* عمان - عمر طلال - د,ب,أ
يرفض الأردن الذي يستضيف 24 في المائة من مجموع اللاجئين الفلسطينيين في العالم تجاهل حقوق اللاجئين الذين يعيشون على الارض الاردنية بحجة انهم يتمتعون بالمواطنة الاردنية.
وأكد مسؤول اردني رفيع المستوى ان بلاده تصر على ان يكون حل هذه القضية مرتكزا إلى القرار الدولي رقم 194 والذي يعطي اللاجئين حق العودة والتعويض.
لقد ظهرت مشكلة اللاجئين منذ تشريد الشعب الفلسطيني من ارضه - سواء كان ذلك طردا مباشرا أو خوفا من التعرض للقتل على ايدي القوات الاسرائيلية اثناء حرب عام 1948 حيث تركزت غالبيتهم في الدول العربية المجاورة مثل الأردن وسوريا ولبنان اضافة إلى مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة وجاءت حرب عام 1967 لتفاقم هذه الازمة بزيادة عدد اللاجئين الفلسطينيين.
ويقول الدكتور إبراهيم بدران الذي كان يرأس الجانب الاردني في مجموعة المفاوضات المتعددة الاطراف والمنسق العام السابق لمفاوضات السلام الأردنية الاسرائيلية ان الامم المتحدة كان لها دور منذ البداية في القضية الفلسطينية حتى قبل قيام اسرائيل.
ففي سنة 1948 اصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة قرارها الشهير رقم 194 الذي يدعو الى عودة اللاجئين الذين طردوا من بيوتهم وممتلكاتهم فورا وتعويض من لايتمكن من العودة، لذلك جاء هذا القرار كأساس وقاعدة في القانون الدولي للنظر في موضوع اللاجئين.
وبعد عامين انشأت الامم المتحدة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أنروا والتي عرفت اللاجئ الفلسطيني بأنه كل شخص كان مقيما على الاقل قبل سنتين من سنة 1984 واضطر لترك بيته نتيجة للصراع الذي وقع على الأرض الفلسطينية.
ويصل عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الانروا إلى نحو ثلاثة ونصف المليون شخص موزعين على الأردن وسوريا ولبنان والضفة وقطاع غزة.
ووفقا للدكتور بدران يوجد في الأردن نحو مليون ونصف المليون لاجئ مسجلين لدى الانروا غير ان هناك اعدادا إضافية منهم غير مسجلة لدى الوكالة لاسباب مختلفة, ويقترب العدد الحقيقي للاجئين الفلسطينيين وفقا للتقديرات الاردنية والاسرائيلية والفلسطينية والدولية إلى ما يتراوح بين 4,5 إلى 5 ملايين لاجئ.
وقال بدران ان الدولة الاردنية فتحت ابوابها للاجئين الفلسطينيين لكي يقيموا في الأردن ومنحتهم الجنسية الاردنية وحقوق المواطنة دون اي تقييد لمكان الاقامة، ولذلك انتشر اللاجئون في اماكن مختلفة من البلاد.
ويقيم جزء منهم في ثلاثة عشر مخيما يعيش فيها نحو 265 ألفا وفقا لتقديرات الانروا وهذا يعني ان 18 بالمائة فقط من اللاجئين في الأردني يعيشون في المخيمات.
وبين بدران في هذا السياق ان الحكومة الأردنية تقدم خدمات لهؤلاء اللاجئين علاوة على الخدمات غير الكافية التي تقدمها الانروا، وبخاصة الخدمات التعليمية والصحية, وتصل تكلفة الخدمات التي يقدمها الأردن سنويا للاجئين إلى 350 مليون دولار في حين ان ما تقدمه الانروا لا يزيد على 76 مليون دولار.
وبين بدران ان مبدأ التعويض مبدأ من مبادئ حقوق الانسان مشيرا إلى ان الاصل في القرار 194 هو حق العودة، ومن ثم حق التعويض عن الاضرار التي لحقت باللاجئين.
ولفت إلى ان القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي لا يمكن ان يصلا إلى حل نهائي دون حل موضوع اللاجئين بالاستناد إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادئ حقوق الانسان ومع اقتراب الحل النهائي يصبح هذا الموضوع من ابرز المواضيع وأهمها وربما من اعقدها.
ويذكر ان الفلسطينيين والاسرائيليين بدأوا رسميا في الثالث عشر من ايلول/ سبتمبر الحالي مفاوضات الحل النهائي.
وشدد بدران في هذا الصدد على ان كون الاردن ليس طرفا في مفاوضات الوضع النهائي كما ورد في اتفاقيات أوسلو لا يعني في اي حال من الاحوال ان الأردن لا يتابع مصالحه والتأثيرات التي يمكن ان تحدث نتيجة اي اتفاق قد يتم بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.
ويرى بدران انه ليس من الحكمة عدم اشراك الاردن في هذه المفاوضات إذ انه يستضيف نحو ربع مجموع اللاجئين الفلسطينيين معتبرا ان مشاركة بلاده في هذه القضية تؤدي إلى الحفاظ على تلك الحقوق وعلى مصالح الدولة الاردنية على حد سواء منوها إلى عدم وجود اي تعارض او تناقض بين المصالح الاردنية والفلسطينية في هذا الشأن.
ولفت الى ادراك المجتمع الدولي واطراف عملية السلام في الشرق الاوسط لحقيقة انه لابد ان تصل عملية السلام الى نهاية مثمرة بما في ذلك حل موضوع اللاجئين استنادا إلى الشرعية الدولية والقانون الدولي وبشكل خاص قرار 194 الذي يشكل بداية صحيحة لحل مشكلة اللاجئين.
وبين ان امكانية تطبيق قرار 194 الآن هي افضل بكثير من امكانية تطبيقه عام 1948 لاقتناع الاطراف المعنية بعدم جدوى الحروب واستمرار حالة الحرب ورغبتها في التوصل إلى حل سلمي وتوفيقي للقضية ودعم المجتمع الدولي لمثل هذا التوجه.
واشار بدران إلى ان معاهدة السلام الأردنية الاسرائيلية الموقعة عام 1994 والتي ابرمت بعد اتفاقيات أوسلو قد اكدت على الجانب الانساني في معالجة موضوع اللاجئين وفق قنوات المفاوضات الثنائية والمتعددة الاطراف وعلى مساعدة اسرائيل والأردن على اعادة اقرار اوضاع اللاجئين، منبها إلى انه لا يوجد نص في المعاهدة يشير إلى توطين اللاجئين ولا إلى مكان لتوطينهم.
وقال ان مشكلة اللاجئين قابلة للحل من خلال صيغ عملية توفيقية تنطلق اساسا من الشرعية الدولية وحقوق الانسان، وعلى مراحل زمنية معينة، فخلال عام يمكن ان يتم وضع المبادئ والضوابط ومعايير الحل، بعد ذلك يصبح التنفيذ ممكنا لانه ينطلق من اتفاقيات واضحة ومكتوبة.
ومن منظور فلسطيني يتفق الدكتور أسعد عبدالرحمن مسؤول ملف اللاجئين في السلطة الفلسطينية مع الدكتور بدران على ان قضية اللاجئين هي الاخطر والاكثر تعقيدا ويشير أيضا إلى انها تنال اقصى قدر من الحساسية السياسية في اسرائيل ذلك ان المطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم وفق قرار الامم المتحدة رقم 194 يساوي في كل ادبيات السياسة الاسرائيلية تدمير إسرائيل .
ويرفض عبدالرحمن مقولة ان القرار المذكور لم يعد يشكل مرجعية للحل، مؤكدا وجود ورشات عمل حول هذا الموضوع وان وجوده ثابت في صلب العملية التفاوضية حيث ان هناك ربطا دوليا وقانونيا بين قرار 194 وقراري 338 و242 علينا التمسك به.
وفيما يخص توطين اللاجئين في الدول المضيفة لهم شدد المسؤول الفلسطيني على الموقف الفلسطيني المتناغم مع المواقف العربية والاسلامية الرافض لاي نوع من التوطين القهري مؤكدا ان الاساس هو الاقرار بحق العودة الذي لا يسقط بالتقادم وان التوطين هو افتئات على حق الدول المضيفة كما انه يعني التخلي عن حق العودة.
ويشير محللون سياسيون ومختصون في القانون الدولي الى تركيز اسرائيل والمجتمع الدولي على الجانب الانساني لقضية اللاجئين الذين يشكلون 70 بالمائة من الشعب الفلسطيني بما يعنيه ذلك من تجاهل للبعد السياسي والبعد القانوني للقضية.
ويرى بعض المراقبين ان صعوبة قضية اللاجئين وتشابكها ناجم بالدرجة الاولى عن تنكر اسرائيل للقرار 194 ولطبيعة النظام السياسي الاسرائيلي وتركيبة الدولة العبرية التي تقوم على احادية القومية.
ويرى البعض الاخر ان اسرائيل ستقبل في النهاية بعودة جزء محدود من اللاجئين الى ديارهم داخل اسرائيل يساوي عدد المستوطنين الاسرائيليين الذين سيبقون على الارض الفلسطينية في التسوية النهائية.
غير ان صحيفة هاآرتس الاسرائيلية نشرت مؤخرا معلومات عن قيام منظمات يهودية بتوزيع استمارات على اليهود الشرقيين الذي غادروا الدول العربية لمحاولة حصر ممتلكاتهم للمطالبة بالتعويض عنها مقابل مطالبة الجانب الفلسطيني بالتعويض عن ممتلكاته المتروكة خلال مفاوضات الحل النهائي.
وجاء في هذه الاستمارة ان المعطيات والمعلومات التي ستدلون بها ستكون اساسا لمطلب مضاد لمطلب العرب في المفاوضات النهائية في المستقبل بين اسرائيل والدول العربية , وان كانت الحكومة الاسرائيلة وفقا للصحيفة قد أكدت ان هذه المعلومات للجمع فقط وان موقف اسرائيل الرسمي من الامر سيتبلور في الوقت المناسب.
وقالت الصحيفة ان هذه الفكرة اثارت ردود فعل غاضبة لدى اليهود الشرقيين ونقل عن عميرام أتياس رئيس اللجنة الدولية ليهود الدول العربية قوله: نحن نريد ان تطلب اسرائيل في المفاوضات اعادة املاكنا إلينا ونحن لسنا ضد الفلسطينيين ولكننا لن نوافق على ان يقولوا ان املاكنا ليست شأنهم وأنهم سيوجهون اسرائيل لحكومات المغرب والعراق، نحن نرى ان الفلسطينيين جزء من الامة العربية إذن هم يتحملون المسؤولية عن الاملاك التي تركناها في الدول العربية.
وتابع: مقابل كل بيت يطلبونه يجب ان نطرح بيتا لنا ومقابل كل مسجد سنطالب بكنيس ومقابل كل مقبرة سنطالب بمقبرة.
وقالت الصحيفة ان ايتاس يقدر عدد البيوت التي تركها اليهود العرب بنحو 200 ألف بيت اغلبها في العراق ومصر والمغرب وتونس وسوريا ولبنان وليبيا والجزائر واليمن.
كما ادعى ان يهود العراق سيطروا في الاربعينيات على 80 في المائة من اقتصاد العراق، اي على ما يقارب 100 مليار دولار بمفهوم اليوم والمبلغ المقابل في حالة مصر هو 60 مليار دولار.
غير ان يهودا شنهاب الاخصائي الاجتماعي في جامعة تل ابيب اعتبر ان هذه المعادلة غير اخلاقية لانها محاولة لتسوية الحساب مع الفلسطينيين على حساب اليهود الشرقيين,, وبدلا من تعويض الفلسطينيين ومساعدة اليهود الشرقيين في المطالبة بالتعويض تحاول اسرائيل القيام بخدعة تترك الطرفين بدون تعويض.
وتوقع شنهاب ان الذي سيحدث هو انه بعد ان يتنازل الفلسطينيون عن حق العودة سيسأل عرفات باراك عن التعويضات وعندها سيبدأون بالتحدث عن اقامة صناديق دولية لتعويض اللاجئين وعندما يشرعون بالبحث عن اقامة هذه الصناديق ستصر اسرائيل على ان تؤخذ املاك اليهود العرب بالحسبان مما سيوقف الامور عند هذا الحد.
ويعتقد شنهاب ان اغلبية اليهود الشرقيين سيسلمون بموقف حكومة اسرائيل.
وكانت صحيفة يديعوت احرنوت الاسرائيلية قد استعرضت مؤخرا توزيع اللاجئين الفلسطينيين في الشتات باستثناء الأردن على النحو التالي سوريا 310,000 لاجئ، لبنان 370,000 فلسطيني من بينهم 330,000 لاجئ، ودول الخليج 400,000 لاجئ من حملة وثائق السفر، العراق 15,000 لاجئ، مصر 30,000 لاجئ، وليبيا 15,000 لاجئ، اضافة إلى 1,5 مليون لاجئ في الضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية) ومليون في قطاع غزة.
وفي انحاء العالم: الولايات المتحدة 250,000، أمريكا اللاتينية والجنوبية 200,000 وأوروبا 50,000.
ويذكر ان هذه الاحصاءات لا تعرف اللاجئين وفقا لمعايير أنورا - التي تحدد اللاجئ بالفلسطيني الذي ترك بلاده في ظروف الحرب شريطة ان يكون موجودا بها قبل سنتين من نشوب الحرب, ويذكر ان لبنان ترفض فكرة التوطين وتعتبرها تهديداً بالنسبة للتوازن الطائفي في البلاد على اساس ان غالبية الفلسطينيين هم من المسلمين السنة.
|