تكشف الصورة الظاهرية في أفغانستان أن صراع السلطة والنفوذ هو المأساة الوحيدة لذلك البلد, وتكتفي التقارير الواردة من هناك - في معظمها - بإيراد مقدار التقدم الذي يحققه الغرماء على الأرض، والكم الهائل من التصريحات والتصريحات المضادة في إطار الحرب النفسية والإعلامية بين الأطراف المتقاتلة.
,, تلك هي الصورة الظاهرية للاقتتال الأفغاني - الأفغاني، فإلى أي مدى - يا تُرى - يلتفت العالم للجانب الآخر من المأساة,, مأساة الحرب التي تأكل الأخضر واليابس في ذلك البلد؟
ذلك الجانب الآخر من المحنة في أفغانستان يتمثل في الإنسان,, فالإنسان هناك - للمأساة - هو أداة الحرب ووقودها وضحيتها!
تقول تقارير الأمس على لسان مسؤول بالأمم المتحدة إن الاقتتال الأفغاني أسفر خلال شهر عن مصرع ألف وثمانمائة شخص يتوزعون بين طرفي القتال، وهذا معدّل رقمي - إذا استمر - سيهدد البُنية السكانية لهذا البلد ويعرض مظاهر الحياة الإنسانية للزوال من تلك الرقعة.
وبالطبع هناك آلاف الجرحى والمعوقين الذين تخلفهم المعارك الدائرة دون أن يقوم أحد برصدهم، وهؤلاء يشكلون جانباً آخر من الصورة القاتمة لذلك القتال المجنون.
فإذا أضفنا لما سبق أن حوالي مائة ألف من النازحين قد فروا تاركين ممتلكاتهم وديارهم باتجاه وادي بانشير حيث الظروف السيئة والمصير المجهول,, يتضح البُعد الآخر لحجم المأساة التي يعانيها ذلك البلد بأيدي أبنائه,.
إنه الإنسان حين يفتك بكل مقدرات الإنسان!.
الجزيرة