Wednesday 1st September, 1999 G No. 9834جريدة الجزيرة الاربعاء 21 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9834


رؤى وآفاق
من إنجازات فيصل بن فهد

الموت طريق مأثور، لا تمر ساعة إلا وعدد غير قليل يرحل من هذه الدنيا، فمنهم من يرحل بهدوء وهم الكثرة، ومنهم من يفزع الناس لفقده، فترتفع الأصوات، ويعلو الضجيج، لأنه من الرجال المؤثرين, والراحلون من هذه الدنيا أنماط مختلفة، فمن امتد خيره ونفعه بجاه أو مال أو علم فهو المفقود ومن اقتصر خيره على ذاته قل فاقده.
وفيصل بن فهد سليل أسرة عريقة في المجد، فله من نسبه وحده ما ينهض به في الثريا، وله من حسبه ما يرفع مقامه، فهو يعين من يستعين به، ويساعد الفقراء والمنكوبين ويسعى إلى الخير في وجوهه المختلفة، وإذا كان الحسب والنسب فرسي رهان لا ينفصل أحدهما عن الآخر، فقد كان للأمير فيصل منهما ما يرفع شأنه ويعلي منزلته، أما الأعمال التي أسندت إليه من قبل والده ولي الأمر فقد قام بها خير قيام، بل إنه - رحمه الله - اجتهد في البحث عن طرق جديدة تعزز الثقافة في البلاد السعودية، وتنمي الوعي بين الشباب، وتنشر الثقافة السعودية في البلاد العربية والبلاد الأجنبية وقد كان له ما أراد، فقد أنشأ الأندية الأدبية، فأسهمت بأثر فاعل في تعميم الثقافة وتنشيط الحركة الفكرية، وتعميم الوعي في أنحاء المملكة، فلم تقتصر الأندية على الرياض وجدة والدمام، وإنما عمت كثيراً من مدننا، ثم إن الفقيد التفت إلى ناحية ثقافية مهمة ألا وهي التعريف ببلادنا عن طريق سلسلة (هذه بلادنا) التي تعد بحق موسوعة تاريخية مهمة، فقد شجع الكتاب وقدم لكتبهم، ومن مقدمته لكتاب (عودة سدير) لكاتب هذه السطور: يسعدني أن أقدم باكورة الإنتاج في سلسلة كتب (هذه بلادنا) التي تهدف الرئاسة من ورائها إلى إمداد المكتبة السعودية بالمؤلفات الوطنية التي تبرز تاريخ الوطن في سلسلة من الكتب العلمية المبسطة وتعمل على تسجيل التراث الفكري والفني والعادات والتقاليد في المملكة .
ثم يقول - رحمه الله -: ولعلنا بهذا العمل نساهم في تشجيع البحث والباحثين لربط الماضي بالحاضر وتسجيل ما طرأ عليه من معطيات العصر الحديث لتكون نبراسا هاديا لشباب الغد وتقديم ما يساعدهم على معرفة الحقائق ويجعلهم يفخرون بما قدمه السلف وإتاحة الفرصة لهم لصنع مستقبل بلادهم ويشير - رحمه الله - إلى أهمية كتابة تاريخ الأمة فيقول: وإنه من الأفضل لأي أمة من الأمم أن تكتب تاريخها بنفسها عن طريق أبنائها المخلصين الذين أتيحت لهم فرصة التعلم والوصول إلى أرقى الدرجات العلمية .
والأمير فيصل - رحمه الله - لم يترك الكتاب وحدهم في ساحة الأخذ والرد التي لا يخفى على الكثير ما يدور في عرصاتها من صراعات، بل كان سنداً لهم، فيقف معهم إذا اتضح له حسن نية الكاتب, ولو لم تكن عن سموه - رحمه الله - تلك الوقفات لتعثرت السلسلة بسبب ما يدور في مجالس المدن والقرى من طرح لمادة تلك الكتب ونقدها، إنها سلسلة تفخر بها بلادنا، وتعد من مآثر فيصل بن فهد، فهذه الرياض عاصمة البلاد في كتاب، وهذه ينبع بتاريخها العريق وحاضرها المزدهر الذي ارتبط بالنفط، وهذه بريدة بلد العقيلات والتجارة، وهذه الخرج سلة الغذاء التي تمون الرياض بما تحتاجه من الحبوب والخضار والتمور, وهذه مكة المكرمة بلد التاريخ والمقدسات وقبلة المسلمين، ومكة غنية عن التعريف ولكن الكتابة عنها متجددة في كل زمان، وهذه الجبيل بلد النشاط التجاري القديم، وبلد النفط في الوقت الحاضر، فقد أمدت أختها على البحر الأحمر بالنفط، فبلادنا - ولله الحمد - واسعة الأرجاء مترامية الأطراف، فالجبيل وينبع أصبحتا كالمدينة الواحدة، وتعرض علينا السلسلة مدينة الخبر ونهضتها الحديثة وشاطئها الجميل، وتنقلنا السلسلة إلى القصيم فنقرأ عن المذنب والبكيرية والجواء والرس, ونقرأ عن سراة عبيدة وبلاد زهران وتنومة فنشتاق إلى المصايف، إنها سلسلة جديرة بالقراءة، فرجل قام بهذا العمل جدير بالاحترام والتقدير، رحمه الله رحمة واسعة، ومن إنجازات فيصل بن فهد السعي لإيجاد مجمع سعودي يحفظ اللغة في هذه البلاد، وإذا كان فيصل قد رحل قبل أن يرى المجمع النور فلنا أمل في صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد في تحقيق هذه الأمنية التي يطمح إليها كل غيور على لغة القرآن.
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون.
د, عبدالعزيز بن محمد الفيصل

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
عزيزتي
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved