** أهداني زميلي وصديقي الأستاذ الكبير خالد الحمد المالك,, كتابا عجزت عن قراءته.
** كلما تناولته,, أوشكت على البكاء,, ثم رددته الى موقعه وقلت,, لعلي أقرأه مرة أخرى,, بعد أن تهدأ الأمور .
** الأمور لم تهدأ,, بل ازدادت تأزما,, وعندها,, قررت أن اقرأ ولو أن البكاء يصاحب القراءة,.
** الكتاب هذا يقطع نياط القلب فهو يحمل مأساة ابنه فهد,, الذي داهمه المرض وهو في ريعان شبابه,, وأخذ يسري في جسده الضعيف حتى تركه جثة هامدة,, وتلك ارادة الله ومشيئته جلت قدرته,, لا نملك أمامها,, سوى التسليم والرضا بقضائه وقدره.
** غير أن استاذنا وصديقنا خالد المالك,, توكل على الله وحده,, واستفاد من قوة إيمانه بالله,, ولم يستسلم للمرض,, بل فعل كل الأسباب المتاحة,, فعالجه هنا في المستشفى التخصصي على يد أمهر الأطباء,, ثم سافر به الى أمريكا,, وبقي هناك لمدة عام أو تزيد ,, هو وأسرته وأولاده,, وظل يتردد بين الرياض وأمريكا من أجل صحة ابنه.
** سعى بكل ما يملك,, وخسر كل ما يملك,, وضحى بماله ووقته وجهده,, ونسي أعماله والتزاماته كلها,, من أجل أن يعالج ابنه.
** وقف معه الجميع,, أصدقاء,, وزملاء,, وأقرباء,, وأحبة,, وحتى الخصوم السابقين في الصحافة,, كانوا الى جنبه,, وقفوا معه وقفة رجل واحد,.
** بذل كل الأسباب المتاحة,, والباقي على الله.
** وكانت ارادة الله ومشيئته جلت قدرته,, ان اختار هذا الشاب الى جواره,, وعندما ذهبنا للصلاة عليه ودفنه,, لم نجد مكانا في مقبرة النسيم,, كل الصحفيين والاعلاميين والأكاديميين والمثقفين والأدباء والشعراء كانوا هناك.
** وكل رجال الأعمال ووجهاء المجتمع والمسؤولين كانوا هناك,, كلهم كانوا الى جانب خالد المالك.
** وبعد وفاة هذا الشاب,, كتب الجميع انطباعاتهم وشاطروا خالد المالك الحزن والأسى,, وامتلأ بيته وبيوت أشقائه لمدة عشرة أيام بالمعزين.
** خالد المالك,, سطر كل ذلك في كتاب يحمل الوفاء,, ويحمل الحب,, ويحمل العبرة أيضا.
** الكتاب,, لم يكتبه خالد المالك وحده,, بل كتبه الجميع,, أصدقاء خالد وزملاؤه ومحبوه,, كل ساهم برأيه.
** وخالد المالك,, ذلك الذي ملأ الدنيا كتابات وضجيج إعلامي,, وحضور ثقافي فاعل,, لم يؤلف في حياته كلها إلا كتابين فقط,, الأول عندما مات أبوه,, والثاني عندما مات ابنه,, وهو ما أتحدث عنه.
** وخالد المالك,, الذي اشتهر بذكائه الحاد,, وثقافته الواسعة,, وقدرته الصحفية الفذة,, وحضوره المتميز,, قليل الكلام,, لكنه عندما يتكلم يصبح إنسانا آخر,.
** كتابه هذا,, جسد أشياء كثيرة,, أبرزها,, مثالية ووفاء الأب,, وقيامه بدوره ومسؤولياته تجاه أبنائه على أكمل وجه.
** أسأل الله تعالى,, أن يكون فهد,, شفيعا لوالديه,, وأن يعوضهم خيراً.
عبدالرحمن بن سعد السماري