كما المفكرون والأدباء والعلماء يتساقطون خطفت المنية شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني,, والبردوني شاعر عربي كبير بحجم اليمن وتتعدى إبداعاته وشهرته اليمن والحدود العربية وهو بحجم محمد مهدي الجواهري وعبدالوهاب البياتي شاعري العراق الكبيرين، إلا ان الفرق بين الاثنين والبردوني، انه توفي في بلاده بعد ان عاش السنين الاخيرة من عمره معززا مكرما بعد أن عانى من الغربة مجبرا على الغربة والسفر الدائم، وغربة داخلية كضيف دائم على المعتقلات إبان العهود السابقة.
ربما لا يعرف الكثيرون من غير شعراء الفصحى، عبدالله البردوني، فالبردوني واحد من شعراء العربية المتميزين، بل هو واحد من الكوكبة القليلة المتبقية من الشعراء الكبار والذين لن يتكرروا، فلم يظهر بعد شاعر مثل حافظ إبراهيم، ولا معروف الرصافي، ولا أحمد شوقي، ولا بدر شاكر السياب، ولا عمر أبوريشة ولا محمد مهدي الجواهري ولا عبدالوهاب البياتي.
والبردوني، الشاعر الضرير الذي شوه مرض الجدري وجهه، كان صافي الذهن، مبدعاً في فنه الشعري، رائعاً في نصوصه النقدية، وأدبه النثري، وهو اذ شابه عميد الأدب العربي طه حسين، حيث فقد البصر وهو طفل، فإنه يفوق اقرانه شاعرية وإبداعا، ورغم نشأته في اسرة فقيرة، وفي منطقة بعيدة عن العاصمة صنعاء، حيث ولد في منطقة ذمار قبل اكثر من سبعين عاما، في الريف اليمني الذي كان يعاني وقتها من الثالوث الرهيب الجهل والمرض، والفقر انطلق البردوني مثل غيره من متعلمي جيله، اخذ أول دروس العمل في الكتاتيب ومن السنين الاولى ظهرت موهبة الشعر والإبداع عند شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني الذي كان في مستوى شعره وتألقه اكبر من مساحة المكان الذي تواجد فيه، فذاعت شهرته وانتشر صيته فترجمت أعماله من أعمال شعرية بلغت عشر مجموعات شعرية ضمت العديد من القصائد الرائعة الى اللغات الاجنبية وبالذات الانجليزية والفرنسية والروسية والصينية والبولندية.
نال البردوني العديد من الجوائز الأدبية، وكان يحرص على تخصيص ثمن تلك الجوائز على طباعة دواوينه وشعره وتقديمها الى القراء بسعر الطباعة لمساعدة الفقراء على الحصول عليها.
زرته في ايامه الأخيرة في آخر زيارة لي الى اليمن، وهناك في منزل متواضع ضمه وزوجته الاديبة المتخصصة التي احبت شعر البردوني فتزوجت قائله، وكرست نفسها لرعايته، تهيم به حبا، رغم دمامة وجهه الذي وصفه يوما عندما سئل عن حال صنعاء فقال شعرا.
ماذا أحدث عن صنعاء يا ابتي مليحة عاشقها السل والجرب |
ذلك الشاعر العربي اليمني الكبير عبدالله البردوني احد كبار شعراء العروبة الذي ودعناه.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com