تحدثت قبل عدة ايام عن عقدة الادارة بالكراتين وهي فلسفة في الادارة تقوم على ان الشيء المهم هو الشيء الذي ألمسه بيدي مما يستبعد المكتسبات المعنوية كالتدريب والتطوير وهذان المطلبان لا قيمة لهما في ظل منهج الادارة بالكراتين لانهما غير ملموسين.
وتمنيت على معهد الادارة ان يصيغ هذه الفلسفة في صورة نظرية، ويمكن اليوم ان نتحدث عن فلسفة اخرى يشارك فيها معهد الادارة، بل يمثل معهد الادارة فيها حجر الزاوية، بل ربما جاءت شهرة معهد الادارة ونجاحه الكبير منها.
كما نلاحظ فقد اصبح في كل مكان ساعة: في يدك، في سيارتك، في جوالك، في مكتبك، اين ما وليت وجهك تلقى ساعة تدلك على الوقت كأن الانسان وهو يمشي يعد ما تبقى له في هذه الدنيا بالدقيقة, ولكن رغم كل هذه الساعات فمشكلة الحضور والانصراف مازالت تشكل عند معهد الادارة والمديرين التقليديين في الادارة الرسمية مشكلة تستحق التضحية بكل شيء من اجلها, ولا يبدو ان هناك حلا لها في المستقبل القريب والبعيد, فالموظف لا قيمة له الا من خلال دفتر الحضور والانصراف, فلم اسمع ان موظفا حسم من راتبه لسبب غير الحضور والانصراف, وقد حقق معهد الادارة سمعة عظيمة من خلال مساهماته الكبيرة في تطوير مفهوم الحضور والانصراف, فالعمل والانتاج والمبادرة والابداع كل هذه ضغطت في هذه قضية.
وما كان لمعهد الادارة ان يحظى بكل التقدير الذي يحظى به في نفوس المديرين التقليديين لولا انه نجح نجاحا مشهودا في ضبط ام القضايا خصوصا انه جعل موظفيه يأتون للعمل بدقة معتبرة بدون دفتر حضور وانصراف حيث استطاع ان ينقل مفهوم الحضور والانصراف من الاجراء العملي الى مستوى العقيدة الادارية.
لو درسنا وثيقة تقييم الاداء والفعالية سنلاحظ انها تنطوي على عدة حقول لعدد من المهارات والانشطة المختلفة ومن بينها حقل واحد للحضور والانصراف ولكن واقع التطبيق العملي لا يأخذ هذه الحقول الا من خلال حقل الحضور والانصراف ولتعرف الذهنية التقليدية في مفهوم الادارة تابع كثيرا من المديرين الذين ينقلون من معهد الادارة الى الدوائر الاخرى ستعرف ببساطة ان هذا من مدرسة معهد الادارة اذا لاحظت انضباطا غير معهود في الحضور والانصراف واقترح على معهد الادارة ان يضيف تجربته في الحضور والانصراف الى قائمة المدارس الادارية العالمية حتى يحسب له شيء منذ تأسيسه, طبعا لا ننسى انجازه الثاني المطعم الانيق الذي طبقت شهرته الآفاق.
|