا تقل ضراوة وخطورة عما جرى في البوسنة والهرسك في ابعادها الانسانية حين تعرض البان كوسوفا لنفس القدر من التطهير العرقي واعمال الابادة والتهجير القسري والوان من القمع والارهاب على مرأى ومسمع من العالم وبمساندة وتشجيع القوات الصربية التابعة لجمهورية يوغسلافيا الاتحادية ومرة اخرى وجدت الامم المتحدة نفسها امام معضلة التعامل مع هذا الوضع الخطير الذي يهدد منطقة البلقان برمتها هذا الوضع الذي لم يحسمه الا تدخل قوات الحلف الاطلسي بعد ان رفضت صربيا الالتزام بنصوص اتفاقية رامبوييه .
ان اللجوء الى القوة العسكرية خارج اطار الامم المتحدة لحل مثل هذه المعضلات قد لايكون الحل الامثل لمعالجة الازمات الدولية ولكنه يصبح احيانا ضرورة لامناص منها في كل مرة يفشل فيها مجلس الامن الدولي للاضطلاع بدوره في حفظ الامن والسلم الدوليين نتيجة لانعدام الوحدة والاتفاق بين اعضائه الدائمين وهو الامر الذي نرجو ان لايتكرر لكي تحافظ منظمتنا الدولية على هيبتها وكرامتها.
السيد الرئيس مازالت بقاع كثيرة من العالم ترزح تحت ويلات الحروب والمنازعات الاقليمية والعرقية والمشاكل الحدودية والصراعات القومية والقبلية فالصراع بين فصائل المجاهدين الافغان مازال محتدما في افغانستان مانعا هذا البلد وشعبه من قطف ثمار تحريره من الاحتلال الاجنبي.
ومما هو مدعاة للاسف ان يجري استغلال الظروف الراهنة لهذا البلد لجعله قاعدة لايواء وتدريب الارهابيين مما يتسبب في زعزعة الامن والاستقرار وتعريض الشعب الافغاني لمزيد من المعاناة وان بلادي تؤيد جهود الامم المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي الهادفة الى اعادة الامن والاستقرار في ربوع افغانستان كما ان قضية النزاع الباكستاني الهندي حول جامو وكشمير لاتزال تشكل مصدر توتر وعدم استقرار بين الدولتين الجارتين لاسيما في اعقاب التصعيد العسكري الاخير بينهما مما يدعونا الى مطالبة الجانبين بممارسة اقصى درجات ضبط النفس وحل الخلاف عن طريق المفاوضات وفقا لقرارات الامم المتحدة التي تكفل لشعب جامو وكشمير حقه في تقرير المصير.
ولقد تابعت بلادي باهتمام شديد التطورات الاخيرة في اقليم تيمور الشرقية وهي اذ ترحب بالموقف الايجابي الذي اتخذته حكومة اندونيسيا وخاصة ازاء تعاونها مع الامم المتحدة لتؤكد على ضرورة احترام السيادة الاقليمية لجمهورية اندونيسيا وعلى اهمية استتباب الامن والاستقرار في ربوع تلك المنطقة, ولانزال نتألم لمشاهد القتال والنزاعات المسلحة بين الاشقاء في افريقيا خاصة في منطقة القرن الافريقي والتي من شأنها تعميق الجراح وتوسيع دوائر البوءس والفقر.
واننا نعول كثير من هذا الصدد على حكمة قادة هذه القارة العظيمة في تغلب المصالح العليا لبلدانهم وحل المنازعات بالطرق السلمية.
وقد اغتبط المجتمع الدولي باسدال الستار على مشكلة لوكربي التي جلبت على ليبيا وشعبها الكثير من المعاناة ونتطلع الى قيام مجلس الامن باتخاذ قرار للرفع النهائي للعقوبات المفروضة على هذا البلد لقاء استجابتها للمناشدات الدولية ووفائها بجميع المتطلبات والشروط المرتبطة بهذه القضية, ولايفوتني في اطار التعرض للساحة الافريقية ان احيي الشعب الجزائري على التفويض الكبير الذي منحه لقيادته الجديدة للسير قدما في خطة الوئام المقترحة لاسدال الستار على مرحلة الشقاق والعنف التي عانى منها هذا البلد الشقيق.
السيد الرئيس ان حكومة خادم الحرمين الشريفين تولي جل اهتمامها وعنايتها بالجهود الرامية الى ازالة اسلحة الدمار الشامل عن منطقة الشرق الاوسط بما في ذلك منطقة الخليج العربي من خلال دعمها لجهودها جامعة الدول العربية بموجب قرار مجلس الجامعة في دورتها ال101 والداعي الى جعل هذا الجزء الحساس من العالم منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل بمختلف انواعها النووية والكيمائية والبيولوجية.
ونشعر في هذا الخصوص بقلق شديد ازاء رفض اسرائيل الانضمام الى معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية وبقاء برامجها النووية خارج نطاق الرقابة الدولية الامر الذي يشكل تهديدا خطيرا لامن المنطقة.
ان من الضرورة بمكان بذل اقصى الجهود من اجل زيادة فعالية معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية وذلك عن طريق تفعيل نظام الضمانات التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية وجعلها ذات صبغة عالمية.
كما اننا نرى ضرورة وضع الضوابط والمعايير التي تساعد على التقدم المنشود في جميع مجالات نزع اسلحة الدمار الشامل انسجاما مع قرار الامم المتحدة رقم 1 لعام 1946م.
السيد الرئيس ان الارهاب الذي يضرب في كل مكان من العالم بدون هوادة ولاتمييز اصبح يشكل ظاهرة عالمية بالغة الخطورة تستوجب جهودا عالمية منظمة لاحتوائها ومكافحتها.
وقد دأبت حكومة المملكة العربية السعودية على ادانة الارهاب بكل صوره واشكاله وضمت جهودها الى جانب الجهود الدولية المبذولة للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة وان مايجب التأكيد عليه في هذا الخصوص ان التطرف والعنف والارهاب ظواهر عالمية غير مقصورة على شعب او عرق او ديانة ونظرا لعالمية هذه الظاهرة وشموليتها فان التصدي لها ومكافحتها بفعالية وتأثير لايمكن ان يتأتى الا من خلال عمل دولي متفق عليه في اطار الامم المتحدة يكفل القضاء على الارهاب ويصون حياة الابرياء ويحفظ للدول سيادتها واستقرارها, على ان مكافحة الارهاب تتطلب ايضا تعاونا دوليا ضد ايواء العناصر والجماعات الارهابية والحيلولة دون تمكينها من استغلال اراضي وقوانين الدول التي تعيش على ارضها لاستخدامها منطلقا لانشطتها التخريبية مهما كانت الذارئع والحجج.
السيد الرئيس تولي المملكة العربية السعودية اهتماما بالغا بقضايا البيئة وضرورة حمايتها حيث افردت لهذا الموضوع مكانا بارزا في سياستها الداخلية والخارجية على اعتبار ان الحياة الامنة لبني البشر ترتبط ارتباطا وثيقا بما يحيط به من ظروف بيئية ومناخية, ومن هذا المنطلق فقد كان للمملكة مشاركات فعالة في المؤتمرات والندوات والهيئات الدولية المتعلقة بالبيئة وحمايتها اضافة الى انضمامها للعديد من الاتفاقيات الدولية والاقليمية وذات الصلة بهذا الموضوع.
وان كل ما نأمله هو ان تتسم الجهود الدولية عند تناولها لمشاكل البيئة بالقدر اللازم من الموضوعية وفي ظل دراسات جادة وواعية ترتكز على الحقائق العلمية وتأخذ بعين الاعتبار مسيرة التنمية في الدول النامية وندعو في هذا الشأن جميع الدول الى الالتزام ببرنامج القرن الحادي والعشرين وان توفي الدول الصناعية على وجه الخصوص بالتزاماتها الدولية من حيث نقل التقنية البيئية للبلدان النامية.
السيد الرئيس اذا كان بزوغ ظاهرة العولمة بكل زخم وقوة وبشكل باتت تتراجع معه الحواجز الجغرافية وتزول امامه الموانع السياسية والسيادية قد اصبح امرا يتوجب على جميع الدول ان تتكيف وتتعايش معه,, فاننا مدعوون الآن اكثر من اي وقت مضى للتعامل مع هذه الظاهرة على النحو الذي يؤدي الى نشوء عالم متوازن في المصالح وتبادل المنافع ومتكافىء في فرص العيش الآمن والكريم.
وان بلوغ هذا الهدف يستوجب من الدول النامية ان تضاعف جهودها التنموية الداخلية لتستطيع ان تلحق بركب مسيرة الاقتصاد الدولي.
كما انها مطالبة في هذه المرحلة بتكثيف جهودها من اجل ازالة العوائق التي تحول دون اندماجها في النظام التجاري المتعدد الاطراف كما ان هذه الدول مدعوة الى تعديل سياساتها الاقتصادية والعمل على ايجاد البنى التحتية اللازمة لتجهيز السلع بالمواصفات القياسية المطلوبة في الدول المستوردة, وفي المقابل فانه يترتب على الدول المتقدمة صناعيا واقتصاديا ان تسهم في تحقيق الهدف المنشود من خلال اضطلاعها بالمسوؤليات التالية.
1 - ابداء مرونة اكبر فيما يتعلق بشروط الانضمام لمنظمة التجارة العالمية يراعى فيها منح الدول النامية فترات انتقالية مناسبة تتفق واحتياجاتها التنموية ولمساعدتها على تطويع انظمتها وقوانينها على النحو الذي يمكنها من الوفاء بالتزامات العضوية.
2 - اعطاء الدول النامية فرصا اكبر للاستفادة من الافضليات المعممة وتوسيع التغطية السلعية لمنتجات الدول النامية المستفيدة وضمان استقرار اكبر لهذه الانظمة وشفافيتها.
3 - الحد من استخدام التدابير الوقائية الاحترازية التي تفرضها الدول الصناعية على واردات الدول النامية ذات الاهمية التصديرية مما يحد من نفاذها للاسواق العالمية ويقلل من قدرتها التنافسية ويزيد من العوائق التي تواجهها الدول النامية.
4 - التأكيد على قيام الدول الصناعية بتنفيذ التزاماتها تجاه الدول النامية والتي وردت في جولة ارجواى واتفاقيات منظمة التجارة العالمية وذلك بتقديم المساعدات المباشرة وغير المباشرة واسقاط واعادة جدولة الديون الى جانب الايفاء بالتزاماتها الاخرى وضمان فتح اسواقها امام صادرات الدول النامية وعدم تبني تدابير مجحفة بغية تدفق صادرات هذه الدول للدول الصناعية.
وفي هذا المجال لايفوتني التنويه الى ان المملكة العربية السعودية حرصت اشد الحرص على الاسهام بقدر طاقتها في دفع عجلة التنمية في الدول النامية سواء على المستوى الثنائي او الدولي وامتدادا لذلك وسعيا من المملكة بأن تساهم في بلورة المسيرة المستقبلية للاقتصاد الدولي فانها تقدمت بطلب الانضمام الى منظمة التجارة العالمية ونأمل بمشيئة الله دعم الدول الصديقة للمملكة لانهاء اجراءات الانضمام في اقرب وقت ممكن.
السيد الرئيس ونحن نستعد لاستقبال الالفية الثالثة تغمرنا مشاعر واحاسيس مختلفة يختلط فيها التفاؤل بالتشاؤم ازاء مستقبل عالمنا في الحقبة التاريخية القادمة وذلك على خلفية مانواجهه حاليا من الاشكالات والتحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية واذا كان الباعث لانشاء منظمة الامم المتحدة هو استبدال منطق الحروب والمواجهة بلغة الحوار والتعاون في وقت اصبح فيه استخدام القوة العسكرية ذا تكلفة باهظة جدا وغير مضمون النتائج فاننا اليوم نعيش ارهاصات مرحلة جديدة تفرض علينا جميعا السعي لتحقيق اقصى قدر ممكن من التعاون والتعاضد من اجل مواجهة ليس فقط التحديات السياسية والعسكرية بل والتصدي لالوان جديدة من التحديات افرزتها طبيعة الحياة المعاصرة بما فيها من مشاكل وتعقيدات لايمكن حلها او ادارتها الا من خلال جهود جماعية ومنظمة.
وان ايماننا الراسخ بأهمية الدور الذي يمكن ان تضطلع به الامم المتحدة في التعامل مع القضايا الراهنة وتهيئة سبل التعاون الدولي لمعالجتها واحتوائها يجعلنا اكثر إصرارا من اي وقت مضى على دعم هذه المنظمة وتكريس دورها البناء.
ان من اهم الدروس التي استوعبناها خلال اداء الامم المتحدة في الحقبة الماضية ضرورة تمكين منظمتنا من القدرة على تحسس الازمات والتحرك لاحتوائها قبل انفجارها وذلك من خلال الاستفادة القصوى من اسلوب الدبلوماسية الوقائية ذلك ان التحرك لادارة الازمات قبل استفحالها خير وسيلة لتجنب عواقبها ونتائجه الوخيمة,وفي الختام لابد من التأكيد على حقيقة راسخة وهي ان التعاون فيما بيننا لحل المشكلات الراهنة بكل التجرد والموضوعية والشعور بالمسؤولية اصبح يشكل ضرورة لا مناص منها ويتوقف عليه مستقبل منظمتنا الذي هو مستقبلنا جميعا قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الاثم والعدوان صدق الله العظيم.
|
|
|