Wednesday 25th August, 1999 G No. 9827جريدة الجزيرة الاربعاء 14 ,جمادى الاولى 1420 العدد 9827


وانطفأ وهج السراج
مريم شرف الدين

وأنطفأ وهج السراج الذي اضاء مسيرة الرياضة السعودية فغير مجرى مسارها, رحل الفيصل ولم يحقق هذه النقلة فحسب لرياضتنا وانما خلف سجلاً حافلاً من النجاح والعطاء الانساني الجميل المليء بمواقفه الانسانية وكرم اخلاقه وطيب مناقبه التي شملت كل بيت سعودي وعربي وكل انسان امتدت اليه اياديه البيضاء الحانية يرحمه الله.
كانت مشاركته للآخرين كما تهمى قطرات المطر في دروبهم تزرع التفاؤل والأمل في مساحات حياتهم لتمتد يداه الكريمتان بعطف وسخاء لكل طالب حاجة ليفيض كرمه وعطفه وجزيل احسانه,, لتتحول تلك الدروب المقتمة في حياتهم الى عالم يشع بين زواياه نور فيصل وشعاعه الانساني ليزيل عنهم الآلام والهموم فيكفكف بيديه دمعة هذا ويسارع لتخفيف وجع ذاك,, يهب مسارعا لنجدة الجميع ليحيطهم بأجمل معاني الرحمة التي أوجدها الله في هذا القلب الكبير والتي نادراً ما تتمثل في القلب الانساني.
هذا الذي يستشعر بانسانيته دائماً حجم معاناتهم ليكون يرحمه الله البلسم الشافي الذي يضمد جراحات الآخرين.
ومن منا لم يبك الفيصل او تدمع عيناه على رجل المواقف الصعبة كما يمكنني ان اطلق عليه وبعد ان اصبح في دار البقاء اليوم ورحل عن دار القرار,, من منا لم يبك على امير الشباب وهذا النبع الصافي السريرة المفعم بالحنان,, الذي توقف نبض تدفقه ومن منا سينسى الفيصل الذي عندما ينبغي لنا ان نتحدث عنه لا بد من ان نتحدث عنه ليس كرجل رياضة وتركيزنا فقط على هذا الجانب فحسب وانما هو من كان الواحة الوارفة التي تمتد الى اقاليم النفس لتظللها بدفء حنانه واحاسيسه التي تذيب صقيع الألم وجمود المشاعر.
كان شلالاً يتدفق بالمشاعر الانسانية الصادقة التي حملها بين حناياه,, ليقذف بها على الصغير قبل الكبير,, ليقتحم جدار اللحظات ويلغي جميع المسافات التي قد تفصل بينه وبين الآخرين.
ومن منا سينسى المواقف الجميلة التي غرسها سموه بانسانيته التي لم تكن بحديثة عهد عليه يرحمه الله او ثوباً مزركشاً يحاول ان يتباهى او ان يتجمل به امام الآخرين بغية جذب انظارهم او لفت اهتمامهم باعماله.
وكانت جميع اعماله صادقة خالصة لوجه الله تعالى وكسب مرضاته,, بعد ان اراد رحمه الله من هذه الاعمال الخيرة نشر اشعاع هذا الضياء ليبقى اشرعة حب ترتحل الى مدن الفضيلة ورجاء الثواب واسدال هذه المظلة التي حملت اجمل المعاني الحقيقية لما يحمله الفيصل من مشاعر انسانية.
من منا,, سينسى الفجر الذي بدد الظلمة الحالكة التي اغرقت الكثيرين في همومهم وأوجاعهم لتتحول الى ايام ضاحكة مستبشرة مع بزوغ هذا الفجر لتتلاشى كل معاناتهم, وان اردت ان احرك سكون قلمي من الدهشة التي اصابته برحيل الفيصل والوجع الذي ألجم السنة الكثيرين منا للحديث عن الفيصل,, فقد شعرت في هذه اللحظات,, بان قلمي اصابه العجز امام افتقاري للكلمات والمعاني التي يمكنني بها مواساة انفسنا وعزاء مصابنا في الأمير الانسان وبقدر ما انطلق قلمي الا انني وجدته الآن يتراجع عن تسطير المزيد من العبارات التي يمكنني اضافتها الى ذلك السجل الحافل,, لانه بعد انطفاء وهج هذا السراج وتوقد الدفء الذي احتوى به الكثيرين والكثيرين,, ان انسانية الفيصل ستبقى ترنيمة خير نرددها في ايامنا القادمة.
فنلمح الفيصل كما الحلم الذي تحولت به الايام المجدية الى جنة خضراء وتفيق الازهار المستغرقة في سباتها لتنشر عبق عطرها في انفاسنا نشتم فيها كل الخصال الجميلة التي حملها الفيصل في داخله ولم يحاول ان يبخل بها على هذا او ذاك,, وان لن يهون مصابنا ووجعنا على رحيل الفيصل الا ان قلبه الكبير بحجم مساحات هذا الكون باكمله,, واحتوائه للجميع بين حناياه, ستتحول كل نبضة فيه الى قطرات الندى التي تتساقط على ايقاع وترنيمات الشوق التي ستشدو بها كل القلوب التي اعتصرت حزناً والماً على رحيل الفيصل,, الطيب الخصال,, الكريم الافعال,, الشهم الهمام الذي تربى في مدرسة والده خادم الحرمين الشريفين ونهل من مورد مناقبه الكثير من الصفات التي جعلته واحداً من خيرة شباب ورجال بلدنا الحبيب.
الفيصل يرحمه الله لم ينتظر الجزاء على جميع افعاله سوى من الله سبحانه وتعالى,, فاعتقد اننا في حاجة الى ما يخلد ذكرى هذا (الأمير الانسان) ويتضمن جميع انجازاته وتسطير تاريخه الحافل بالكثير والكثير من العطاءات.
وليتنا نستجمع حواسنا ومشاعرنا لنتذكر بيننا وبين انفسنا كيف كان الفيصل وماذا قدم واين اصبح اليوم,, ليكون جوار الرفيق الاعلى الذي لا يدوم وجه سواه ونرفع الأكف في ضراعة الى الله سبحانه وتعالى لنسأل له الرحمة والمغفرة وان يجزل له فيض هذا العطاء,, ويجزيه مثوبة اعماله,, ويضاعفها له من موازين حسناته داعية للفقيد ان يدخله فسيح جناته,, وان يجعله من اهل الفردوس الاعلى ويوسع في قبره,, وان يحسن نزله ويجيره من عذاب النار.
وان نسأل الله سبحانه وتعالى ان يلهم والده خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله,, وسمو نائبه وسمو النائب الثاني واخوته واخواته - وزوجته وأبناءه,, وكافة افراد الأسرة المالكة الصبر والسلوان وان يمنحهم الأجر والثواب على مصيبتهم هذه, وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون .
رحم الله الفيصل واسكنه فسيح جناته.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الفنيـــة
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
المحرر الأمني
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved