في الريادة النقدية من الشعراء النقاد ,,عبدالله بن إدريس ناقداً د, محمد صالح الشنطي |
عبدالله بن ادريس من أوائل النقاد الذين اهتموا بمقاربة الشعر العربي السعودي والعربي بعامة، ويعتبر كتابه شعراء نجد المعاصرون من أهم الكتب الرائدة في الدراسات النقدية المحلية حيث حاول ان يصطنع منهجا نقديا في المقاربة، وقد عمد الى التعريف بمنهجه هذا في مقدمة الكتاب إذ يشير الى انه يدرس شعر نجد على نحو جديد من البحث السيكولوجي للعوامل الاجتماعية والأحداث والمؤثرات الإنسانية التي ساعدت على تطور الشعر النجدي، كما في البلاد العربية الأخرى وكذلك ربط شعر كل شاعر بالنظرية الفرويدية من حيث استشفاف نفسية الشاعر وعواملها الحياتية من شعره، ذلك ان سيكولوجية الشاعر تطبع شعره بمؤثراتها وخصائصها لكنه يعود فيستدرك مشيرا الى صعوبة تحقيق هذا النهج لعقبات كثيرة تصادفه، وأهمها ان دراسته بكر في هذا المجال، فليس ثمة نموذج يحتذيه، كذلك فإن ندرة الدواوين المطبوعة تشكل حائلا بينه وبين الدراسة الشاملة، لهذا فهو يكتفي بالقاء ومضات سريعة على الحياة الأدبية في نجد.
وقد حاول ان يطرح مفهوما للشعر يرى فيه انه لا يمكن الاعتداد بجمالية القصيدة والرؤية فيها ما لم تكن على قدر كبير من التأثير القوي والموسيقى الهادئة الحنونة، والتصوير الصادق والتعبير المنسجم وليس بشاعر من لم يكن ذا خيال خصب مجنح ذا أنغام عذبة، ومعانٍ متساوقة، متدفق الشعور، عميق الإحساس بجمال الكون والحياة.
** ومن الواضح ان هذا التعريف يفتقد الى التحديد، فهو أدبي الطابع انطباعي السمات، لا يقدم مرتكزات واضحة يمكن القياس عليها، لكننا نلمح فيه منحى وجدانيا ابتداعيا يتجلى في التركيز على الخيال والعاطفة والموسيقى، فهو رومانسي في رؤيته للنقدية، كما انه رومانسي في شعره وإن بدا ميالا الى الربط بين الواقع النفسي والاجتماعي من ناحية والإبداع الفني من ناحية أخرى، فدرس شعر نجد تحت عناوين مدرسية مثل الاتجاه الرومانتيكي والاتجاه الواقعي حيث عمد بعد ذلك الى الترجمة لكل شاعر من الشعراء الذين درسهم، وأورد نماذج لهم، وتعتبر نماذجه ذات أهمية خاصة لانها وفرت للدارسين مادة للبحث لم تكن في متناول اليد.
** ويعتد بهذا الكتاب كمعلم بارز في تاريخ الحركة النقدية المحلية وإن رأى البعض أن في ذلك بعض المبالغة، لأن المؤلف لم يعالج النصوص معالجة نقدية متكاملة بل اكتفى بالحديث عن الاتجاهات العامة حديثا موجزا موليا جل اهتمامه للمختارات والترجمات، وهذه المختارات جاءت مجردة من التحليل أو التعليق، ولكنها دالة على توجه الشاعر ومنهجه.
وقد بدأ بالحديث عن نشأة الشعر وتطوره، ثم وقف عند مركز نجد في الشعر العربي، وعرج على أثر الدعوة السلفية دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الأدب وتكلم عن عوامل تطور الشعر المعاصر، وتحدث عن اتجاهات الشعر في نجد في القسم الأول، ثم ترجم لثلاثة وعشرين شاعرا ترجمات مختصرة.
وبعد ان أوضح طموحه الى ربط الاتجاه الفني للشاعر بالخلفية الاجتماعية والنفسية أشار الى ان ذلك أمر صعب حيث عقب قائلا:
**انى يتسنى لي تحقيق هذا معددا العقبات التي تحول بينه وبين تحقيق هذا الهدف كما أسلفنا، ووصف مقارباته بأنها مجرد إضاءات سريعة للحياة الأدبية في نجد وان جهده الرئيسي منصب على التعريف بأعلام الشعر، ويبدو الحس التاريخي لدى الناقد يقظا فهو حريص كل الحرص على ربط الظاهرة الأدبية ربطا حميما بالعصر الذي ظهرت فيه، كما انه كان يدرك انه يقوم بعمل تأسيسي وأنه قد عمد الى الربط بين الماضي والحاضر، ولادراك مدى تأثير الحياة الروحية وما يرافقها من أحداث على الحياة العقلية ومدى استجابتها لما يلائم حياة العصر من جدة الأفكار والعمل على اخصابها,,, إلخ.
** وقد حاول ان يلتزم شيئا من النهج الذي كان ينتوي اتباعه في دراسته حيث ربط بين شعر الشاعر وحياته ومجتمعه على نحو ما فعل حين ردّ سمة الترف والأناقة عند الشاعر الأمير عبدالله الفيصل لحياته الارستقراطية الناعمة ومركزه الاجتماعي الكبير كما يقول، وحين رد النوازع النفسانية المتشائمة التي تتبدى في شعر صالح أحمد العثيمين الى ذهنيته المتأثرة بحياته وتجاربه الشعورية والحيوية، أما حمد الحجي فوصفه بأنه من الشعراء البائسين التعساء فهو يصور حياته في شعره، واضطرابه الفكري وقلقه ناجم لبؤسه وفاقته، وتتضح هنا بعض مظاهر الاتفاق بينه وبين أنور المعراوي في نظرية الأداء النفسي.
ومن السمات التي تميز منهجه اللجوء الى عقد المقارنات بين الشاعر وأضرابه من الشعراء العرب والأجانب، فعبدالله الفيصل يشبه عمر بن أبي ربيعة من القدماء على حد قوله ونزار قباني من المحدثين، اما ناصر بوحيمد فهو متأثر بيبول فاليري من الرمزيين الفرنسيين، وعثمان بن سيّار متأثر بروح الشاعر القروي رشيد سليم الخوري وهكذا فإن هذه الدراسة من الدراسات النقدية المبكرة التي اختطت منهجا واضحا وظهرت فيها ومضات تدل على ثقافة المؤلف ووعيه، وتبدو في نفس السياق الذي ينتظم أعمال عبدالله عبدالجبار، غير ان الأول كانت دراسته شاملة للجزيرة العربية، ككل في حين اقتصرت هذه الدراسة على نجد ولكنها شقت طرقها أمام الدارسين بعده ممن ساروا على نهجه واقتفوا أثره.
ولقد سار عبدالله بن ادريس على نهج شعراء الحجاز المعاصرون لبعد السلام الساسي، ولكنه امتاز عنه وتفوق عليه وحاول ان يسد الثغرات التي ظهرت عنده، فقد كان كتاب الساسي تقليديا يتوسل بالترجمة المألوفة ثم المختارات المنتقاة، ولم يسلك الشعراء في إطار الاتجاهات الفنية الكبرى على نحو ما فعل ابن ادريس، كما لم يعن بالخلفية الاجتماعية او النفسية، وقد تميزت أحكامه بالتعميم والعبارات الفضفاضة والتقريظ المفرط.
** ومهما يكن من أمر فإن هذا الكتاب يعتبر من أهم ما صدر في تلك الحقبة وشكل قاعدة أساسية من قواعد للحركة النقدية فيما بعد، وخاصة فيما عرف بالنقد التصنيفي الذي بدا أشد وضوحا لدى عبدالله عبدالجبار ثم الدكتور حسن الهويمل والدكتور عبدالله الحامد وأضرابهم من النقاد.
غير ان ما يمكن ان يؤخذ على الناقد أنه لم يول اهماما كبيرا للخلفية الاجتماعية بقدر اهتمامه بالمسيرة الخاصة بالشاعر، كما ان تجديده لنهجه لم يكن قائما على أسس الدراسة الجمالية ذات المتكآت التي يمكن الاعتماد عليها اجرائيا، فللواقعية والرومانسية والرمزية كمدارس أدبية اصولها الفلسفية والجمالية، وهو ما لم يعن الناقد بدراستها دراسة معمقة وربطها بجذورها الاجتماعية وفقا لنهجه الذي ارتضاه، ولكن حسبه أن شأنه في ذلك شأن الرواد لفت الأنظار الى نمط من الدرس الأدبي لم يكن شائعا، بل يكفي انه انعطف بالدراسة النقدية الى وجهة جديدة بعد ان غرقت في الملاحظات الجزئية والمناقشات اللغوية التي تدور حول المفردة ودلالاتها ومناسبتها للسياق.
وفي كتاب كلام في أحلى الكلام مجموعة من المقالات النقدية التي تنهض على التذوق الانطباعي في الدرجة الأولى كما اشار في المقدمة متوخيا من ذلك الرغبة في إبراز جماليات الشعر وقيمه، محاسنه الموضوعية والشكلية، والتنبيه الى جوانب الضعف والقصور فيه,, فهو نقد معياري تقويمي لا يصطنع منهجا بعينه كما يقول صاحبه، بل هو يمضي على سنن الأقدمين حيث يتميز الجيد من الردىء وإظهار المحاسن والمساوىء.
ومن آيات انطباعيته الشروع غالبا بالتقديم بذكر المناسبة والتعريف بالشاعر، وذكر الظروف الخاصة بالاهداء، والتوقف عند قصائد الديوان واحدة واحدة، وشرح وجهة النظر الذاتية فيما طرق من موضوعات وفيما ينبغي ان يطرق، وهو صريح في حكمه حاد في نقده، فهو في دراسته لديوان أصداء الرابية للزمخشري يشير الى انه خامس ديوان للشاعر وأن الشاعر ذو شاعرية خصبة وعواطف مشبوبة لا ينضب لها معين، ولا يخبو أوارها، بهذه العبارات الإنشائية يستهل نقده للديوان ثم يتحدث عن إهداء الشعر ديوانه له ويدلف بعد ذلك الى المقدمة مستنكرا الوقوف عند المشاعر الذاتية ويدعو الى تأدية الواجب نحو المجتمع, والواقع والانتباه الى المشكلات التي تهدد الأمة، غير انه يستدرك فينفي عن نفسه تهمة اللاتزام في الأدب او الواقعية المتطرفة ولكنه يشير الى مقته للذاتية المحدودة.
** ثم يستعرض القصائد مشيرا الى ان اولاها لبيك,, لبيك مجرد منظومة مقارنا بين أسلوب الشاعر وعبارات أهل الكذبة من الذين يسألون الناس إلحافا مما يذكرني بنقد العقاد لأحمد شوقي في الديوان حين يتهمه في رثائه لمصطفى كامل بأنه اشبه بما يردده الشحاذون على أبواب الأغنياء.
ويعمد في نقده للقصائد الأخرى بإصدار الأحكام العامة كقوله عن قصيدة اليك عني بأن فيها امتزاجا بين العاطفة والفكرة، كما يعيب عليه استخدامه لبعض الألفاظ ككلمة يوصوص فهي ليست كلمة شعرية كما يقول (فيها نشار محسوس) ويمضي فيما يشبه الشرح لبعض معاني القصيدة، ويعمد الى التنبيه على قضايا متعلقة ببناء القصيدة كالوحدة العضوية، فأخذ على الشاعر افتقاد الانسجام بين رباعياته، ويتوقف قليلا عند بعض الظواهر ليقارن بين الأسس الفنية لبعض المدارس الأدبية، كالواقعية والرومانسية, مشيرا الى ما وفق فيه الشاعر والى ما لم يوفق، وكثيرا ما نجد أحكاما قاسية كوصف القصيدة بالهيكل اللفظي البالي والتصوير الفوتوغرافي الباهت او السطحية والابتذال والتناقض.
وفي مقابل ذلك نجد احكاما يغدق فيها على القصائد التقريظ الجم كما في دراسته لديوان سوار الياسمين لفؤاد الخشن، فالعنوان كما يقول يلج الوجدان دون استئذان وفي منتهى الرقة ونعومة المذاق وحلاوة الايقاع والجمال الشعري العاطفي.
ويومىء الى بعض الظواهر العامة كوحدة الاتجاه في الديوان الذي هو من سنن التجديد في الشعر المعاصر، ويقارن بين اتجاه وآخر، فهو يومىء الى ان غنائية الخشن في تجردها كغنائية نزال، ويسجل اعتراضه على الذاتية كما فعل حين عرض للزمخشري في ديوانه المشار اليه.
وتتصف بعض دراساته بالايجاز كماهي الحال في هذه الدارسة التي لم تستغرق سوى ست صفحات من القطع المتوسط، غيره انه في مقاربته لديوانه الآخر غابة الزيتون يتوسع قليلا غير انه يكرر بعض أحكامه التي اوردها في المقالة السابقة حيث يشير الى انه يترسم خطى نزار قباني لأنه جعل المرأة ملهمته ومنتجعا لعواطفه، وقارن بين الديوانين الأول والثاني فأشار الى انه سلك مسارا بين بين فلم يتسم بالانعزالية العاطفية ولا الالتزام الكامل، بل كان في إطار المشاركة الوجدانية الإنسانية على نطاق ضيق جدا، وبعد ان استعرض موضوعات بعض القصائد عاد الى الأحكام العامة حيث التصوير اللطيف والتعبيرات البسيطة .
** ويشير في بعض الأحيان الى فلسفة الشاعر المتفائلة او المتشائمة كما يومىء الى بعض الظواهر الخاصة في الديوان كعدم التناسق في الالوان او التكلف والافتعال او افتقاد الايقاع الموسيقي والوضوح في الصورة، كما انه يتتبع ما يسميه (الهفات الهينات) كما أكد منهجه في رصد بعض الألفاظ غير الشعرية، ويقارن بين الشعراء القدامى والمحدثين، كما فعل حين أشار الى بعض الظواهر المشتركة بين الخشن وأبي فراس، وبين الخشن وأحمد الصافي النجفي.
وينحو منحى اخلاقيا في بعض نقداته كاستنكاره أن يصف الشاعر زوجته وصفا جسديا ويشهر ذلك على رؤوس الاشهاد.
ويتوقف عند بعض المسائل في مستهل دراساته لبعض الدواوين كظلم التاريخ للنساء الشواعر متسائلا عن السبب في خلو الميدان الشعري من الفوارس الأنثوية أو قلتهن، فالنساء شقائق الرجال، ويتمهل عند المقدمات التي يكتبها بعض الأدباء للشعراء او الشواعر، وانسجاما مع منهجه الأخلاقي يرى ان الشاعرة غادة الصحراء قد باحت أو جاوزت منطقة البوح لانها نثرت ما في كنانتها من عشق وتوله وحب.
وينتقد ابن ادريس التقسيمات داخل الديوان فيرى انها غريبة حيث لا تتسق المضامين مع العناوين العامة، فليس ثمة علاقة بين المضامين وتلك العناوين بل ثمة تناقض أحيانا وأن العلاقة بين العام والخاص يندرج تحت إطار اللف والنشر وفقا للبلاغة التقليدية.
ويشير الى بعض مظاهر الخصوصية في ديوان الشاعرة السابقة وتتمثل في قلب المفهوم السائد عن المرأة بوصفها ملهمة حيث يصبح الرجل هو الملهم.
** ويطرح الشاعر في مقدمة احدى مقارباته مفهوما للشعر يتمثل في قوله انه إحساس نفساني صادق تعبر ألفاظه وموسيقاه الماتعة وأنغامه المتساوقة عن أثر هذا الاحساس في نفس الشاعر وصداه في قرارة عقله الباطن مفصحا مما يجيش بالنفس الإنسانية من عواطف ومشاعر، وما يكتنف الحياة من روافد الخير والشر,,, إلخ.
ويبرز رؤيته لوظيفة الشعر بوصفه صورة لمجتمعه ومرآة لشعبه، كما يتحدث عن ملامح خاصة بجماليات القصيدة كالبناء الدرامي والبسط القصصي، كما يضيف المضمون في اتجاه واقعي وآخر رومانسي، وكانت هاتان المدرستان لهما سماتهما الموضوعية فحسب دون الجمالية، وقد اعتبر الرومانسية مرحلة أولى في رحلة شاعر هو سعد دعبيس في ديوانه أغاني الإنسان، أما الواقعية فهي مرحلة النضج الحقيقي.
