نشرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) تقريراً عن معدلات الامية في العالم والتي يبدو - وحسب هذا التقرير - بأنها آخذة في الانحسار عالميا,, ومما لفت نظري حقيقة هو ما تضمنته تلك الدراسة عن معدل الامية في عالمنا العربي (بين أوساط البالغين والبالغين فقط!) والذي يبلغ ما يقارب من 43,4 في المائة مقارنة بمعدل الامية في قارة أفريقيا والبالغ نحو 43,2 في المائة مما أهلنا لان (نحتل!) مركز (الأمية) الثاني عالميا!, والغريب ان هذا التقرير مر مرور الكرام وكخبر صحفي عادي قرأته في عدد من جرائدنا المحلية وفي أمكنة (لا يؤبه بها!) والأغرب من ذلك ان تقارير منظمة اليونسكو دائما ما تشير إلى ان السبب الرئيس في ارتفاع معدلات الامية في الدول النامية يكمن في عوامل التخلف الثقافي والمادي والتي من ضمنها عدم اعتراف الوالدين (بقيمة) التعليم وبالتالي تقاعسهم عن دفع اولادهم للالتحاق بالمدارس, هذا وقد لاحظ التقرير ارتفاعا خطيرا في معدلات الامية بين اوساط نساء العالم الثالث حيث اشار إلى انها بلغت 64 في المائة مما يعني امرأتين مقابل امي واحد من الرجال.
يأتي هذا التقرير المليء بلغة الارقام - وهي بالمناسبة لغة لا تكذب!- في وقت تتعالى به صيحات المتفائلين - ناهيك عن المتشائمين - من علماء ومفكري عالمنا العربي بضرورة الاستعداد للولوج (بنفق!) الالفية الثالثة في الوقت الذي نحن فيه ابعد ما نكون عن الاستعداد بل وخاوو الوفاض (تعليميا!), يأتي هذا التقرير كذلك في وقت كنت اتصفح به كتابا حديثا يُعنى بالتنمية اهداه إليّ مؤلفه - وهو استاذ جامعي امريكي الجنسية سبق ان تتلمذت على يديه - فقط لاجد في ثنايا هذا الكتاب - المعنون بالمناطق النامية من الارقام ما أرق مضاجعي بل وأكد لي مدى صدق وثبات - بلغة الاحصائيين - ما أورده تقرير اليونسكو من ارقام, حيث يشير هذا الكتاب (وناقل الكفر ليس بكافر!) إلى ان نسبة الامية في بلادنا العزيزة تبلغ ما يقارب من 48% بل ويتنبأ بأن معدلات معضلة الامية لدى الدول النامية سوف تستقر على ما هي عليه الآن ولأمد ليس بالقصير هذا إن لم تتصاعد,, مستعرضا وراء ذلك عددا من الاسباب الموضوعية والتي من ضمنها زيادة المواليد مقابل ارتفاع معدلات الحياة الناجمة من تحسن الرعاية الطبية والتغذية واساليب النظافة والتعقيم,.
أخيراً ومن وحي (إيلام) ما سبق ذكره، يمكن القول ان لدى منظمة اليونسكو وغيرها من المنظمات العالمية القدرة على تقييم اميتنا (كميا) ولكن ماذا عن تقييم امية مناهجنا (نوعيا) ومدى مسايرتها للواقع وتطلعها إلى المستقبل؟!,, ما رأيكم,, هل ننتظر اليونسكو؟!
د, فارس الغزي