Sunday 26th September, 1999 G No. 9859جريدة الجزيرة الأحد 16 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9859


الزمن المقلوب
مشاهدات من أوكلاهوما(2)
أحمد عبدالرحمن العرفج

,,, في سانت لويس، كانت كل بشائر الخير قد توارت، ويبدو اننا قادمون على ليلة ليلاء,, يفر الإنسان فيها من التعب والملل,.
سانت لويس,,, مدينة حاضرة الحركة والتعب، تبدو لك كل يوم في وجه، ككل المدن الزجاجية والاسمنتية، تنكر عاشقها، يمكن ان تكون(مدينة بلاقلب) كما هو تعبير صديقنا الشاعر احمد عبدالمعطي حجازي!!
منذ ان هبطنا باحة المطار، اخذ السؤال يراودني عن امكانية الانتقال الى اوكلاهما، فهي القصد، والبقية هي السبيل!!
كان الخبر واقعاً علي -كالطامة- حين علمت ان الرحلة قد أوجلت حتى صباح غد,, ياويل قلبي من صباح غد!!
وكان الوقت يشير الى الخمول والضعف، حسب توقيت التعب والانهاك، فقد امضينا يومين بليليهما معلقين في الهواء، لانحن اموات فنُرى، ولا احياء فنرجى,.
كانت ليلة، يبدو انها ستكون مثل ليل صديقنا بشار بن برد، حين قال:
لم يطل ليلي، ولكن لم أنم
ونفى عني الكرى طيف ألم,.
(الرحلة ستكون الساعة الثامنة والنصف غداً صباحاً) هكذا نادت المأمورة ذات الصوت الرخيم، المدغم بلهجة تصعب على مثلي,,!!
استسلمت (لهذا الوجع)، واذا لم استسلم فماذا استطيع ان افعل، وانا لاحول لي، ولالغة، ولا يعرفني هنا إلا حقيبتي.
في الزاوية اسئلة صعبة حول الشعب الامريكي، وحقيقة، فهم مخلصون في اعمالهم، ويحبون من هاجر اليهم، ولايتأخرون عن (فزعة) يمكن ان تقدم الى محتاجها!! وهذا يتطلب وقفة اكبر من أن نقول (هذا دعاية او ان نقول إنهم يطمعون في شيء من حطام الدنيا,, ما علينا !!
بعد ان استيقظت من رجفة الواقعة، وتم تأخر الرحلة، حاولت ان ابحث يميناً وشمالاً، علّي أجد على الوجوه هدى، او طريق رشاد، اقضي فيه هذه (الليلة البشارية)!!
لم يمض إلا نصف ساعة، وإذا برجل سمين، حاضرة الابتسام، مرح الكلام، يسألني عن اي مساعدة، يقدمها لي,,!!
فما كان مني الا ان كنت ثقيلاً، لكعاً، وللذين لايعرفون الا اللغة الدارجة، كنت (حقنة)، فقد طلبت منه ان اتصل على من ينتظرني في اوكلاهوما ليخبره بتأخري، ففعل، ثم سألت عن فندق قريب، اقضى به ظلام ليلي، ويجمعني بالفجر والسفر جامع!!
فابتسم قليلاً، وفرح كثيراً، وقال، هلم معي، واخذ يذرع بي صالات المطار، وردهات الزوايا، حتى وصلنا الى جناح في احد الممرات، وقال هنا (نم قرير العين)، وسوف اخبرهم يوقظونك غداً صباحاً، ياويل قلبي من غد صباحاً!!
دخلت الغرفة، وتناولت ما تيسر فيها من طعام، واسلمت جسدي لنوم عميق، لم يوقفه الا قرع الباب في تمام الساعة السابعة والنصف، حيث تستيقظ الطيور واصحاب العمل، والمسافرون في هذا الوقت من امثالي!!
كان صباح سانت لويس يحرك الجسد، فالعالم من حولي ضجيج واسئلة كبيرة شرقية وغربية، تقليدية، وحديثة كما هو تعبير جماعة ابولو!!
جلست في انتظار، اترقب موعد الإقلاع إلى أوكلاهوما، وبينما أنا ارصص الجمل، وأبحث في المفردات، التي اكتب بها هذا المقال، اذ نادى الناس مأمور السفر الى ما اريد، فالمعذرة منكم ياجماعة القراء، فقد وجب علي ان انصرف الآن ولقاؤنا على ارض اوكلاهوما ان شاء الله.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
اليوم الوطني
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved