في دراسة إحصائية حديثة عن مدى استخدام أجهزة الحاسب الشخصي ودرجة انتشاره بين شعوب الدول بينت إن نسبة استخدام الحاسب الآلي في الولايات المتحدة الأمريكية بلغت 470 جهازا لكل ألف نسمة وفي بريطانيا 315 جهازا وفي استراليا بلغ عدد مستخدمي الحاسب الآلي 420 لكل ألف شخص ولكن في العالم العربي فقد بلغت النسبة 11 جهازا فقط لكل ألف نسمة في البلدان العربية.
إنها نسبة تكاد تكون مخجلة وخصوصا لشعوب تريد التطور واللحاق بالعالم الصناعي بسرعة أضف إلى ذلك انخفاض مستوى الاستخدام لهذه الأجهزة القليلة، حث توجد أغلب هذه الأجهزة عند بعض الناس الذين يضعونها كديكور فقط، أو في معامل الجامعات والكليات والمعاهد حيث يتم الاستفادة من هذه الأجهزة فقط لبضع ساعات يقفل بعدها المعمل بانتهاء الدوام، وهذا بخلاف المعامل الموجودة في البلاد الصناعية حيث يكون المعمل مفتوحا طوال الأربع والعشرين ساعة ويكون الدخول عن طريق بطاقة الكترونية تدخل في ماكينة موجودة على باب المعمل، وهذا بدوره يساعد على الاستفادة القصوى (Utilization) من هذه الأجهزة التي يتعلق استهلاكها بالزمن وليس الاستخدام فقط.
إن زيادة نسبة انتشار هذه الأجهزة التعليمية والتقنية المساعدة في عملية التطور لدولة ما لدليل مباشر على تقدم هذا البلد تقنيا وصناعيا والذي بدوره يؤدي إلى التقدم الاقتصادي والسياسي والعسكري لهذه الدولة, واعتقد أن من أهم أسباب نشر استخدام الحاسب الآلي والتعليم الإلكتروني والتقني بين الناس وخصوصا الطلاب هو توفر أو توفير جميع هذه الوسائل الإلكترونية والتعليمية بسعر منخفض أو مخفض للجميع ومن أهم هذه الوسائل التعليمية هو الكمبيوتر الشخصي وملحقاته من الطابعة، الورق، قطع الغيار أو " Hardware"، البرامج " Software"، الماسحات الضوئية " Scanners"، تكلفة الاتصال بالانترنت وكل ما له علاقة في تطوير عملية التعليم والتعلم الالكتروني والتقني وغيرها, ولكن الذي يحدد سعر هذه الأشياء هو تكلفة صنعها وتكلفة نقلها وكذلك معدل الربح الذي يطلبه الصانع والموزع حتى يصل الجهاز إلى المستهلك النهائي (End User),
ومن الممكن اتباع سياسة مدروسة لجعل مثل هذه الوسائل متاحة بسعر مخفض جدا لجميع الطلاب, فمثلاً الربح الذي يحصل عليه البائع لهذه الأشياء يمكن أن يحدد بسعر أعلى لا يمكن تجاوزه, مع العلم بأن خفض السعر أو الربح في الوحدة الواحدة لا يعني خفض ربح البائع ولكن قد يكون العكس وخصوصا إذا أدى هذا التخفيض إلى زيادة الأجهزة المشتراة من البائع بصورة كبيرة, وكذلك من الممكن مثلاً أن تتحمل إحدى الجهات الحكومية التابعة لوزارة التعليم أو المعارف جزءاً من هذه التكلفة.
ولكن بالطبع هذه الجهات وبالتأكيد لا يوجد عندها المبلغ الكافي لإعطاء الطلاب تخفيضات لشراء هذه السلعة التي أصبحت ضرورية جداً لكل طالب, ولحل هذه المشكلة فإنه يمكن صيد عصفورين بحجر واحد, فمثلاً بالإمكان رفع سعر الدخان أو السجائر والاستفادة بكامل هذه الزيادة لتصب في ميزانية خاصة بإعانات الطلاب لشراء أجهزة الحاسب الآلي, والدخان كما يعلم الجميع من أكبر مسببات الأمراض الخبيثة وهو علامة على التأخر الفكري والصحي والبيئي ويحارب في جميع البلدان المتقدمة وأسعاره هنا رخيصة جداً مقارنة بأسعاره في الدول الغربية,
هذه الزيادة أو الضريبة على السلع أو السلعة الضارة توضع في حساب هذه الجهات التعليمية والتي بدورها تعطي خصماً أو خصومات لشراء مثل هذه المستلزمات التقنية وهذا بدوره سيؤدي إلى تشجيع الطلاب والطالبات على شراء هذه الأدوات بأرخص الأسعار ومن ناحية أخرى التقليل من استهلاك السلع الضارة بالجسم والبيئة, وهذا يحدث في كثير من البلدان المتقدمة إذ يوجد ضريبة على شراء بعض المنتجات الضارة أو الكمالية جداً ثم تعطى في شكل إعانة على السلع الضرورية لحياة الفقراء مثل السكر والأرز والدقيق وغيرها, ومع دخول القرن الجديد سيكون الكمبيوتر من السلع الضرورية جداً كالشاي والسكر.
إن وجود سياسة مدروسة لنشر هذه التقنيات والتعليم الحديث سيساهم في تطوير عقلية أبناء هذا البلد وزيادة إنتاجيتهم ووعيهم التقني والذي سينعكس بدوره على تطوير هذا البلد بصورة أسرع.
*جامعة الملك سعود-قسم الأساليب الكمية
البريد الإلكتروني alsallom* ksu.edu.sa
الصفحة الالكترونيةhttp://mah.vuse.vanderbilt.edu/sa/