تقف ان شئت لهم، وان شئت لهن مذعوراً كرجفة المطر خلال شتاء ممل عجوز,.
تريد ان تكون من أكثر الناس نفساً للهواء النقي البهي، فينهض التلوث في الجهات الأربع كشاهد إثبات على خمول الأشجار، وذبول العصافير الزرقاء، التي هجرت الفرحة بالصباح منذ أن فقدت السهول طهارتها!!
أمامك الدرب فضاء ابيض يستنشق السراب الأزرق، تصور حتى الرمال تحلم بالمياه العذبة!!
من راقب الظمأ زاد هماً اصفر من سوء جفاف الممرات، وارتخاء لياقة الطراوة الناطقة,.
هل قلت شيئاً؟
اشك ان البياض يعي ان تسعاً وتسعين رشفة له، ولي رشفة مفردة أخذها الرعاة مني، وتركوني في عيون النهار اسلي نفسي بقرب أجلي!!
اتذكر - صامتاً - قول صديقي الفيتوري، الذي غاب منذ حتى تمر الخيل، اتذكره يقول:
لم يتركوا لك ماتقول
والشعر صوتك حين يغدو الصمت مائدةً
وتنسكب المجاعة في العقول!!
لم يعرفوك, وأنت توغل عارياً في الكون إلا من بنفسجة الذبول!!
نظرت إلى جسدي المترهل وعقلي الأكثر ترهلاً، وأطلت التفكر في ثواني الاعضاء، وادركت ان تمزيق الجسد لا يمكن ان يعلمنا كيف نجعل الدجاجة تبيض ؟!
تقف على مرمى حجر من أخذ الغنائم، تتحرك شهوتك لزينة الحياة الدنيا ولك ان تختار مابين اقواس الحياة، طارحاً همك فوق رمال النسيان، مردداً مع الشاعر الكبير خليل حاوي، آخر المنتحرين العرب، بل اولهم، تتذكره بقوله:
خلني للبحر، للريح، لموتٍ
ينشر الأكفان زرقاً للفريق
مبحر ماتت بعينه منارات الطريق!!
ولك ان تسدل يديك - كرجل خارج من منزله إلى عمله - مردداً قول كانت:
النظرية إن لم تنبع من الممارسة فهي شلاء، والممارسة إذا لم تستق من النظرة فهي عمياء!!
ولك ان تنظر في شوارع المدينة، -اي مدينة - ملقى بطرفك في صحراء الأطفال، في محاولة يائسة لردم هوة الأمل الضائع في عيونهم الطرية، واوراقهم البريئة، وانت تستلهم قول اجدادك القدماء:
خساس الطير اكثرها فراخاً
وام الصقر مقلاتٌ نزورُ!!
وإذا لم يعجبك هذا، فول وجهك شطر الشاعر القروي، وانشد معه معادلة الكرم الواقفة في محراب النسيان، إذ ان فضيلة الكرم وسط بين رذيلتين هما البخل والاسراف، ولاتخش من حاتم واصدقائه، فتلك أمة قد خلت، وللزمان در قصائد الشاعر القروي،حين وافق مطره جفاف الجيل، إذ قال:
بعض الندى، كالبخل فيه مضرة
والسر في كيفية الانفاق!!
|