ويتخذ موقفا من دعاة الالتزام ويسميهم (الملزمون)، ويقول إنهم لا يفرقون بين وظيفتي الشعر والكتابة النثرية، مشيرا الى حاجة النفس البشرية للتعبير عن ميولها العاطفية، وكأننا نلمح تناقضا بين وقته للشعر الذاتي الذي أعرب عنه في بداية الكتاب وما يقوله هنا عن الالتزام، لكنه يعود فيستدرك مشيرا الى انه ضد الانطواء داخل الذات وتناسي قضايا الأمة والمجتمع.
ويناقش في مقاربته لديوان عثمان بن سيار (ترانيم وآلة مسألة الشعر الحر) مشيرا الى أن الغزل في رأيه لا يصلح ان يركب الموجة الجديدة من الشعر الحر، وأنه بوصفه تناغما وجدانيا ما بين الروح والجسد لا تعبر عنه إلا موسيقى الشعر العمودي المتساوقة ويدرج الشاعر ضمن الشعراء الوطنيين,
** ومن القضايا التي ناقشها في هذه المقاربة مفهوم النقد الأدبي مشيرا الى ضرورة التجرد من الأهواء الشخصية وأنه لابد من الجمع بين ذكر محاسن الأثر ومساوئه، ثم يناقش قضية تأثر ابن سيار بيزيد بن الطثرية في بعض أبياته، وفي اعتقادي أن المعاني التي اشار اليها الناقد معان عامة مطروقة فمسألة (القرب والبعد من الحبيب) من المسائل المرتبطة بالعواطف الإنسانية وأن نقاط التأثير أو عدمه هو أسلوب التفاول.
ويؤكد منهجه الأخلاقي في استنكاره لقصيدة (مأساتها) للشاعر ابن سيار لأنها تدور حول منحرفة تبرر انجرافها وتمنى ان لو طواها الشاعر الى الابد على حد تعبيره، وأن الشاعر بدلا من أن يؤنبها ويوجهها أخذ يبكي تعاطفا معها.
ويناقش النقد علاقة الشعر بالحياة الخاصة في مقاربته لديوان الطائر الغريب لحسين سرحان، وقد ناقش من قبل ارتباط القصيدة بالواقع، كما انه عمد الى استخلاص السمات العامة للتجربة الشعرية مرتكزا على خصوصية النزوع الى السخرية والاستخدام اللغوي ومقارنا بين استخدام الرمز لديه ولدى الحداثيين ويلمح بعض الملاحظات الكلية في الديوان وينتبه الى مسألة مهمة تتمثل في ان بعض قصائد الشاعر لا تنتهي النهاية المأمولة التي من شأنها الافضاء بكلية التجربة.
** ومن الملامح المهمة في هذا الكتاب محاورته لعزيز ضياء فيما كتبه عن ديوان ابن ادريس (في زورقي) وهو محاورة تدور حول الصياغة والتشكيل من منطلق الذوق اللغوي الخالص، وقد بدا انه في تلك المحاورات كان أقرب الى شمولية الرؤية للظاهرة الأدبية، وللعنصر الجمالي، فقد لامس أفق السياق النصي بوصفه كيانا حيا متناميا له وجوده الخاص الذي يفارق منطق الواقع ويتجاوز الدلالة المألوفة، وخصوصا حينما ناقش موضوع الصورة ومفهومها في قصيدته التي عرض لها الاستاذ عزيز ضياء.
ومهما يكن من أمر فإن عبدالله بن ادريس من النقاد الرواد الذين ارهصوا ببدايات التحول نحو المنهجية النقدية في الدراسات الأدبية في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات من هذا القرن وأنه لم يكن بمنأى عما كان دائرا من حوار نقدي حول علاقة الأدب بالواقع في الساحة الثقافية وخصوصا في مصر بخاصة، وفي العالم العربي بعامة.
|
|
|