تحديات المستقبل د, عبدالله فهد اللحيدان |
تمر بنا هذه الأيام ذكرى اليوم الوطني، وكما ان هذه المناسبة هي فرصة لتذكر مافعله الآباء والاجداد، فهي ايضاً فرصة لمناقشة مايجب ان نفعله نحن تجاه الدين والوطن, اننا من خلال تذكر احداث الماضي انما نشحذ الهمم لمواجهة تحديات المستقبل, ولاشك ان مجتمعنا السعودي يواجه العديد من المشاكل والتحديات, وليس عيباً وجود المشاكل والتحديات فوجودها بحد ذاته دليل على ان المجتمع في حالة حركة وتحول, وانما العيب ان تكون مشكلاتنا هي هي لم تتغير بتغير الزمان، فلا يوجد مجتمع انساني بدون مشكلات ونواقص، انما قد يمارس المجتمع نوعاً من التضليل بانكار وجود المشاكل وبالتالي يظل هذا المجتمع يدور في حلقة مفرغة، وقد يكون المجتمع منفتحاً تناقش قضاياه وتواجه اولاً بأول, ان تحقيق التنمية لايعني انتهاء جميع المشاكل التي يعاني منها الفرد والمجتمع، وانما معنى ظهور مشاكل وتحديات من نوع جديد وفي بداية تنمية المجتمعات المتخلفة تكون هذه المجتمعات في حالة معاناة من الأمية وانعدام البنية التحتية من طرق ومواصلات واتصالات وخدمات وقلة المتعلمين والمتدربين وسوء الاساليب في ادارة وتنظيم المجتمع, فاذا ظلت هذه المشاكل ولم تتغير فهذا يدل ان هذا المجتمع يدور في حلقة مفرغة, ويعاني المجتمع السعودي من بعض المشاكل القديمة، وانما موضوعنا هنا هو التحديات والمشاكل الجديدة.
كنا في بداية تأسس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- نعاني من مشكلة قلة المتعلمين والمتدربين مما اضطر الملك عبدالعزيز للاستعانة ببعض الخبراء العرب والاجانب لاشراكهم واخذ آرائهم لادارة المملكة الفتية بأسلوب حديث يتناسب مع العصر ولايتنافى مع الدين, وكان الملك عبدالعزيز وقادة المملكة من بعده يدركون اهمية التعليم والتدريب لبناء دولة اسلامية عصرية تقف على قدم المساواة مع دول العالم الاخرى إن لم تبزها, وعمل الملك عبدالعزيز رغم ضيق ذات اليد في بداية تأسيس الدولة على نشر العلم في البوادي والهجرة والحواضر, ثم تحقق في عهد الملك سعود انطلاقة كبرى للتعليم بانشاء وزارة المعارف واسنادها الى الملك فهد، وازدادت المدارس والجامعات ومراكز التدريب والتعليم في عهد الملك فيصل وخالد الى ان وصلنا في عهد الملك فهد ان يشكل الصرف على التعليم توازي ربع ميزانية الدولة, وكان من نتائج ذلك ان تخرج عدد كبير من المواطنين والحاصلين على ارقى الدرجات العلمية وفي البداية كانت الدولة بامس الحاجة الى هؤلاء المتعلمين لشغر وظائفها، وتضاعف اجمالي الناتج المحلي اضعافاً مضاعفة واصبح هناك حاجة الى الاستعانة وبأعداد كبيرة للعمالة غير السعودية، في نفس الوقت استمرت المدارس والمعاهد والجامعات تخرج الان الطلاب والطالبات سنوياً، الى ان وصلنا الىنقطة اصبحت فيها الدولة شبه مكتفية من الموظفين وبالتالي اصبح لابد من توجيه الخريجين الى العمل في القطاع الخاص الذي شهد توسعاً كبيراً خصوصاً وان الحكومة السعودية أوكلت الى القطاع الخاص القيام بالعديد من المشاريع مما عاد بعوائد مجزية مكنت القطاع الخاص السعودي من مؤسسات ومحلات وشرطات صغيرة ليصبح لدينا شركات عملاقة في مجالات التجارة والصناعة والتحويل وغيرها.
وكان الملاحظ عزوف القطاع الخاص عن توظيف السعوديين ويرجع هذا الى عدة عوامل منها تدني اجور العمالة غير السعودية مقارنة بالعمالة المواطنة، ونقص الخبرة والتدريب عن مقارنة السعودي بغير السعودي، وكذلك عدم قدرة صاحب العمل على ضبط العامل السعودي الذي قد يتغيب او يحضر ولايعمل او في احسن الاحوال لايؤدي عمله كما يجب ولقد حاولت الدولة العمل على رفع تكلفة العامل غير السعودي وزيادة مراكز التدريب والتأهيل للعمل في القطاع الخاص لحل هذه المشكلة وانما تظل المشكلة في عدم جدية الشباب السعوديين في العمل, لقد حول بعض الشباب السعودي شركات ومؤسسات القطاع الخاص والتي تعمل في جو عالٍ من المنافسة الى ما يشبه الدوائر الحكومية من تعطيل العمل وعدم الانجاز، طبعاً من يراجع الدوائر الحكومية تجده مضطراً لرجاء الموظف لإنجاز معاملته، اما من يراجع القطاع الخاص فسيقوم بسحب رصيده وحسابه من هذا البنك الى بنك آخر او من هذا المحل الى محل آخر يكون ضريبة ذلك خسارة صاحب البنك او المتجر الذي يوظف سعودياً, ان صاحب العمل يملك العديد من الحقوق والمزايا تجاه العامل غير السعودي فمثلاً لايستطيع العامل غير السعودي الانتقال للعمل لدى صاحب عمل آخر الا بموافقة صاحب العمل الاول,وكذلك فان العامل غير السعودي لايستطيع العودة للعمل في المملكة اذا طرد من عمله الا بعد مضي سنتين او في حالة موافقة صاحب العمل الاول, اما العامل السعودي فيستطيع وبسهولة الحاق ابلغ الاذى بصاحب العمل عن طريق الاهمال ·وتطفيش العملاء واقصى ما يستطيعه صاحب العمل هو فصله ليجد عملاً آخر وخلال اشهر في مؤسسة اخرى, ان المفصول من الخدمة المدنية وكل وظائف الدولة المدنية والعسكرية لن يستطيع الحصول على عمل مرة اخرى بهذه السهولة، بينما لاتوجد مثل هذه الحماية لصاحب العمل في القطاع الخاص، ان من الضروري تطوير انظمة العمل لضمان حقوق صاحب العمل.
وتعتبر مشكلة توظيف السعوديين من ابرز المشاكل التي يواجهها المجتمع السعودي, وكان في النية التطرق الى مشاكل اخرى قديمة ومستجدة ولكن يبدو ان الحيز لايتسع هنا لمثل ذلك، فنترك ذلك لمقالات ومناسبات أخرى.
|
|
|