عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عفواً أختي المطلقة إن نكأتُ الجراح الغافية في أعماقك وأثرتُ الآلام المسترخية في خيالك بعد أن أناخت الركاب، غير اني وجدت نفسي أقرأ قضيتك قراءة جديدة محملة بالشجن محاولاً أن أتهجى رسوم الحزن في ملامح تجربتك الأولى أيتها المرأة المبحرة في فضاء الصبر والصمود ونفسك لم تزل مسكونة بالوجوم ومضرجة بالانكسار ومكتظة باسئلة الدهشة من موقف المجتمع,,!
وأخص بالحديث تلك المرأة التي لم تمكث في بيت الزوجية الأول سوى ايام أو أسابيع أو شهور قليلة دونما أولاد وهي تواجه سهام الواقع وشراسة المجتمع الذي يراها امرأة خاسرة في الرّهان الاول في محاكمة ظالمة هي أشد من الطلاق نفسه,, وهو بذلك يحمّل المرأة مسؤولية الاخفاق ويجعلها سببا للطلاق ويغض الطرف عن قصور الرجل علماً بأن المرأة أكثر حرصا منه على استمرار الحياة الزوجية وأكثر صبراً وتضحية,, فآثار الطلاق اشد وطأة على المرأة منها على الرجل وبخاصة في توابعه النفسية,, ومما يعمّق مأساة تلك المرأة المكلومة انحسار مد الزوجية امامها فهي إما ان تقبل بدور الزوجة الثانية وإما أن ترضى بكبير السن وهي في ريعان شبابها في ظل خوف الشباب من مصطلح مطلقة ورهبتهم منه وعزوفهم عنها,,!
عذراً معشر الشباب: فليس ثمة حرج في الزواج من المطلقة، فلم تكن ورقة الطلاق وثيقة فشل للمرأة ولا بطاقة انهزام لأنكم لا تدركون الظروف الصعبة ولا المواقف المؤلمة التي وضعت هذه المرأة على ضفاف الفراق الزوجي وسحبت منها هوية الزواج، ألا يمكن ان يكون سوء اختيار الزوج وعدم كفاءته عاملا لحدوث الطلاق واللجوء إليه كونه زوجا غير مشرف؟ فلماذا تكون المرأة هي الضحية ولماذا هي المخطئة دائما,,؟!
إنها دعوة لانصاف المطلقة ووقفة متأنية امام معاناتها وهي مسافرة في قافلة الطلاق، بل قراءة لاوراق متساقطة من حقيبة مطلقة، ولم تزل تلك المرأة المكافحة تتساءل عن سر احجام الشباب عن الاقتران بها بالرغم من ان الواقع يؤكد عكس ذلك، فالمطلقات هن الأقدر على صياغة تجربة زوجية ناجحة وإقامة بيت زوجي مبارك، وهن الأكثر نضجا والأعمق رؤية والاصدق عاطفة,,نعم ان المطلقات لديهن قدرة كبيرة على فهم لغة البيت الزوجي وترتيب مفرداته واستيعاب متطلباته والابحار في اعماق مسؤولياته بكل جدارة,.
وهن الاكثر احتفاءً بالتجربة الجديدة والاشد حرصا على تعويض الاخفاق واثبات النجاح وتقديم التضحيات وتكوين الاسرة الصالحة,.
أتدرون لماذا؟ لأن الطلاق محطة مؤلمة في حياة المرأة وحدث كئيب يمنحها ابعاداً نفسية مفعمة بالنضج والفهم وقيما حياتية متزنة واعية لتصبح اكثر تقديراً للحياة الزوجية وأشد تضحية، بل ويهبها النظرة العاقلة للامور والحكمة الصائبة بعيداً عن دوائر السطحية وضغوط المزاج واندفاع العاطفة، ومن ثم تتجلى ملامح ذلك في مشروعها الزوجي القادم,.
ترى هل المطلقة فعلاً أقدر على كتابة تفاصيل الحياة الزوجية والالمام بمعطيات الكفاح الزوجي وإدراك معالمه؟ ألستُ محقا؟ وعلى كلٍّ ما علينا سوى الوقوف معها في تجربة جديدة ومنحها ازهار الامل وإزالة جور المجتمع وظلم الظروف وقسوة الزمن، وطرد الذبول من اهداب حياتها الزوجية الجديدة,.
محمد بن عبدالعزيز الموسى
بريدة