Sunday 26th September, 1999 G No. 9859جريدة الجزيرة الأحد 16 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9859


مساقات
المساق 130
بين محمد العلي وعلي الدميني
الدكتور/ عبدالله الفيفي*

يرفّ صفاؤك العنبيّ في قلبي
"عناقيدا عناقيدا"
ودالية من الأحلامِ ساهرة
على رفقٍ
تنفّر حولي البيدا,, (,,,)
وقفرٌ أنت مثل الدمع،
منهمراً على الأطلال,.
كأشواقي التي لمّا تزل سربًا
بلا أوكار,.
وموجك يالشيخٍ، راعشاً
يتمثّل الأشعار,.
,, يعذلني إذا جفلت خطاي، ويمسح الخجلا
ويعزف في دمي الأنهار
وناضجةٌ لآلىء قاعك الأبكار
والأنوار,.
,,.
(م, العلي)
ووددت أن أسوق قصيدة العلي هذه "هيلا، هوب، هيلا"كاملة,.
تقشّف العلي في النشر الشعري لم يعد مقبولاً في الوسط الأدبي، فهو قامة شعرية حديثة أصيلة حرية بالقراءة مليّا,.
المفارقة أن الرجل ليس بمتقشّف في نشره النثري، حين تراه يكتب في أكثر من صحيفة ومجلة، بتزامن يومي أحيانًا, إلا الشعر، يظل حساسيته المفرطة، وأوشك أن اقول عقدته المزمنة!,.
لعله مازال يعيش كبرياء شعرية باتت في خبر كان,, يوم أن كان الشعراء ينامون ملء جفونهم ليتولى عنهم جمع أشعارهم وتدوينها رواتُهم ومحبوهم,, وهو بهذا الإرث -في غير زمنه- يحرم منجزه ويحرم منه، كما يتيح لغثاء جمّ أن يذهب في الناس، وإن إلى حين.
هكذا عنّت فاتحة مساقات رحلتنا الى (حيّان بن ماضي الحديثي) في عامها الجديد,.
-2-
ثم إن صاحب الجرجاني قال:
ولئن كانت حالة العلي لا تبيح للقارىء الاحتفاء الحقيقي بمنجزه -إلا إن كان سيفرغ إلى التنقير عنه في مظانه أو مضانه- فإن علي الدميني حالة نقيضة من التواصل الحميم، تترى ظروفه المصرفية عن مركز تسليف الأفراد بالشرقية !.
وحتى لايذهب وهمكم هنا إلى أن لتلك الظروف -الخاوية إلا من فوضى الكلام- علاقة من قريب أو بعيد بالاحتفاء بصاحبها، أبادر إلى الاعتراف بأنني لا أعرف الرجل ولم ألتق بشخصه قط، وإن كنت لأعترف كذلك أنها كلما وصلتني رسائله المصرفية خفق بي المكان,, فلا أعثر بأحشائها بسوى الشعر والشعر,, و"النصّ الجديد ,, أحياناً!.
إنما مصدر الجذب الوحيد هو ذلك التجريب المتواصل الذي يمنحه الدميني ساحة الأدب عبر سيرته الشعرية والنثرية، في دأب وإصرار، غير هيّاب أن يخوض غمار المفاتحات الخاطئة والتعلّم، ولا آبه لمماحكات النقاد ومحاكماتهم,, على حين ألهى الناس جلّ أمورهم، فتوقف بعض وتقشّف بعض وانداح آخرون في مناكب الدعاوة والزلفى.
لذلك اخترت عليًّا في إذاعة الرياض منذ أكثر من عام لحلقة من برنامج "سيرة أديب"، وكان هذا الحوار مع الإذاعي الصديق عبدالله الحيدري، المتخصص في السيرة الذاتية ، وصاحب الأطروحة الجامعية المتميزة بعنوان "السيرة الذاتية في المملكة العربية السعودية، سلسلة الرسائل الجامعية 4، ط, (1) دار المعراج: 1418ه= 1998م):
