Wednesday 1st September, 1999 G No. 9834جريدة الجزيرة الاربعاء 21 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9834


وترجّل الفارس جابر عثرات الكرام

بقلم: ابراهيم بن عبدالله الشريف
رحم الله فيصلا رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه خير ما يجزي به عباده, على ما قدم من أياد بيضاء للمعوز والمحتاج على المستويين الفردي والجماعي، وللقاصي والداني، ولا يسعني في هذه العجالة إلا ان ارفع أكف الضراعة الى الحي الذي لا يموت بأن يلهم أهله وذويه وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز الصبر والسلوان انه على كل شيء قدير.
وبعد أن رحل الرجل المحبوب اجد علي لزاما ان أسجل كلمة وفاء لذاك الراحل الإنسان بما تعنيه الكلمة من معنى، ولن استطيع مهما تكلمت أن أعدد محاسنه وسجاياه الفريدة، ولكني أكتفي بذكر شيء من ذكراه ومواقفه النبيلة معي بالذات, فقد عرفت سموه عن كثب منذ ما يزيد على العشرين عاما في مدينة (لندن) عندما كنت في رحلة علاجية وكنت في متنزه عام وبادرني بالسؤال، هل أنت سعودي؟ وكنت ارتدي بنطالا وقميصا، الامر الذي شكك في سعوديتي، وعندما اجبت سموه بالايجاب دعاني الى مائدته رحمه الله وكان بصحبته رجال كرام لا تحضرني اسماؤهم عدا صديق عمره ورفيق دربه ومدير عام مكتب سموه الاستاذ عبدالرحمن السليطين الذي ارفع له عزاء خاصا، وأدعو له وأدعوه بالصبر والسلوان، وكأني به من أشد المتأثرين برحيله المر, وكان سموه حفيا بي وكأنه يعرفني من مدة طويلة، وكان يسأل ويتقصى، وتأثرت جدا بحسن منطقه وحسن مظهره ومخبره وبعد نظره، وقد رجوته رحمه الله تلبية دعوتي بتشريف منزلي ولو لتناول فنجان قهوة عندما يعود لأرض الوطن وقال لي بكل بساطة، وبُعد عن التكلف او التصنع إن شاء الله اذا أخذنا دورة الخليج (إذ كانت على الأبواب آنذاك) وهذا برهان على اهتمام سموه برفع راية بلاده خفاقة كما هو شأنها في كل الميادين.
وعندما تناولنا طعام العشاء على مائدة سموه، وهم بترك المكان اخذني الى ركن غير بعيد، لكنه بعيد عن أعين الناس واعطاني مبلغا من الجنيهات الاسترلينية، فقلت له (أطال الله عمرك لست في حاجة الآن ومخليك ذخر) فكان رده (خذها وأدخلها جيبك ترى الحرامية كثير هنا، ولا احد يأتي لهذه البلاد إلا ويحتاج وحنا احتجنا قبلك) ويعلم الله كم فرجت عني هموما كانت تقلقني من شدة الحاجة يومذاك.
وبُعيد رجوعنا للوطن تشرفت بزيارة سموه في مكتبه العامر في الرئاسة, وعند دخولي عليه نهض من مكتبه ومشى بضع خطوات كي يقابلني اروع مقابلة لقيتها من مسؤول طوال السنين التي تشرفت بخدمة حكومتي خلالها والتي تزيد على 45 عاما حتى الآن, فتحدث معي بكل بساطة وتواضع وعندما ذكرته بوعده لي بالنظر في تحقيق امنيتي بالنقل للرئاسة وعدني لما بعد الميزانية لكن الظروف وإنشغال سموه رحمه الله بما هو أكبر حالا دون ذلك وودعني وداع الكرام.
وعندما اعتراه عارض مرضي كسر في الساق منذ مدة طويلة وكان يرقد على السرير الأبيض في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، علمت بالنبأ وسارعت لزيارته وكان بمعيتي صديق من موظفي الرئاسة وكان المكان مكتظا بالزائرين والغرفة مليئة بهم, وادخل اسمي واسم صديقي لسموه, امر بإدخالي وانتظار رفيقي بصفته من أسرة الرئاسة, وكان هذا آخر لقاء بسموه, وقد حاولت تكرار زيارته في الرئاسة إلا ان مشاغله الجسيمة حالت دون اللقاء.
رحم الله فيصل الإنسان الإنسان
وأعان أخاه وخليفته صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد وذريته وأصدقاءه على تحمل المسؤولية من بعده.
والى جنة الخلد (إن شاء الله) يا ايها الفارس المترجل, جابر عثرات الكرام.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved