Sunday 19th September, 1999 G No. 9852جريدة الجزيرة الأحد 9 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9852


عصام ترشحاني لـ الجزيرة الثقافية
حين لم استطع جربت الشعر
حوار:غالية خوجة

عصام ترشحاني شاعر ذو مخيلة جارحة، وشفافية حادة وهو عبر تجربته الشعرية الطويلة استطاع ان يقدم لنا قصائد مشغولة باتقان العارف,, قصائد تتنوع وتتحدى ,, وتلعب بأشياء اللغة بطريقة خلافية وبشكل مكثف وعذب,, وحوارنا السريع معه، هو محاولة لقراءة رؤيا الشاعر والتعرف على بعض قلقه وعلى اهم ما يؤرق تجربته:
(1)- ماذا عن بدايات الشاعر ترشحاني ؟ ومن اين كانت الشرارة الاولى؟.
* - منذ الطفولة كان الشعر يمثل لي الكائن الحميمي حيث ولّد فيّ حساسيات جديدة تجاه موجودات الطبيعة، والكون بشكل عام,, والوطن ، بشكل خاص,, وفي حينها كنت منشغلا بقراءة الشعر العربي، وكان المتنبي هو الشاعر الذي يتعاظم دائما في مخيلتي لقد اعجبت بهذه الانا العظيمة عند المتنبي الانا القادرة على ارتكاب الفذ والخالد، وتستطيع باللغة توليد المعاني والافكار بطريقة تخييلية غريبة,, فسطا عليّ هذا الرجل وتلبسني ووجدت فيه الشاعر الذي يجب ان أحذو حذوه ,, اذن انا في البداية تعلمت من المتنبي هو كان مرجعي الاول هو من تأثرت به.
(3)- عن اية مرحلة تتحدث,,؟
* اتحدث هنا عن المرحلة الثانوية حيث بدأت تتوسع معارفي ومداركي وبدأت أقرأ كثيرا,, في الفلسفة والادب والتاريخ، والنقد,, ومعاناتي في سبر الواقع بدأت تأخذ اشكالا مختلفة، وكان عليّ ان اثبت وجودي، فوجدت في الشعر املا كبيرا لتحقيق انسانيتي وللكشف عن الوجود.
(3) - هل جربت ان تكتب في غير الشعر.
* - خربشت كثيرا في القصة القصيرة,, والطويلة,, ولما لم اجد ما يحقق هذا الاتساع العمقي والمعرفي والتخييلي لديّ امسكت بيد الشعر لتحقيق استجاباتي.
(4) - ما هو الشعر؟ وكيف يحضر لديك,,؟
* - هو القبض على اللا متوقع,, والامساك بالمدهش,, هو فن اجتراح المستقبل من خلال رموز الواقع وما قبله, اما كيف يحضر اليّ؟, فأنا لا اعرف تماما ,, كل ما اذكره ان شيئا ما ,, رنينا ما ,, يشعل شرارته في داخلي.
لتكتب النار جملتها الاولى,, اشارتها الاولى - في حالة انقطاع عن العالم - ثم يبدأ خلق القصيدة، ايقاعا ولغة كيانا ورؤى.
(5) ما دور الخيال في بناء القصيدة عند عصام ترشحاني؟
* - ان الخيال قوة مطلقة تكمن بين العقل والاحساس, ومن خلال اشعال هذا الكمون يستطيع الشاعر ان ينفذ الى ما لايرى,, بمعنى، ان الخيال عندي هو القوى الخلاقة والبصيرة الصافية والذهن الواسع,, وبقدر ما يكون الخيال مرعبا وغرائبيا، بقدر ما تكون الصورة الشعرية محيرة، وصادمة، واعجازيه.
(6)- هل مصدر الصورة الشعرية عندك هو الخيال ام الواقع,, ام,,؟
* - ان منشأ الصورة الشعرية متعدد,, فهي حينا من الواقع انطلاقا الى ما فوقه,, وهي حينا من الخيال لتصوغ نموذجها الفني,, وتارة هي من الحلم وتوتراته واشكاله ومفارقاته,, كما ان مراس الشاعر وطاقة عدسته عنصران في بناء الصورة الشعرية وذلك من خلال الكاميرا الاحتمالية او فوق الاحتمالية التي يلتقط بها الشاعر مفردات نصه.
(7)- هل ارتباط الشعر الحديث بالقضايا السياسية يؤثر في قيمة الشعر الفنية؟
* - لا يمكن للشعر ان يكون بلا قضية,, او بلا وطن,, الشعر لا يبتعد كثيرا عن كتابة ما هو سياسي بلغة فنية، لكن الشاعر لا يكتب بيانات,, او شعارات انما يستطيع ان يدمج ما هو سياسي بما هو ابداعي,, اي ان الشاعر في النهاية، يكتب دمه، وحريات هذا الدم بلغة ذات حساسيات عالية وآفاق مذهلة.
(8) - في شعرك الاخير، وجدنا توجها جديدا، وهمًّا اخر غير السياسي ما سر هذا التحول في شعرك,,؟
* - كان الهم الوطني هو الذي يغلب على مسيرتي الشعرية، لانه يشكل قضيتي الاولى,, وما زال هذا الهم يتلبسني الى حدما الا انني في الفترة الاخيرة استطعت ان اخلق منعطفا حادا في شعريتي حيث بدأت تتجه فيما وراء الاشياء,, فيما وراء اللغة,, وفيما وراء الموت,, والطبيعة والكون,, وسبب هذا، راجع الى التحولات والمتغيرات التي اصابت العالم في الآونة الاخيرة, كمؤثر خارجي ,, اما المؤثرات الداخلية، فكامنة في محاولة توسيع شعر ضاق على هواجسي وحلمي وتراثياتي.
(9) - ماذا عن المرأة في شعر عصام ترشحاني؟
* المرأة حياة القصيدة ومملكة المدهش والباهي فيها,, ولا يمكن للقصيدة ان تفرح او تحزن,, او ترتعش، لا يمكن للقصيدة ان تتألم ، تتشظى ، وتنتشر بدون بروق المرأة فيها.
اذن، هي عصب اللغة ، وتساؤلاتها المتوثبة ,, هي سحر اللامتناهي والضلالة التي تصل حد الانتشاء والصفاء.
(10) - كيف ترى الى قصيدة النثر,,؟ وما هو موقعها في تجربتك الطويلة؟
* - انا مع تطور القصيدة العربية,, مع التجريب ، والمغامرة,, واعطاء اللغة حرياتها التي تصنع فروقها المخصبة,, ولذلك ازعم بان قصيدة النثر هي قصيدة الادهاش والتضاد والكثافة,, القصيدة الغنية بمفاجآت اللغة والتشكيل,, والتي تتغلغل في اعماق الحواس,, ويخلع علينا صاحبها عن طريق الالماع والايحاء تجربته مستفيدا من اليومي والتاريخي والصوفي والسياسي,, الخ.
ولهذا ، لم تخل مجموعة من مجموعاتي الشعرية من اكثر من قصيدة لان هذه القصيدة تماما تقع حيث يموت الجاهز والتقليدي والنمطي.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
ملحق رواد الاستثمـار
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved