نظم الشاعر محمد الخضر حسين شيخ الجامع الازهر المتوفى سنة 1377ه قصيدة ضمنها ديوانه خواطر الحياة صوّر فيها حياة البدوي وما يكتنفها من بساطة وراحة بال,, إذ لا همّ له سوى البحث عن المرعى الخصيب لماشيته,, ولا يعرف حياة المدن وما يعتورها من مشكلات.
صحب الفتى البدوي ذيل مراح يزهى بسرح في فلاً ومراح |
والبدوي ببراءته يعانق الطبيعة بروح فاضلة ونفس أبية ونقية كنقاء الصحراء التي يعيش فيها وليس لقدم المدني فيها أي اثر.
لا تخطر الفتيات فيه بزينة وتبرج بين البيوت وقاح |
والسذاجة المملوءة بالبراءة التي يتمتع بها البدوي تجعله يحمل الناس الذين يقطنون المدينة على محمل الفضيلة لكن هذه البراءة كثيرا ما توقعه في حبائل الأشرار:
مني الفتى بقرين سوء يرتدي ثوب النصيح بغدوة ورواح |
مني بذلك لأنه لا يعلم ان في المدينة اهل سوء يتصيدون الأبرياء ويلقون بهم في أوحال الخطيئة.
لم يدر اهل النبل أين مزاره ودراه أهل بطالة وطلاح |
فأغووه بمعسول الكلام وأظهروا له خلاف ما بطنوه له من سوء حتى صار طوع ارادتهم فسلكوا به طريق اللهو واللعب والمآثم.
صرفوه عن وجه الرشاد فتاه في واد من اللهو الأثيم براح |
وما الذي حصل له بعد ان جره الفسقة والعصاة,,, وانقاد في مقود الشر؟
ظل الفتى في سكرة وثراؤه ينهار بين مزاهر وقداح |
ولما تبددت ثروته وضاعت منه في طريق الفساد - هل بقي الذين اغووه الى جانبه؟ كلا,, فكأنما هو ليمونة امتصوا ماءها ثم رموا بقشورها.
وانفض من حول الفقير رفاقه وجزوه عن إقباله بطماح |
وظل وحيدا ليس معه درهم يقتات به,, ولا رفاق كانوا بالأمس يزرعون الارض من تحت اقدامه وردا وضاقت عليه الدنيا ومسالك الارض بسبب حسن نيته.
لا درهم يغنيه من جوع ولا إلف يخفف لوعة الاتراح |
واذا كان لي تعليق على هذه الصورة التي عرضها محمد الخضر حسين فإنه لا يتجاوز القول بأن صحبة الأشرار تقود الى الدمار.