Wednesday 25th August, 1999 G No. 9827جريدة الجزيرة الاربعاء 14 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9827


السهل الممتنع
رحمك الله,, يا فيصل العرب
صالح السليمان

قال تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).
نعم لقد كان النبأ صاعقاً,, والخبر مفاجئاً,, نبأ لم تستوعبه العقول,, وتلقاه الناس في ذهول,, يا الله,, ما اقصر هذه الدنيا,, لقد كان فيصل ملء السمع والبصر,, وبطرفة عين,, رحل عن هذه الدنيا,, اللهم رحمتك يارب,.
تقاطر الناس على الوسائل الاعلامية يترصدون منها الاخبار,, وهم ما بين مكذب ومصدق,, هل رحل الامير ذو القلب الكبير,, أمير الشباب العربي,, واضع اكبر بصمة وأثر على الساحة الشبابية العربية,, انها لفجيعة حقا,, ومصاب جلل وخسارة فادحة,, للشباب والرياضة العربية,.
حكم المنية في البرية جاري
ما هذه الدنيا بدار قرار
يذهب رجال ويأتي آخرون,, ولكن فيصل ليس اي فيصل,, انه شخصية فذة لاتأتي كل مرة,, لقد خلف تركة ثقيلة ليس من السهل حملها,, وورث فراغاً كبيراً من الصعب ملئه,, وترك جرحاً غائراً لايبرأ بسهولة,, وخسرته الرياضة العربية خسارة لن تعوّض,.
غادرنا فيصل بقلبه الكبير,, وصدره الواسع,, ويده الحانية التي تمسح على رأس اليتيم والمسكين,.
اللهم ارحم عبدك فيصل بن فهد,, لقد أتاك بعمله القليل,, ويرجو ثوابك الجزيل,, فاللهم ارحمه وعافه واعف عنه,.
لم يكد يدفن والدته الكريمة ويندبها,, ولم يكد يجف ثراها وتربتها,, حتى لحق بها,, ابن بار يلحق أمه الحنون,, اللهم اجمعهما في دار كرامتك,, يا ارحم الراحمين,.
لقد كانت اعماله الخيرية معروفة,, وفي السنتين الاخيرتين,, انطلقت يده بعمل الخير واعمال البر والاغاثة والصدقات,, بما جعله مضرب المثل عند الناس,, وامثولة يحتذى بها,, فقد كانت مواساته للمنكوبين واليتامى والارامل والبائسين,, يجري ذكرها على كل لسان,.
عن انس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قيل كيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت ثم يقبضه عليه)
فقط قبل يومين قدّم تبرعاً خيريا لدار الايتام بعمّان بمليون دولار,, عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا).
رحل كافل الايتام وجابر كسر الارامل وماسح دموع الثكالى ونصير المنكوبين,, رحل ركنهم الشديد بعد الله,, فاللهم اجبر كسرهم وارحم ضعفهم,, وعوّضهم خيراً منه.
لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا فرس يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد شهم
يموت بخلقه خلق كثير
ووفاء لذكرى الراحل,, لعل من المستحسن تأسيس مؤسسة للوقف الخيري باسم الأمير فيصل,, تكون استمراراً لاعماله الاغاثية والخيرية,, فيستمر الدعاء له في الممات كما كان في الحياة,, لقد كان الامير الراحل ذو شخصية ساحرة وقيادية,, كان مبهراً بشخصيته المهيمنة على ساحة الرياضة العربية,, فكان يستقبل في الدول استقبال الرؤساء,, ويحتفى به احتفاء الملوك,, واينما حل بمكان فهو الضيف الكبير,.
رحل كما ترحل الشخصيات العالمية,, فتناقلت خبر وفاته وكالات الانباء العالمية وتصدّر نشرات الانباء في اكبر الاذاعات والقنوات التلفزيونية والفضائية,, وأفردت له مساحات واسعة للتعليق على هذا الحدث وإلقاء الضوء على شخصيته,, حتى إذاعة ال(BBC) اشهر إذاعة عالمية بثت الخبر في جميع نشراتها الاخبارية على مدار الاربع والعشرين ساعة وهو نادراً ما يحصل لشخصية غير سياسية,, انها شخصية عالمية حقيقية,.
رحل فيصل,, رحل رائد الرياضة العربية الاول,, بعد ان خلف نهضة رياضية عربية,, إنجازاتها تتحدث عن نفسها,, أخرج الرياضة العربية من تحت الرماد,, ونفض عنها الغبار,, وصنع منظومة رائعة من المنافسات والبطولات والدورات العربية,, منظومة كان الحديث عن إقامتها قبل فيصل ضرباً من الخيال والأوهام,, وبعد ان كانت الاندية والمنتخبات تختلق الاعذار للتهرب منها,, اصبحت تتسابق على المشاركة بها وتتصارع على استضافتها,, وبعد الله,, فالفضل لفيصل العرب,.
لقد استخدم نفوذه وجاهه في مصلحة ورفعة الرياضة العربية في المحافل الدولية,, وآخرها تسلّمه للملف الذي يحضن الطلب المغربي لتنظيم مونديال 2006م وقال رحمه الله وهو يهز الملف بيده (هذا الملف العربي وليس المغربي) متعهداً بأنه سيضع كامل ثقله خلف هذا الملف لدى الفيفا,, وعندما يضع نصب عينيه هدفا فإنه بإذن الله يحققه,, ولكنه رحل ليبقى الملف في مهب الريح!,.
لم يحرص على شيء حرصه على الوئام والاخوة العربية والتقريب بين الشباب العربي وإصلاح ذات البين وإزالة بذور الشقاق والتفرقة,, وحل المشاكل والازمات,, فهو خلف التقارب الرياضي العربي رغم التباعد السياسي بينهم احيانا,.
وكان الفقيد يتمتع بأريحية واسعة وبعد نظر ثاقب,, فكان يقدم التقارب مع الشباب الخليجي والعربي ولو كان على حساب الرياضة السعودية,, لانه ينظر لاهداف اسمى من الفوز والخسارة,, ولعلنا نذكر عندما انسحبت البحرين من دورة الخليج لتقع الدورة في ازمة قانونية وفنية,, ليبادر الامير فيصل ويمنح الكأس للكويت وهو على ثقة ان الكرة السعودية سيأتي يوم تحوز فيه قصب السبق على الكرة الخليجية,, وقد كان,.
واشتهر رحمه الله (بلزمته) المعتادة في اي تصريح او مقابلة,, بأن يحمد الله ويثني عليه ويشكره على نعمه الجسيمة ويؤكد على ان اعظم نعمة واكبر ثروة لدينا هي العقيدة الاسلامية ونعمة الاسلام,, هذا هو فيصل فقيد الشباب العربي.
اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقّه من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس وابدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من اهله وزوجا خيرا من زوجه وادخله الجنة واعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار,.
وكما نعزي انفسنا,, نقدم تعازينا الخالصة الى خادم الحرمين الشريفين وسمو نائب خادم الحرمين الشريفين والنائب الثاني وابناء الفقيد واخوانه والعائلة المالكة والشعب السعودي والعربي,.
,, إنا لله وإنا إليه راجعون,.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved