مؤسساتنا الثقافية,, ركضٌ إلى أين,,؟! 2 منير عوض |
في ظل التسابق الكثيف الحاصل في العملية الثقافية أجمع، وبروز المثقف المبدع كرمز حقيقي في كيان اي تواجد على البسيطة,.
لا يشك أحد أن عملية احتواء المبدع هي الركيزة الأساسية في انطلاق اي حضارة من الحضارات وتكوين هوية واضحة لاي شعب من الشعوب.
الآن حيث القنوات الثقافية تفتح آفاقا ارحب للمبدع من خلال طبع الكتب والدوريات وإقامة الندوات والأمسيات الثقافية، وخلق أجواء رحبة للحوار والنقاش,.
يظل العمل المؤسسي على جميع الاصعدة بحاجة الى التعديل والتغيير في عملية تطويرية لا تنتهي.
* فكيف هي آلية العمل الثقافي في ظل التطلع الى تحقيق الأهداف والطموحات؟!
* وهل استطاعت المؤسسات الثقافية احتضان المبدع واحتواءه وتطوير ثقافته وانتاجه، لتقديمها فيما بعد للمتلقي التواق للمزيد؟!
من خلال رؤية شخصية يتناول هذا المحور كل من الاستاذ الناقد محمد العباس والروائي والقاص الاستاذ ناصر سالم الجاسم.
*الاستاذ الناقد محمد العباس:
يخضع المثقف في جميع المنظومات الثقافية اليوم الى مراجعة شاملة معرفية وتاريخية تصل به أحيانا اما الى ادعاء الاستغناء عنه ونقي دوره، او الى حد مطالبته بتطويع وجوده وتغيير أدواته ليتماشى مع ممليات العصر، وبين ذلك الاقصاء لوجوده، والمطالبة بإعادة تشكيله اجتهادات كثيرة تختلف حتى على تعريق المثقف ودوره الذي بات معضلة معرفية، وعبئا اجتماعيا عند بعض الفئات، وحسب بعض القراءات المتطرفة، ولكنه يبقى رغم كل تلك التباينات ركيزة هامة في اي مجتمع، اذ نتعرف من خلاله دائما على الطريقة التي يفكر بها مجتمع ما، كما نتحسس ذائقته، حتى وان وقف المثقف منها موقف الضد، فهو اما مبشر بفكرة تبدو مرفوضة نظرا لجدتها أو غرابتها، او معارض لواقع يجهد بكل ما أوتي من معرفة وحساسية لتغييره.
من هنا يبدو المنبر الذي يعبر من خلاله المثقف عن آرائه ومعتقداته على درجة كبيرة من الأهمية، فشكل ذلك المنبر، اوهامش الحرية المتاح فيه هو ما يحدد دور المثقف وأهميته في التركيبة الاجتماعية، والفرصة المتاحة له لتجديد المنظومة الثقافية، وما الندوات والأمسيات والاصدارات إلا متكآت، او بالأحرى قنوات تعبير عن بعض عقل ونوايا وذائقة المثقف وليس كل ما يعتمل في داخله ويتمناه، اذ الثقافة مهمة إنسانية كبرى لصناعة الإنسان تشترك فيها فعاليات إنسانية مختلفة، وتتقاطع جميعا على مستوى الصوغ الثقافي، وهو ما يعني مخاطبته على مستوى الذهنية والوجدان، الأمر الذي يجعل المؤسسات الثقافية تبدو وكأنها تعمل ضد الثقافة والمثقف في كثير من الأحيان، فالجهد المؤسساتي غالبا ما يكون مؤسسا على صيغة تربوية مرتبطة بخطة انمائية اشمل لا تحسب حساب نزق المثقف ولا حتى انتلجنسويته، بقدر ما تعنى بنتاج المادة الثقافية في طورها الكلاسيكي الذي يعزز انتماءات محددة ومرسومة سلفا، يراد لها ان تصب في جهد انمائي اكبر ربما لا يتلاءم او يصعب ان يتواءم مع الطفرات اللا متوقعة.
واذا تغافلنا عن المسافة القائمة بين المبدع والمثقف تجاوزا نرى ان تلك العلاقة بين المثقف والمؤسسة لا زالت كما هي من الوجهة التاريخية ملتبسة، ومشوبة بكثير من سوء الفهم والتجني أحيانا، وأظن بأن هذا الأمر سيستمر طويلا ما لم نحتكم الى فضيلة الحوار، التي قامت عليها كل البناءات الثقافية الهامة والجادة في تاريخ البشرية، والتي تبدو اليوم مطلبا ملحا لمفاعلة ما يجري داخل المؤسسات بما يعتمل في عقل ووجدان المثقف وصولا الى نسق ثقافي يتأسس على التراكم المعرفي والذوقي، ونتجاوز به الذهنية الأفقية التي تستعيد القضايا وترددها او نستجلبها دون اضافة او معالجة، فمحاورة النصوص مثلا هي مجادلة للعقل الذي انتجها وليس مجرد استقواء على مواطن الضعف فيها، وهي بالتالي مساءلة للمؤسسة الثقافية او المظلة المعرفية التي انتجت ذلك الإنسان، وبهذا التحاور المؤسس على المناقدة البناءة نستطيع اختراق منظومات الثبات بجهد مؤسساتي قادر على مكاشفة الذات والانطلاق بها الى منتج ابداعي جدير بالحياة، فالحوار وحده هو الكفيل بتمديد هامش حرية التفكير والتعبير.
|
|
|