س- يبدو أننا لن نبدأ حوارنا عن بواكير الإبداع عند الدميني، بل سنبدأ بسؤال قد يبدو غريباً، إذ يقول: هل يمكن القول إن الشاعر الدميني هو شاعر المتناقضات؟
ج- دعني استبدل كلمة "المتناقضات"، ب"التجربة الحياتية الخصبة", التي هي بالضرورة حافلة بالمفارقات والتناقضات عمومًا, وكثيراً مايكون ذلك هو مصدر الثراء، ولاسيما عند المبدعين، حينما تستحيل التجربة الشخصيّة المتشعّبة منابت خبرة ذاتية مهمة لتعذية العمل الأدبي، الذي ماهو في النهاية إلا صياغة لمجموعة من التجارب الإنسانية, مع أن هذا لايعني حصر مفهوم التجربة في تجربة الحياة المعيشة أو متناقضاتها -كما تدعوها- لأن هناك ضروبًا أخرى من التجارب التاريخية والثقافية وحتى الخيالية,,, والشاعر علي الدميني، كغيره يمر بمثل تلك التجارب.
لكن السؤال عمّا أفاد منها في عمله الأدبي؟,, وهنا قد نجد الإجابة في نثره أكثر,, أو قل أوضح,, لأن من طبيعة الشعر أن يصهر وسائطه بالواقع، لأنها لا تعنيه إلا بمقدار ماتقدم له أدوات للتعبير,,.
س- إذن لنتعرف الآن على قصة الدميني مع الشعر وقصة الشعر معه؟
ج- أنا شخصيًّا لا أنظر إلى أن للشاعر قصة مع شعره جديرة بالإفراد والتعريف,, اللهم إلا من قِبَل الشاعر نفسه -ربما- إذا شاء أن يقدم سيرته الشعرية, أمّا موقع القارىء والناقد فمختلف، فما يعنيه هو ما اثمرت عنه تلك القصة من نتاج، وماقدمته من تجربة,, فإذا طُرح السؤال على هذا الوجه، فإن الدميني علي يأخذنا إلى لغة فاقعة الخضرة بشعريتها، حتى وهو يكتب نثراً، يفترع فيها مراودة لغوية جريئة، في الوقت الذي يحاول فيه المآخاة بين تقنيات الأصالة والحداثة معا,, ومن الواضح أنه يأخذ في تطوير عمله على نحو غير عفويّ,, أعني أنه يطوّر قصيدته ولا يركن إلى تطورها التلقائي,.
س- أصدر الشاعر الدميني ديوان شعر واحد هو رياح المواقع , أولاً -لماذا من وجهة نظرك لم تتكرر تجربة إصدار ديوان على الرغم من كثرة الإنتاج المتفرق, ثانيًا -ما أبرز علامات ذلك الديوان؟
ج- لعلي الدميني مجموعته الشعرية الأولى: "رياح المواقع"، طبعه في 1407ه، وله مجموعة أخرى طبعها في 1995م وهي: "بياض الأزمنة", كما نشر روايته "الغيمة الرصاصية: أطراف من سيرة سهل الجبلي"في طبعتها الأولى 1418ه = 1998م, هذا إضافة إلى كتاباته الصحفية المختلفة.
فديوانان ورواية قَدرٌ مناسب من الإصدار في غضون عقد من الزمن تقريباً.
على أن العبرة في هذا ليست بغزارة الإنتاج والنشر، ولا سيما في الشعر، ولكن فيما يضيفه الشاعر من بصمة تحسب في رصيده ورصيد الشعر.
وعلي الدميني يشير في مفتتح "رياح المواقع"-مجموعته الشعرية الأولى إلى تردده في إصدارها، لولا إغراء سعد الحميدين بما سبقه إليه من نشر.
ومع الدميني المساق موصول في اللقاء القادم.
*آداب جامعة الملك سعود -قسم اللغة العربية

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
اليوم الوطني
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved