* القاهرة- منى سالم- أ,ف,ب وميرال فهمي- رويترز
يريد الرئيس المصري حسني مبارك ان يشكل تحسين الاداء الاقتصادي والاجتماعي في مصر الاولوية في ولايته الرابعة من ست سنوات التي يبدؤها في ختام استفتاء يجري اليوم الاحد.
ومن الممكن في اعقاب هذا الاستفتاء ان يعدل حكومته في مواجهة المشكلات الاقتصادية التي تشوه نجاحات برنامج اصلاح هيكلي اطلق في العام 1991 بطلب من صندوق النقد الدولي، وذلك استنادا الى مصادر قريبة من الحزب الحاكم، الحزب الوطني الديموقراطي.
وقد شدد مبارك اخيرا على ضرورة تحقيق التوازن في الميزان التجاري الذي تفاقم عجزه ليصل الى 9,381 مليار دولار خلال الاشهر التسعة الاولى من العام المالي 1998-1999، مقابل 8,571 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام المالي 1997-1998.
وتبرز المؤشرات الاقتصادية نجاح خطة الاصلاح المعتمدة, واستنادا الى الارقام الرسمية فانه تم ضبط التضخم في 1997-1998 ليكون معدله 3,8% بينما ظل العجز في الموازنة ضعيفا خلال 1997-1998 ولم يتخط 1%.
الا ان معدل النمو الذي ظل يتقدم حتى 1996-1997 ليبلغ 5% لم يتغير منذ عامين.
ولا يبدو ان الحكومة ستكون قادرة على بلوغ هدفها المعلن بتحقيق نسبة نمو تراوح بين 7% و 8% في العام الفين، لاستيعاب نمو سكاني بمعدل 2,1%.
ويبلغ عدد سكان مصر قرابة 64 مليون نسمة.
واستنادا الى المصرف المركزي فان هذا الجمود في النمو ناجم عن صعوبات مرحلية، ولاسيما تراجع اسعار النفط الذي ادى الى انخفاض عائدات الصادرات النفطية اكثر من 50% في 1997-1998 والى خفض بمعدل 40% لعائدات السياحة بعد اعتداء الاقصر الذي قتل فيه المسلحون 58 سائحا في العام 1997.
ونتيجة ذلك انخفضت العائدات بالعملات الصعبة 17,8% بين نيسان/ ابريل 1998 ونيسان/ ابريل 1999، مما تسبب بضغط على الجنيه المصري الذي تراجع سعره للمرة الاولى منذ العام 1991 من 3,40 جنيهات للدولار الى 3,48 في غضون عام .
وتحاول الحكومة تنمية الصادرات غير النفطية للتعويض عن تراجع عائدات مصادر البلاد الاربعة الرئيسية من العملات الاجنبية والتي يصعب التحكم بها علما بانها شكلت 13% من اجمالي الناتج الداخلي في 1997-1998, ويتعلق الامر، اضافة الى البترول، بالسياحة وتحويلات العمال المصريين في الخليج وعائدات قناة السويس.
وعلى هذا الاساس قرر رئيس الوزراء كمال الجنزوري في نهاية آب/ اغسطس اعفاء الصادرات من الضرائب.
الا ان تحقيق نمو مستمر وثابت يتطلب في شكل خاص رفع نسبة الاستثمارات التي تشكل حاليا 19% من اجمالي الناتج المحلي، بينما ينبغي ان تراوح بين 25% و 30% استنادا الى الاوساط الاقتصادية الغربية.
وتعاني مصر ايضا من فوارق تزداد اتساعا في مستوى المعيشة: فقد اشار تقرير صادر عن الامم المتحدة حول النمو بين العامين 1991 و 1995 الى ان حصة ال 20% من المصريين الاكثر فقرا من الدخل الاجمالي للبلاد تراجعت من 8,7% الى 5,8% بينما ارتفعت حصة ال 20% من المصريين الاكثر ثراء من 41,1% الى 46%.
واعلن مبارك في هذا الاطار تنظيم مؤتمر وطني لوضع استراتيجية للتنمية الاجتماعية، ينبغي ان تطبق في خط مواز للاصلاحات الاقتصادية .
ومن اجل تحقيق نسبة نمو متواصلة على مصر ايضا ان تكافح بيئة فاسدة ومفسدة في اجهزة الدولة على حد قول محمود عبدالفاضل، استاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة.
واعتبر انه من الضروري اعتماد نظام مراقبة لوضع حد للسلطات المطلقة التي يتمتع بها مسؤولون هرموا في مقاعدهم .
وحث الرئيس حسني مبارك الناخبين المصريين يوم الجمعة على اختياره رئيسا للبلاد لفترة رابعة على التوالي وفي كلمة للامة بثها التلفزيون ابلغ مبارك 71 عاما المؤكد انه سيفوز في استفتاء اليوم الاحد الشعب انه حريص على معرفة ارائهم في برنامجه الاصلاحي النهضوي الشامل .
وقال ان هذا ليس استفتاء على شخصي بقدر ماهو استفتاء على برنامج اصلاحي نهضوي شامل, يهمنا ان يقول كل مواطن رأيه فيه ويعبر عن رؤيته بصواب او خطأ .
واضاف ادعو كل فرد منكم شبابا وشيوخا رجالا ونساء انصارا ومعارضين,, الى التوجه الى لجان الاستفتاء لكي تقولوا كلمتكم .
وفي بيان نشر بكل الصحف الحكومية يوم الجمعة بايع مجلس الوزراء مبارك وقال للناخبين المسجلين البالغ عددهم 24 مليون شخص ان الموافقة على اختيار مبارك لفترة ولاية جديدة هو افضل شيء لمستقبل مصر.
ومبارك هو المرشح الوحيد في الاستفتاء الذي سيمنحه فترة ولاية رابعة على التوالي مدتها ست سنوات, ولم يضطر مطلقا لمواجهة اي خصم خلال فترة حكمه الذي بدأ قبل 18 عاما.
وعلى مدى سنوات كان مبارك المرشح الوحيد الذي يختاره البرلمان حيث يسيطر الحزب الوطني الديمقراطي بزعامته على الاغلبية, ولم يمكن لاي شخص آخر الحصول على التأييد المطلوب لثلث عدد النواب البالغ عددهم 454 نائبا.
ورغم انه اعطى مساحة اوسع لاحزاب المعارضة الشرعية مقارنة بسلفه فان هذه الاحزاب ظلت غير مهمة وذات دور هامشي على الساحة السياسية.
واثار الاستفتاء فيضانا من التأييد الشعبي لمبارك فيما ركزت وسائل الاعلام الانظار على انجازات الرئيس طوال 18 عاما من الحكم.
وخصصت الصحف الحكومية صفحات لا حصر لها للاشادة ببطل الحرب والسلام كما كست شوارع مصر لافتات تصف مبارك بانه الرجل الذي يضمن مستقبل البلاد.
وافاد مسؤولون ان مراكز التصويت ستفتح ابوابها اليوم الاحد في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي وان من المنتظر اعلان النتائج غداً الاثنين.
وليس هناك شك في ان مبارك 71 عاما سيفوز في الاستفتاء الذي سيجري يوم الاحد بفترة ولاية رابعة مدتها ست سنوات بالاضافة الى السنوات الثماني عشرة التي امضاها بالفعل في السلطة.
وحقق مبارك باسلوبه الحذر الذي يختلف تماما عن النهج الثوري للرئيس الراحل جمال عبدالناصر وعن المغالاة في التأنق التي اشتهر بها سلفه الراحل انور السادات احتراما دوليا واعاد مصر الى قلب الساحة السياسية في الشرق الاوسط.
فقد نجح في تقوية الاقتصاد الذي كان مهلهلا بعد سنوات من سيطرة الدولة ووسع المجال لاحزاب المعارضة.
لكن منتقدي مبارك يقولون انه اعتمد اكثر مما يجب على الاجراءات الامنية الصارمة.
ونجح الجنيه المصري في تجربة تعويمه ويوجد طلب هائل على اسهم الشركات الحكومية التي يتم تخصيصها, وبورصة القاهرة من اكبر البورصات في المنطقة واكثرها جاذبية للاجانب.
وادت التكتيكات الصارمة للقائد السابق للقوات الجوية المصرية الى تحييد المنظمات الاسلامية العنيفة بعد صراع راح ضحيته 1200 شخص لكن خطر الاصوليين الاسلاميين مازال باقيا.
وتولى مبارك الرئاسة بعد اغتيال انور السادات عام 1980 برصاص الاسلاميين المتشددين الذين غضبوا من سياسته الخارجية ومن القمع المحلي.
ولد مبارك في الرابع من مايو ايار عام 1928 بقرية كفر المصيلحة بمنطقة الدلتا, وتخرج في الكلية الحربية عام 1949 ثم حصل على بكالوريوس علوم الطيران في عام 1950.
وفي عام 1968 اصبح مديرا للكلية الجوية وفي عام 1969 رئيسا لاركان حرب القوات الجوية, واختاره السادات لقيادة القوات الجوية والتحضير لحرب اكتوبر عام 1973 ضد اسرائيل ثم عينه في وقت لاحق نائبا للرئيس.
ومبارك متزوج وله ولدان ويمارس رياضة الاسكواش, ودرست زوجته سوزان العلوم السياسية بالجامعة الامريكية في القاهرة التي تخرج فيها ابناهما ايضا.