حدثتني صديقة اثق بها عن تلك الحكاية الواقعية التي سمعتها من زوجها والتي تقول: استدان رجل اعمال مبتدئ مبلغا من المال من صديقه متوسط الحال واثبت ذلك كتابة على الورق وبعد سنوات اصبح الصديق الدائن يطالب صديقه الذي اصبح في ذلك الحين من كبار رجال الاعمال بفضل المبلغ الذي كان يحتاج اليه بإلحاح لظروف يعانيها,, إلا أن الصديق المدين اخذ يسوّف ويماطل,, وفي احد الايام استدعى الطرف الآخر (صاحب الدين) الى مكتبه على ان يحضر معه الورقة المثبت فيها الدين.
وبدافع من فرح غامر وقف الصديق صاحب الدين في المكتب ينتظر استلام حقه,, وما ان أخرج الورقة حتى اخذها منه رجل الأعمال وبهدوء شديد يشبه سكون الاموات روحا لا جسدا مزقها امام عينيه، قائلا له: اذهب، فلا شيء لك عندي,,!!
نظر اليه مذهولا والدموع تختنق في صدره,, والدهشة تعقد لسانه,, فماذا تراه يفعل؟!
ليس ثمة شاهد بين هذين سوى الله فمن ذا يصدق الرجل المظلوم,؟ ومن ذا يكذب رجل الأعمال الفذ الذي يرى فيه الناس رمزا للتفوق والنجاح والمكانة ومن ذا يقنعهم بأن هذا الرجل يدوس على رقاب البعض ويهضم حقوق البعض الآخر اثناء صعوده الى اعلى,؟!
وهكذا يحدث احيانا، بل كثيرا مثل هذا في مجالات العمل وقد يكون السبب في ذلك الخلاف وعدم الانسجام ما بين الموظف ورئيسه المباشر وقد تكون هناك أسباب شخصية بحتة,, فقد يحدث بينهما بعض المواقف والامور الشخصية التي لا شاهد عليها سوى الله,, فإذا كان المدير منصفا عادلا موضوعيا لا يخلط الاوراق ويستطيع الفصل بكل موضوعية بين حيثيات المواقف وخلفياتها,, او بمعنى آخر يستطيع الفصل بين ما هو ذاتي,, شخصي، وما هو عملي عقلاني,, بين ما هو شكلي وما هو جوهري، عندها سيمر هذا الموقف امامه مرور الكرام ولن يتوقف عنده اطلاقا,, اما إن كان الأمر خلاف ذلك فالويل كل الويل لهذا الموظف البسيط الذي لا حول له ولا قوة ولا واسطة,, الويل له لأنه سيضعه في ذهنه (بالمعنى السلبي للكلمة), اما الموظف فماذا عساه يفعل وهو في النهاية ليس الا موظفا,,! وسيبقى,, الطرف الآخر (السيد المدير) صاحب حق وكلمة مسموعة، فقط لأنه المدير ولأنه ليس ثمة من شاهد على ما يجري خلف الجدران سواه سبحانه,!!
فيا ايها الحق,, من رآك,؟!
** لا يكون القاضي عادلا، إلا اذا تساوى عنده الرئيس والمرؤوس .
عمر بن الخطاب