Sunday 26th September, 1999 G No. 9859جريدة الجزيرة الأحد 16 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9859


القاصة فوزية الجارالله لـ الجزيرة الثقافية
الكتابة هي القضية الأهم بالنسبة لنا نحن الكاتبات
لا أؤيد أن تصبح الكتابة عن الجسد هدفاً بحد ذاته
اللغة هي الطريق الذي أختاره للوصول إلى الفكرة

* حوار: أحمد زين
القاصة فوزية الجارالله واحدة من الكاتبات اللواتي يحرصن أن تكون خطواتهن محسوبة بدقة، عند كل خطوة يخطونها، أقصد أن القاصة تجهد من خلال اشتغال دؤوب في أن تتجاوز ما أنجزته قبلاً، إذ ان من يقرأ تجربتها القصصية الثانية التي جاءت تحت عنوان المقعد الخلفي سيلاحظ ذلك الفارق الجمالي والرؤيوي، والذي سيضع مسافة معينة بين هذه الأخيرة وبين تجربتها الأولى في البدء كان الرحيل .
في المقعد الخلفي تبدو القاصة أكثر وعيا ومسؤولية في تعاملها مع القص وأدواته، مع قضاياها المختلفة، كما أنها هنا أكثر قدرة على تطويع اللغة لما تريد أن تقوله,,
في هذا الحوار نحاول مع القاصة أن نستجلي الآفاق والهموم التي حملتها مجموعة المقعد الخلفي الاصدار الجديد للقاصة والصادر عن دار الجديد، وكذلك بعض المسائل الثقافية:
* بداية هل بالامكان الحديث عن المسافة الجمالية التي قطعتها من مجموعتك الأولى إلى الثانية؟
- ربما يكون من الافضل توجيه هذا السؤال إلى النقاد، وفي رأيي أن هناك اختلافا ما بين المجموعتين الأولى والثانية جاء هذا الاختلاف بحكم الفارق الزمني ثم إنه من الطبيعي أن يشعر الكاتب بشيء من التغيير في الأسلوب والأفكار بفعل الاحتراف والممارسة,, بمعنى أن يكون أكثر احترافا وقدرة على تطويع اللغة لخدمة الفكرة,, وأيضا اكثر قدرة للنفاذ من الخطوط الحمراء التي يفرضها الرقيب أحياناً!!
* كان هناك ما يشبه التركيز على اللغة ومحاولة الذهاب بعيداً في الاستفادة من إمكاناتها ومستوياتها العديدة,, هل ذلك كان هاجسك منذ البداية؟
- اللغة بالنسبة لي وسيلة لا غاية، بمعنى أنني لا استخدمها كعامل جمالي وحسب وإنما أجد أن لها دورا أساسيا وهاما في توصيل المعنى للقارىء وفي الوقت ذاته أهتم أيضا بمفردات اللغة بصورة لا تقل عن اهتمامي بالفكرة وخاصة في كتابة القصة.
التناسق اللغوي مطلوب جداً إذ انه يضفي على القصة جمالا ويجعل القارىء أكثر استمتاعا عند القراءة,, الفكرة هي هاجسي الأول واللغة هي الطريق الذي اختاره للوصول إليها ولذا لابد أن يكون هذا الطريق مضاءً بالشموع والقناديل معطرا نديا,, وأحيانا مخمليا لكي يكون عاملا مساعدا في الوصول إلى الفكرة.
* في العديد من الكتابات النسائية التي نقرأها نجد أن بعضهن يتوسلن الرجل، بمعنى يجعلنه بطلا في أعمالهن في الوقت الذي تختفي فيه المرأة وبالتالي أي حضور لقضاياها,, ما هو تفسيرك لمثل هذا الاتجاه,, وهل يمكن اعتباره هروبا من مسمى الكتابة النسائية؟
- البعض قال لي العكس,, قال إنني أغيب دور الرجل وأجعله هامشيا وأجعل المرأة هي صاحبة البطولة الأولى,, هذا إن كنت تشير إليّ بالسؤال,.
وبشكل عام لا اعتقد بأن جعل الرجل بطلا في القصص المكتوبة بأقلام نسائية يعني بشكل أساسي محاولة من قبل المرأة للهروب من مسمى الكتابة النسائية لأسباب كثيرة أهمها أنه ليس ثمة مايدعو إلى الهروب من بوح المرأة أو تعبيرها عن نفسها فهي منذ خرجت إلى الكتابة تعلم أنها اتخذت قرارا صعباً وخطيراً وجريئا في الوقت ذاته ولذا لا مجال للتراجع عنه أو التهرب منه هذا أولاً:
وثانيا: ليس كل ما يواجه المرأة أو تعانيه يمكن أن يعبر عنه من خلال تقمص شخصية رجل فللمرأة تلك الخصوصية المميزة في مشكلاتها ومعاناتها والتي قد لا يعرفها الرجل أو يعانيها,,!
ثالثا: وما ذكرته سابقا لا يمنع من أن تتحدث الكاتبة أيضا على لسان رجل في قصصها فالرجل ليس إلا إنسانا تعرفه المرأة وتربطها به علاقات شتى منذ طفولتها فهو الأب (المعلم والمربي) وهو الأخ (ينبوع الحنان) وهو الزوج (المحب) وهو الابن (الودود).
* عودة إلى مجموعتك المقعد الخلفي يلاحظ أنك حاولت تتبع قضايا المرأة حتى خارج الوطن إذ ان هناك قصة تدور احداثها في بلد مجاور أو أن البطلة تنتمي إلى قطر آخر,.
كيف ترين هذه المسألة؟
- أعتقد أنك تقصد قصة (الحنين) وأقول بداية بأن ثمة معاناة مشتركة وملامح متشابهة ما بين النساء العربيات عامة, والنساء الخليجيات أيضا أكثر اقترابا من بعضهن وأكثر تشابها.
قصة الحنين كانت تتحدث عن علاقة تنشأ بين اثنين، تبدأ مع أزمة الخليج وتنتهي بانتهائها شكليا ويبدو ذلك التشابه بين اشتعال واحتدام الحرب وما تحويه من غموض ولحظات صعبة تماما كما تعتري تلك العلاقة ذاتها,, ثم في النهاية تنتهي الحرب شكليا بانطفاء آبار النفط التي طال اشتعالها.
وفي الوقت ذاته انطفاء تلك الجذوة العاطفية ما بين اثنين والسؤال هنا: هل يعني الانطفاء شكليا انطفاء أبديا تلك مسألة فيها نظر!
* ألم تحاولي الكتابة الروائية وما رأيك في روايات رجاء عالم؟
- أتمنى ذلك وأحلم به ولعله يحدث يوما, أما روايات رجاء عالم فقد حاولت قراءتها إلا أنني لم أفهم الكثير منها لاغراقها في الرمز وربما يكون في ذلك اعتراف بقصور لدي وليس لقصور فيها,, والله أعلم!
* ما الذي يشغلك الآن؟
- الكتابة أولاً وأخيرا,, المقالة القصة، الترجمة, ثلاثة محاور ولكنني أحاول جدولة هذه المجالات وترتيب أولياتها فالزمن أقصر من أن يستوعب طموحات الإنسان وأحلامه!.
* هل تشعرن بأنكن ككاتبات,, كتلة واحدة لكن قضية معينة تتبنين طرحها وإبرازها؟
- هناك علاقات جيدة تربطني ببعض الكاتبات والحمد لله,, التنافس مطلوب لاشعال الكتابة وتحريك الإبداع, وفي اعتقادي أن قضية الكتابة بحد ذاتها هي القضية الأهم إذا سعينا إليها وقمنا بها كما يجب فهي قضيتنا الأولى.
* ما رأيك في مشهد القصة محليا وعربيا؟
- أود القول بأن القصة هي حبي الأول وهي ذلك المنتجع الدافىء الذي لا غنى لي عنه ولذا أحاول متابعتها محليا وعربيا وعالميا أيضا، وأتمنى أن أجدها دائما في حالة توهج تصاعدي دائم وهذا الهدف لا يتحقق سوى بأن يتعامل معها محبوها وأصحابها بمنتهى الصدق والإخلاص والمثابرة.
* في الفترات الأخيرة ربما الكتابات الجسدية، بمعنى تلك التي تتناول الجسد كمادة للكتابة، خاصة من جانب المرأة الكاتبة، بعضهن وصلن إلى جرأة لافتة في التعامل مع أجسادهن داخل الكتابة ذاتها,, ماذا تقولين حيال ذلك وألم تحاولي الكتابة عن الجسد.
* لا أؤيد اطلاقا أن تصبح الكتابة عن الجسد هدفا بحد ذاتها ومحاولة من قبل الكاتب أو الكاتبة لجذب القارىء من خلال هذا التصور,.
وفي رأيي أن الكتابة المباشرة حول ذلك تعتبر سطحية وهامشية ممجوجة,, ولكن حين تستدعي ظروف القصة وأحداثها ذلك فلا بأس على أن يكون ذلك أيضا دونما ابتذال أو انحدار عن المستوى الأخلاقي، بمعنى أن تصبح الكتابة هنا بهدف الإثارة وحسب.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
اليوم الوطني
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved