إعداد: محمد نجيب علي
حتى الآن أكثر إنجاز تحقق في ديمقراطية روسيا هو اجراء الانتخابات اذ خلال الثلاث سنوات الماضية اصبحت الانتخابات اكثرقبولا واقبالا من الروسيين,, وقد طرح سؤال من قبل هل سوف تنفذ السلطة الحاكمة انتخابات نزيهة,؟
وكانت الاجابة في انتخابات الدولة في ديسمبر 1995م، وانتخابات الرئاسة في يونيو 1996م.
البوادر في الانتخابات الروسية لا تبشر بخير وهذا ما أكده المراقبون في انتخابات عام 1996م الرئاسية حيث قدرت نفقات الحملة الانتخابية للرئيس يلسن ب 500 دولار امريكي ويقدرها البعض ببليون دولار امريكي وذلك مقارنة مع تكاليف حملة الرئيس الامريكي بيل كلينتون والتي كلفت 112 مليون دولار امريكي,, اما التقرير الرسمي لحملة يلسن فكان من المفروض ان تكون فقط 2,9 مليون دولار امريكي.
الامر الاكثر ملاحظة في تلك الانتخابات كانت المحاباة الفاضحة من قبل الاعلام للرئيس يلسن فقد حظى بما نسبته 53% من التعطيات الصحفية بينما اقرب المنافسين له جرينادي زياقروف فقط نال 18% وقد ظهر يلسن في التلفاز اكثر من غيره هذا الى ان الجهد الاعلامي كان يميل تماما في مصلحة الرئيس, اعطيت درجة لاي عمل ايجابي وتحسم درجة لاي عمل سلبي للمرشح فكانت نتائج يلسن 492 في الجولة الاولى وزياقروف - 313 وفي الجولة الثانية احرز يلسن 247 وزياقروف - 240 علما بأن يلسن غاب عن الاعلام اسبوعا فقط قبل الانتخابات.
سياسة الانتخابات في روسيا مفترق طرق شأنها شأن الامن هناك لأن السياسيين الروس تعلموا كثيرا من الحيل التجارية وجعلوا قوانين ومبادئ الانتخابات تحمي الاقلية الحاكمة الاستغلالية الجشعة والتي تربعت على عرش الاقتصاد هناك وذلك عبر سن قوانين تحميها وتبرر فسادها وبقاءها في السلطة.
المؤسسات الديمقراطية الروسية ايضا لم تتطور نظم المراقبة والموازنة بل تركت الى التنفيذيين الموالين للاقلية الحاكمة,, القضاء تؤثر فيه السلطة الحاكمة وبلغ الامر ذروته عندما استطاع التنفيذيون بضغوطهم التأثير في اجازة ميزانية الدومة والذي يحتفظ يلسن ومجموعته بالحق في تجاهله او حله متى شاءوا اذا لم يجز الميزانية حسب ما ارادها التنفيذيون الموالون لهم,, وبالطبع هذه مخالفة قانونية واضحة,, واذا دعا الامر فان يلسن سوف يغير رئيس الدومة او رئيس مجلس الوزراء,, وهكذا يصبح الامر مساومات بل يذهب الامر الى ابعد من ذلك بقولهم ان يلسن يبحث عن فترة رئاسية ثالثة وبالطبع هذا ضد القانون.
لا يمكن ممارسة ديمقراطية دون وجود نظم حزبية والمحاولات الروسية في هذا الجانب مخيبة للآمال,, وبالرغم من ان الخلافات السياسية تعكس درجات من التباين والتنوع داخل الدومة الا انه في الواقع تجد الامر ما زال غير متطور وذلك برفض الحكومة دمج او ضم اي حزب وكل تصرفات الرئيس يلسن تؤكد ان التطور الحزبي امر ثانوي في الديمقراطية الروسية,, وكثيرا ما يستخدم سياسة القرب احيانا والابتعاد احيانا اخرى لذلك لا قرب شريك في الحكومة وقد بحث يلسن منذ الماضي تحجيم تطور الاحزاب وذلك بازالته نظام القائمة الحزبية التي تنتخب نصف مقاعد الدومة واسهام فقط للتي تحقق اكثر من 5% من الانتخابات العامة.
وفي عام 1995م اربعة احزاب فقط هي التي استطاعت ذلك ونصف مقاعد الدومة ذهبت لاحزاب تعارض ادارة يلسن وقد فقد نظام القائمة الحزبية على ان الاحزاب يجب ان تشكل حياة روسيا الاجتماعية لكن في عام 1998م جدد يلسن قراره بالغاء ذلك,, وحتى يتحكم في الدومة دافع بان يكون النظام مشابه لمجلس النواب الامريكي وبما ان يلسن لديه التأثير على القيادات السياسية المحلية فإنه على يقين بأنه سيؤثر على القادمين من الولايات الاقليمية,, كل ذلك قاد الى فساد ضار بالعملية الديمقراطية اذ اصبح شراء المقاعد امرا مألوفا ويتم بشكل منظم ومعروف واكثر مقاعد الدومة تشترى.
الاعلام الروسي ايضا لعب دورا في ذلك ففي روسيا عدد ضخم من مصادر الاخبار,, صحف المعارضة متوفرة وللصحفيين حرية الكتابة والقول,, وقد كانت اكبرفضائح يلسن هي فضيحة فاتورة كتاب نوفمبر حيث اخذت 500 الف دولار لتأليف كتاب عن الخصخصة,, وقد ظهرت القيادات السياسية في برامج معادة مثل (هيرو او ذا دي) (وايتوش) يدافعون عن اولئك المختلسين,, لكن لم يستمر الامر كذلك وخلال سنتين مضتا تحول الحال الى سيطرة الفئة الحاكمة على الاعلام باكمله وفرضوا طاقم تحرير ورئاسة مجالس دور صحفية من الموالين لهم.
فضائح الطغمة الحاكمة في روسيا باسم الديمقراطية توالت وانعكست آثارها على ما هو اخطر من ذلك اذ ان الامر الآن يتعلق بأمن العالم كله وخير مثال على ما نقول هو انتحار فلاديمير نيش Vladimir Nechai في اكتوبر سنة 1996م، مدير المجمع النووي في مدينة شيليا بنكس Cheliyabinsk وذلك لعجزه دفع رواتب موظفي المجمع وبالتالي عدم الاستطاعة في تأمين سلامة العمليات في المجمع النووي،,, ترك انتحاره ذعرا وفوضى عالمية مخيفة.
ايضا تسببت الديمقراطية ممثلة في الفئة الحاكمة في تهريب اطنان من المواد النووية والبايولوجية والكيمياوية واصبحت سلعة تباع وتشترى في السوق الاسود,, ان زمة التحكم في اسلحة الدمار الشامل السوفيتية أزمة حكم اكثر من ان تكون ازمة تقنية.
|