الفتاة في العالم بشكل أعم وفي المجتمع العربي بشكل عام ، وفي المجتمع الخليجي بشكل خاص وفي المملكة بشكل أخص، تشعر ومنذ سنواتها الأولى بان عليها تحمل مسؤوليات لايتحملها الفتى من هو في سنها,, بدليل انها تتزوج في سن مبكرة مازال الفتى يعتبر نفسه فيها طفلا مدللا، وتنجب وتصبح اما تمنح الحنان لآخرين في سن يرى الفتى نفسه فيها مازال لم ير الدنيا،ومازال بحاجة ماسة لدلال وحنان له.
الفتاة السعودية وعت محيطها ومجتمعها ومتطلباته الآنية والمستقبلية وبدأت في توعية بنات جنسها من خلال القنوات البسيطة المتاحة والتي منها الندوات التي تعقد هنا وهناك، ومنها صفحات الجرائد والمجلات، وعياً منها بما تتطلبه تلك المسئولية الملقاة على عاتقها من كونها زوجة واماً وطالبة وموظفة، وفي ذات الوقت احياناً، ومع هذا لم يقف احدها عائقاً امام دورها التوعوي بأهمية التماسك الاسري ودورها في الوصول بالاسرة إلى حياة مستقرة آمنة.
يبقى ان نعلم بان هذا الدور مهما كبر فهو جزئي ويأتي الدور المساوي - ولن اقول الأكبر- الملقى على عاتق الرجل الذي له القوامة بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم مع ان المرأة اصبحت تنفق على الرجل أكثر مما ينفق هو عليها!!، الرجل الذي يطمح أن تكون في زوجته كما ذكر الاخ محمد الداود كل المزايا والصفات المثالية التي رسمها في ذهنه وشكلتها تلك الثقافات والمفاهيم,,، فهو يريدها مثقفة واعية متحدثة لبقة مربية فاضلة، طاهية ماهرة، مدبرة شاكرة,,، الرجل الذي اضحت مفاهيمه الحالية تختلف عن مفاهيم جده وأبيه بالامس حيث كانت لاتتجاوز الطاعة والانجاب والإلمام ببعض الاعمال المنزلية، وربما آثر البعض ان تكون زوجته أمية جاهلة يسيرها ويروضها وفق ميوله ورغباته.
أخي الرجل العزيز المتطلع! من الأجدى أن تقوم بتعبئة طلب بالمواصفات وترسله عن طريق احد الحاسبات الآلية التي ابليتموها بحثا عن آخر اخبار تلك المواقع في شبكة الإنترنت، أو تناقشها مع أحد خطوط الصداقة غير البريئة التي تتكبدون فواتيرها كل شهر، أو ترسلها عن طريق احدى الفضائيات التي احولت اعينكم من مشاهدتها ومقارنة زوجاتكم بمذيعاتها وممثلاتها، أو تكون تلك المواصفات حديثكم الثقافي في إحدى أمسيات الشلل، التي تقضون فيها ساعات وربما أياما متناسين ان لكم بيوتا وزوجات وأطفالا ومسؤوليات القيتموها على كاهل تلك المسكينة التي ترغبون في ترويضها، ومعذرة للتصحيح ولكن في اعتقادي المتواضع ان البشر لايروضون، وان المتعارف عليه هو ترويض كائنات اخرى غير بشرية!! فهل تتعاملون مع كائنات غير بشرية؟
في تصوري المتواضع ايضا ان الرجال يتزوجون بنات الناس ليعشن مكرمات معززات في بيوت يأملن ان تكون بيوت العمر!! إذ إن الأم المسكينة تغرس في بنتها منذ سنوات تربيتها الاولى ماكان قد غرس في قناعاتها، ان الفتاة لاتخرج في حياتها الا مرتين مرة الى بيت زوجها ومرة لقبرها,, وبتلك الفكرة وغيرها من الافكار المشابهة تنشأ الفتاة وتكبر ويبقى راسخا لديها ولو عانت الامرين من زوجها انها ستحافظ على تلك الاسرة من التشتت، وسوف تكون في كثير من الاحيان ضحية دون ادنى تقدير من ذلك الرجل او المحيطين.
إذا كانت المرأة شغفت حبا بالتقليد وبالموضة فإن همها هو انت يا عزيزي الرجل!! لا إثم ان تعمل المرأة على ان تبدو في عينيها وعينيك بكامل أناقتها لانها ترغب في المحافظة عليك، ولفت انتباهك والحصول على اهتمامك الذي حظيت به بعض القنوات الفضائية الماسخة، حتى حفظت اسماء المذيعات والممثلات والمطربات، وعرفت مسميات تسريحاتهن ولون صبغات شعورهن، وأنواع مكياجهن وماركاته,, بل ومقاسات وألوان ازيائهن، أما هي فيحرم عليها أن تجاري الموضة التي تعتبرها من وجهة نظرك فوضى.
إذا كانت مستويات الطلاق مرتفعة كما تقول عزيزي الرجل فالعقل والمنطق يقولان ان الاسباب مشتركة، ولو اوجدت احصائيات دقيقة بالاسباب لاختلفت الموازين، ولكنا اكثر دقة في الحكم الذي اكاد استشعر رجحان كفته، ولاستطعنا من خلال تلك الإحصائيات معالجة الكثير من الاوضاع.
الزوج المحترم يطلق اليوم ليتزوج من فتاة، ويصر على ان تكون فتاة بكراً!! حتى لوكانت من آخر الدنيا تبعد عنا كل البعد بعاداتها وتقاليدها وقيمها وقد تكون ديانتها، اما المطلقة فإن المجتمع يضع تصرفاتها تحت المجهر، وإن رغبت في الزواج هروبا من تلك النظرة القاسية لها فإنها لن تحظى في اغلب الاحيان إلا بزوج يفوق والدها عمرا ويقل عنها ثقافة او مستوى اجتماعياً او,,، أي زواج غير متكافىء بأي من المقاييس المتعارف عليها، هذا وقد يكون احد الاسباب التي تجعل المرأة تتحمل في كثير من الاحيان والمواقف مالايتحمله الرجل حتى لايحدث الطلاق.
أخي العزيز اذا كنت ترى ان الإعداد ليس بالشكل الذي يرضي طموحك ويرضي غرورك وإن وجد فإنه ليس بالمأمول، فأقول لك ياعزيزي ان الدور ايضاً لك فيه نصيب الاسد,, فانت الاب وانت الاخ وانت الابن وانت الزوج,, وجّه المرأة في حياتك بالمعروف والود وبالإحسان وبالبر بها، وافتح لها قلبك وذراعيك ، اعط المرأة فرصة لتقول وانت تسمع وتعامل معها كبشر، وليس ككائن ترغب في ترويضه!!، ليكن ضمن مفاهيمك ان المرأة والرجل مكملان لبعضهما البعض، وانه لاغنى لاحدهما عن الآخر، وانهما ليسا في حالة تنافس ازلية.
كما ان وعيك لدورك في تحقيق مفاهيم تلك المرأة التي ترغب في الحصول عليها بمواصفاتك التي ذكرت من كونها مثقفة ومتعلمة ولبقة ومنجبة ومربية ومطيعة,, الخ، لهو في الحقيقة دور كبير وليس باليسير، وأعانك الله عليه، فهي ايضا متطلبة في ان يكون رجل المستقبل محققا للكثير من المفاهيم التي قد تكون عن غير قصد منك تجاهلتها ولم تجهلها، ذلك لانك لم تعطها الفرصة للحديث عنها من خلال احدى القنوات وهي الاقلام النسائية الكاتبة، ركز يا اخي العزيز على تطوير نفسك كما تحاول هي ان تفعل، فذلك يدل على وعيها بدورها فهل تعي انت دورك وتستمع لها من خلال قراءة اسطرها، ولو لبعض الوقت فلعلها تقنعك.
أخي العزيز,, نرى في الكثير من الرجال المحيطين بنا من استطاعوا ان يحققوا لنا المأمول، هناك العديد من الرجال من استطاعوا ان يضرب بهم الامثلة الرائعة للرجل المثالي، الرجل الاب,, الزوج,, الأخ,, الابن،,, للرجل الرجل الذي يطبق قول الرسول عليه السلام خياركم خياركم لنسائهم، والذين يتبنون قوله رفقا بالقوارير ، فهي ليست آلة تبرمجها ولا اقول تروضها لتكون كل ماطلبت!!!، وتذكر اخي ان المصطفى عليه السلام اوصاكم بالنساء خيراً,,، كما يجب ان تتدبر المعاني الرائعة في قوله تعالى الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات,, .
رجاء أخي العزيز أنت والقلة القليلة من يتبنون ذات الفكر أن نكون اكثر واقعية وتطلعا، وإذا كنت ترغب في موضوعات لتعالجها مشكوراً، فعليك مثلاً بموضوع إساءة معاملة الزوجة والاعتداء عليها بالضرب حتى امام ابنائها، عليك بموضوع إهانة كرامتها واستغلال الهيبة التي منحت للرجل اسوأ استغلال، عليك بموضوع قهر البنات على الزواج من اشخاص غير متكافئين معهن تحت ضغط الاب، عليك بالحديث عن اشخاص في اعمار جدك من يستغلون حاجات الآخرين من جنسيات أخرى والزواج من فتيات في اعمار حفيداتهم حتى يجدد الجد شبابه، ولا يفوتك الحديث عن الاباء الذين يمتنعون عن تزويج بناتهم حتى ينعم الاب بذلك الراتب، وماذا عن تلك الفتاة التي لاترى زوجها الا في ليلة زواجها، ثم يحدث الطلاق منذ الليلة الاولى لعدم وجود القبول، اكتب عن اي شيء,, اي شيء ارجوك,, إلا ان تنتقد المرأة في بث شيء من همومها, ساعدها أخي لمعالجة وإيجاد الحلول لبعض من معاناتها, أنت مطالب بشيء من الانصاف ليس اكثر, رجاء ان تتعامل مع ذلك الكائن البشري الذي يفيض رقة وعطاء بغير جهاز الريموت كنترول!!
منيرة الغامدي
عضو هيئة تدريب- معهد الادارة العامة