إعداد: محمد نجيب علي
تخوض سونيا أرملة سلالة غاندي المقتول وزعيمة حزب المؤتمر انتخابات قادمة في الهند تتعرض فيها سونيا لاتهامات منها أنها ليست هندية المولد والنشأة والجنسية الامر الذي دعا خصومها من الهندوس إلى ان يعدوا جماهيرهم بتعديل الدستور الهندي حتى يصبح لايحق لاي شخص لم يكن هندياً مولداً ونشأة أن لايترشح لانتخابات.
هذا الأمر جعلنا نلقي الضوء على الصراع مابين الهندوس والسيخ من جهة وحزب المؤتمر من جهة اخرى منذ القدم اذ ان الهندوس هم الذين قتلوا غاندي من أجل دفاعه عن المسلمين.
ولد موهنداس كرمشاند غاندي في الثاني من اكتوبر سنة 1869م في بلدة بورباندر على الشاطئ الغربي للهند حيث كان جده قد عمل حاكماً على تلك البلدة ثم خلفه ابنه كرمشاند والد غاندي, وما ان اجتاز مرحلة الدراسة الثانوية حتى اتيحت له الفرصة لدراسة القانون ببريطانيا لكن افراد مذهبه قرروا فصله لان عبور البحر لديهم نوع من التلوث.
ابحر في 4/9/1884م الى ساوث مبتون واجتاز امتحان القانون في 10 يونيو 1891م واصبح محامياً,, لكنه ما ان مثل في ساحة المحكمة في الهند التي فتح فيها مكتباً للمحاماه حتى خانته شجاعته فلم ينطق بكلمة في مرافعته ودلف راجعاً الى قريته.
سافر الى جنوب افريقيا في ابريل 1893م حيث تضايق بسبب التفرقة العنصرية خاصة على الطبقة الكادحة من المهاجرين الهنود حتى انه طرد من الدرجة الاولى في القطار بسبب انه هندي, اقام ثلاث سنوات في جنوب افريقيا دافع فيها عن حقوق المستوطنين الهنود وذاق الامرين حتى انه وضع في الحجر الصحي وحاولت الجماهير مرة شنقه في قارعة الطريق لولا تدخل امرأة انجليزية من بعد الله,, في عام 1907م اصدرت حكومة جنوب افريقيا قانوناً يلزم جميع الهنود بتسجيل اسمائهم وبصماتهم في دوائر الشرطة, فاطلق غاندي على ذلك القانون (القانون الاسود) قبض عليه وفي عام 1912م اصدرت السلطات الجنوب افريقية ان الزيجات المسيحية هي وحدها الزيجات الشرعية والمعترف بها في جنوب افريقيا مما جعل جميع الزيجات الهندية غير شرعية وغضبت النساء الهنديات من بينهن كاستروياي قرينة غاندي.
التف حول غاندي الآلاف من العمال الذين علمهم غاندي تحمل العذاب دون اللجوء الى العنف.
في عام 1914م غادر غاندي واسرته جنوب افريقيا ونزل في مدينة احمد اباد واتخذ لنفسه طريقاً والتف حوله 25 من الهنود كما نصروه على الصدق والامانة والتقشف وانكار الذات والبعد عن العنف والسرقة والقتل وتكريس النفس لخدمة بني الانسان.
عام 1919م اعدت الحكومة البريطانية المستعمرة في الهند قانون (راولات) الذي يحرم الهنود من حقوقهم المدنية ومن ذلك التاريخ حتى رحيله شغل غاندي المكان الرئيس على مسرح الاحداث في الهند, اعلن الحوار على ذلك المشروع في جميع انحاء الهند واراد ان يسافر الى البنجاب فمنع من السفر وذاع الخبر وعمت الفوضى وقتل ضابط انجليزي انتقمت له الحكومة الانجليزية بمذبحة دامية سميت باليوم الاسود امر فيها الهنود بالزحف على بطونهم في الشوارع.
سجن غاندي بعد تلك المعركة ثم طلب من حزبه المؤتمر ان مطلب الهند هو الاستقلال وفي 26يناير 1930م وضع غاندي صيغة يلزم بها الجميع العمل على استقلال الهند واصبح ذلك اليوم هو (عيد الجمهورية الهندية) وفي 13 مارس 1930 سار في مسيرة تاريخية بها 78من اتباعه صوب البحر خارقين القانون الذي يحرم على الفقير ان يعد الملح بنفسه حيث قطع فيها مايزيد على 240 ميلاً سيراً على الاقدام.
جاءت حكومة العمل 1945للحكم في بريطانيا وتباحثت مع الزعماء الهنود عن الوضع المرتقب لكن الوطنيين الهنود اخفقوا في التوفيق فيما بين حزب المؤتمر وحزب الرابطة الاسلامية فدعت الحكومة الى تكوين لجنة من حزب المؤتمر.
في مكان قصي من البنغال عاش غاندي حياته فقط على الخضر والفاكهة داعيا الناس للعيش في سلام ووئام, وفي عام 1947 نجح حاكم الهند الجديد في اقناع زعماء المؤتمر بقبول مطالب حزب الرابطة الاسلامية بتقسيم الهند وهكذا قسمت شبه القارة الهندية الى دولتين الهند وباكستان وفي 15 اغسطس 1947م اعلنت الهند دولة حرة مستقلة ذات سيادة.
رفض غاندي الاحتفالات وذهب الى كلكتا وعاش في بيت من بيوت المسلمين واعلن الصوم على طريقته احتجاجاً على الاضطرابات الطائفية, بدأ غاندي صيامه الاخير في 13 يناير 1948م واعلن انه اذا اصر السيخ والهندوس على طرد المسلمين من الهند فانهم يقترفون خيانة كبرى وأضاف: لقد عيرني البعض بصومي من أجل المسلمين,, وقد رجح البعض ان صوم غاندي ماهو الا احراج لنائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية في حكومة نهرو (والابهابهاي) لما عرف عنه من عدائه للمسلمين.
في اليوم التالي القى فتى هندوسي قنبلة يدوية عليه لكنها لم تصبه واكد زعماء السيخ ان المتهم ليس متهماً بل هندوسياً,, وكان الجاني لاجئاً هندوسياً قدم من البنجاب يدعى (مادات لال) وقد امسكت به امرأة عجوز من عامة الناس.
في 30 يناير 1948م الساعة 4,30مساء خرج غاندي لملاقاة محبيه واسرع يجتاز الفناء حيث اعتاد الوقوف فافسح له الناس وحياهم على طريقته الهندية, في هذه اللحظة تقدم رجل كأنه يحاول ان يجد لنفسه مكاناً ما يقرب من غاندي، حتى اصبح على بعد خطوتين منه ثم اطلق ثلاث رصاصات عليه.
إنها الجريمة الثانية من حلقات المؤامرة التي دبرتها عصابة المهوسين الهندوسيين لقتل غاندي فبعد ان اخفق مادات لال في محاولته بالقنبلة اليدوية حضر الى دلهي متآمر آخر من هذه الزمرة ونجح فيما عجز عنه زميله مادات لال.
تبين ان الجاني يدعى تاتورام فينا ياكي جورس يبلغ من العمر 25سنة وكان يعمل صحفياً في مدينة بدنا ويصدر بها مجلة اسبوعية تحت اسم (المها سياه) الهندية كما تبين انه من البراهمة المتعصبين,.
اعترف جورس بجريمته وقال في تبريره لقد اعملت فكري كثيراً وانا اتقلب على الجمر للفظائع الرهيبة التي ترتكب في حق الهندوس,, وحتى اتخيل المستقبل المظلم الذي ينتظرهم وهم يواجهون المسلمين في الخارج وغاندي في الداخل وبغتة قررت ان اقدم على هذه الخطوة الحاسمة ضد غاندي ,.
|