يمكن القول الآن ان عجلة السلام الفلسطيني/ الاسرائيلي قد بدأت تدور، عقب تجاوز مشكلة السجناء الفلسطينيين بتسوية حفظت ماء وجه كل الاطراف.
ويمكن القول ان التوصل الى اتفاق (واي) المعدل لم يكن أبداً اتفاقاً سهلاً,,, فصحيح ان إرادة السلام فرضت سطوتها على أطراف التحاور، وألقت الولايات المتحدة بثقلها لدعم خطوات التقدم الى الامام، وقدمت بعض الاطراف الاقليمية المهمة المساندة اللازمة,, لكن ذلك كله لم يكن ليردم هوّة الثقة الغائبة بين كافة الأطراف.
ولعل اهم العناصر التي أدت الى تجاوز العقبات قناعة الطرفين، وخصوصاً الطرف الاسرائيلي، ان السلام لا يأتي بلا ثمن، وان الأمن لا يتوفر بالقهر والاجبار وفرض الامر الواقع.
لقد كان ما تم من خطوات سابقة في سبيل الاقتراب من السلام خياراً صعباً أيضاً، ولقد تم دفع ثمنه على الصعيد الداخلي لكلا الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني، وليس بعيداً عن الاذهان دراما غياب اسحاق رابين عن الحياة، او تلك المواجهات المتكررة التي حدثت بين الفلسطينيين انفسهم والتي كان بعضها قاسياً ودامياً.
لكن العارفين بالشأن يعلمون ان خيار السلام يملك الآن قوى دافعة اكثر من اي وقت مضى، ويعلمون أيضاً ان اسرائيل هي الأكثر احتياجاً للسلام، فليس من السهل تصور ان تقدر دولة - مهما بلغت من القوة والصلف - على العيش وسط جيران يعانون من الظلم ويسعون بكل ما أوتوا من قوة لرد حقوقهم المغتصبة وتلجيم العدوان عليهم.
لقد استوعبت اسرائيل بعضاً من الدرس حين سعت لتضييق شقة الخلاف مع الفلسطينيين، فجاء الفصل النهائي بين استحقاقات المرحلة الانتقالية وبين مفاوضات الحل النهائي انجازاً كبيراً بضمان امريكي حمل الكثير من سمات الجدّية، بل ان القراءة الصحيحة لما تم التوصل اليه تشير الى ان الولايات المتحدة ستستمر في رعاية ودفع محادثات الوضع النهائي وعملية السلام الفلسطينية/ الاسرائيلية حفاظاً على الاستقرار في المنطقة، وهو استقرار له آثاره على الاستقرار العالمي دون شك.
وتبقى العين الاسرائيلية معلقة على بقية أصعدة السلام في سوريا ولبنان، فما يتم من عمل اليوم,, سيكون له صداه الحتمي في مشوار الغد.
دارت عجلة السلام ,, لكن الطريق ما زال طويلاً وشاقاً.